الرئيسية / صوت الوطن / رياح التغيير وفرامل الشدّ إلى الوراء
رياح التغيير وفرامل الشدّ إلى الوراء

رياح التغيير وفرامل الشدّ إلى الوراء

عمار عمروسية 

“قال السماء كئيبة وتجهم *
قلت ابتسم يكفي التجهم في السماء”
إيليا أبو ماضي

يبدو أنّ غيمة السّحب الكثيفة قد وضعت أوزارها على سماء البلد وآفاق تطوّراته المستقبلية. فأثقال الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تلهم تلك الغيمة عناصر الاستمرار والاقتراب السريع من دائرة الزّوابع والهزّات العنيفة.

فسماء البلد داكنة وأرضها حبلى وجميع المؤشرات الموضوعيّة تدفع إلى الاعتقاد أوّلا بأنّ “غسّالة النوادر” قادمة لإعادة المعاني الحقيقية لرائعة أغنية “البحث الموسيقى “هيلا هيلا يامطر * أغسلي أوراق الشجر” وثانيا بأنّ أرض الجدب اعتملت خمائرها نحو عطاء جديد.

فأوضاع البلاد شديدة الصّعوبة والتّعقيد على جميع الأصعدة والحالة في سماتها الأساسية متقاربة إلى حدود كبيرة مع مظاهر الأزمات التي عصفت بتونس في فترات متباينة من حكم “بورقيبة” و”بن علي” و”الترويكا”.

فأزمة منظومة الحكم الحالية دخلت منذ أسابيع طور التّعفن، ووضعت الدّولة في حالة تشابه العجز والشلل. وهو أمر منطقيّ بالعودة إلى انغماس مراكز الحكم الثلاث (رئاسة، برلمان، حكومة) في خوض حروب تحصين المواقع والمغانم بطرق هابطة تلامس كسر العظام الذي يعسّر على جميعهم الانكفاء نحو الخلف وترميم بيت التّحالف الذي تداعت أركانه نحو سقوط نهائي.

والأزمة الاقتصادية والماليّة تشارف بأن تضع “تونس” نحو إفلاس حقيقي غير مسبوق وسط صعوبات “الإنقاذ” الخارجي نتيجة الآثار المدّمرّة لجائحة كورونا.
وبالتّوازي مع ذلك تتزايد الفوارق الطبقيّة التي تشقّ المجتمع وتضيق القاعدة الاجتماعيّة للقابلين بمنظومة الحكم مقابل تزايد الغاضبين من تدهور الأوضاع وتردّيها الحاصل حاليا.

فمشاعر القلق والتّذمّر من سوء الأمور في جميع المجالات هو القاسم المشترك بين اغلب الفئات الاجتماعيّة والخوف من القادم تحت هذه المنظومة هو الرّابط بين ضحايا خيارات التّوحش الاقتصادي والفوضى السياسيّة المولعة بنزعات محاولات تكميم الأفواه والاستدارة نحو الاستبداد والمقاربات الأمنية الفضّة.

مثقلة أوضاع البلد فجماعة “الفوق” ونقصد الحكم يسابقون الوقت للحفاظ على مصالحهم ومن الأكيد أنّ غرف مطابخهم السياسية تجهّز وصفات التّحايل وربح الوقت على حساب جمهور “التّحت” وبوادر نهوضه القادم الذي قد يعرف آفاقا أرحب بعد عيد الفطر.

أصحاب السّواعد الجبّارة من عمْال وفلاّحين وأجراء ومهمّشين ينهضون لنفض الغبار عن أنفسهم بما يعيد للحراك الاجتماعي حيويٍته وقوله الفصل في إيقاف عجلة السّير نحو الخلف وتجاه قاع خراب الإصلاحات المزعومة التي يبشّر بها السيد “الفخفاخ”.

معركة المنازلات حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعيّة انطلقت منذ أسابيع خجولة ومتفرقة في أكثر من قطاع وجهة، ومن المحتمل جدّا أن تعرف وتائر وأنساق مرتفعة في قادم الأيّام بدخول عمّال الحضائر ومسرحي القطاع الخاص حلبة المعركة إلى جانب فقراء الوظيفة العمومية وسائر المهمّشين وضحايا أشكال التشغيل الهش مثل الأساتذة والمعلمين النّواب الخ….

مثقلة أوضاع البلد وحالة الاختناق السياسي فتحت الباب واسعا أمام مشروعية التغيير الجذري على هذه الواجهة بما يعيد السلطة إلى الشعب ويوفّر الإطار الملائم للتقدّم نحو تحقيق أهداف الثورة في جميع أبعادها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

سبعة عشر − اثنان =

إلى الأعلى
×