الرئيسية / صوت الوطن / دربي “الفوق” و”ريمونتادا” التّحت
دربي “الفوق” و”ريمونتادا” التّحت

دربي “الفوق” و”ريمونتادا” التّحت

عمار عمروسية 

تتسارع وقائع كسر العظام بين مراكز نفوذ الحكم في البلاد وتلامس حدود الاقتراب من ساعة الحسم في معركة جوارح السلطة وجياع الرّقص على وطن مستباح وشعب منهك.
مراكز الحكم الأساسيّة تعي جيدّا عامل الوقت في تحديد نتائج معارك التّحكّم في الحاضر والمستقبل. فالوقت لدى الجميع من ذهب لتحقيق الأهداف وجميع الأسلحة مباحة.
فالغاية بالنسبة إلى جميعهم تبرّر الوسيلة. فلا ثبات على موقف ولا حفاظ على حليف أو صديق. السيّاسة في عرف الكلّ “بوليتيك” يحكمه الموقع والمصلحة الخاصّة وهو ما يعطي مبرّرات الانقلابات الحادّة في تبدّل المواقف مثل وضعنا الرّاهن.
“سيرك” السياسة عفن ومنحطّ وهو أقرب إلى الملهاة الدراميّة المثيرة لأقسى مشاعر القرف والدّوار تماما مثل فصول مسرحيّة رجل الصدفة “الفخفاخ” وحكومة الضرورة الملغومة.
فسيّد فضائح الفساد الذي حقنه رئيس الجمهوريّة في شرايين الحكم وثبّت وجوده المهتزّ حتى يوم أمس في وجه انقلاب حركة “النّهضة” ذهب أدراج رياح حاميه مساء هذا اليوم بعد أن استجاب إلى طلب وليّ نعمته وقدّم استقالته لقطع الطريق أمام لائحة سحب الثقة المقدّمة من قبل “جبهة النهضة”.
ما يحدث دون شكّ عبث من زاوية مصالح البلاد وشعبها غير أنّه من لوازم الضرب فوق الحزام وتحته من شركاء الحكم الأعداء.
فاستقالة “الفخفاخ” اليوم هي تحصين لحاكم قرطاج وصلوحياته الدستوريّة في التّكايف الجديد وسحب بساط من تحت “شورى النّهضة”.
فالكرة مرّة أخرى عند الرئيس والأحزاب الماسكة بتلابيبه والرّيح عند “النّهضة” التي قد تتعمٰق خسائرها بإزاحة “الغنوشي” من رئاسة البرلمان.
ربح “سعيد” جولة من معركة طويلة وقاسية ومن الصٌعب تحديد مآلاتها الآن بالنّظر إلى تفاعلات معطيات الدّاخل المنقلبة بعوامل التّحولات الإقليميّة العاصفة وخصوصا بالشقيقة “ليبيا” بعد نيل “السيسي” موافقة برلمان “طبرق” للتّدخل العسكري.
صراع “الفوق” ينحصر حول الحكم ولا يطال مطلقا الخيارات السياسيّة والاقتصادية والاجتماعيّة التي تسحق الأغلبية من شعب تونس التي تدفعه أوضاعه المتّرديّة إلى النّهوض والمقاومة في ظروف مناخية صعبة (حرارة الصيف) وتحت حصار إعلامي مخيف تتخلّله من حين لآخر محاولات تجريم حراكه المشروع.
صراع “الفوق” أضعف الدّولة ووضعها على طريق التّفكّك، فمؤسسات الحكم الأساسيّة أضحت منصّات لتنظيم مراكز النّفوذ المتنافرة.
شعب “التّحت” وضحايا النّظام يدفعون كلّ يوم أثمان سياسات التّوحش الاقتصادي والخراب الاجتماعيّ المستمرّ رغم تبدّل واجهات الحكم (أحزاب، حكومة، رئيس، برلمان…) الأمر الذي يطرح من جديد على شعب المقهورين توحيد حراكهم وفتحه على آفاق شاملة وعامّة تعيد للمسار الثوري أهدافه النبيلة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×