الرئيسية / صوت العالم / حرب الصّور… غزّة المنتصرة ومارك الذي يشطب الاعترافات
حرب الصّور… غزّة المنتصرة ومارك الذي يشطب الاعترافات

حرب الصّور… غزّة المنتصرة ومارك الذي يشطب الاعترافات

 

عمر حفيظ

كولن باول  وزير الخارجيّة الأمريكيّ الأسبق اعترف أنّه كذب بخصوص امتلاك أمريكا أدلّة قاطعة على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، في حرب الخليج الثّانية 2003.

كثيرون حتّى من النّاس العاديّين كانوا يعرفون أنّ كولن باول يكذب رغم أنّه اجتهد في إظهار الصّور والحديث عنها والتّوقّف عند بعض تفاصيلها. ولعلّ تلك الصّور لم تكن موجّهة للرّأي العامّ العربيّ المغلوب على أمره بقدر ما كانت موجّهة إلى المتردّدين والشّاكين من الغربيّين لإقناعهم بأنّ العراق يمتلك أسلحة دمار شاملة وأنّ وجودها هناك خطر داهم.

للصّورة، إذن، سلطتها. والصّورة التي رسمها ويرسمها الغرب الإمبرياليّ باستمرار للشّعوب المستعمَرَة المقهورة هي صورة الوحوش التي يجب أن تُرَوَّضَ أو تسْجَنَ في أقفاص أو تُقتل. والغرب الإمبرياليّ يجتهد في الحفاظ على هذه الصّورة التي اختارها للعرب – وهم من الشّعوب المستعمَرَة – وللأسف وجد من يساعده على أن يُحافظ عليها لذلك ألفينا القائمين على الفايسبوك (مارك وأعوانه ومساعدوه) يحذفون وثيقة مصوّرة فيها اعتراف لأسيرة صهيونيّة تتحدّث فيها عن حسن المعاملة التي لقيتها هي وابنتها من قِبَلِ المقاومة الفلسطينيّة في غزّة : صورة امرأة ومعها ابنتها وفي يد كلّ منها شيئا من المأكولات… وبعض ابتسامة في الوجه… ووثيقة اعتراف بأنّها (الأمّ) لم تلق هي وابنتها إلاّ المعاملة الحسنة.

هذه الصّورة تُحذف، وكلّ من نشرها أو أعاد نشرها وصله تهديد بتقليص حريّته في النّشر أو إغلاق حسابه دفعة واحدة…

لماذا؟؟؟؟ 

يدّعي مارك أنّ هذه الصّورة تناقض معاييره؟!

تحذف هذه الصّورة لأنّها تنقض الصّورة التي يريد لها مارك أن تظلّ راسخة في الذّاكرة الإدراكيّة والبصريّة. والصّورة الرّاسخة هي صورة العرب الوحوش ومصّاصي الدّماء والهمج. وهذه الصّورة البشعة التي أنشأها هو وجد – للأسف مثلما أسلفنا – من يساعده على ترسيخها… ساعدته على ترسيخها داعش… ساعده على ترسيخها الإرهابيّون الذين يحزّون الرّؤوس… ساعده عليها شيوخ ودعاة كانوا ينادون للجهاد في سوريا وليبيا وكانوا يرون “الملائكة تحارب مع إخوانهم المجاهدين” ولكنّهم لم يروا الأقصى الآن… ولم يسمعوا القدس… ساعده عليها شيوخ ودعاة كانوا ينادون لجهاد النّكاح ويلعنون من يسويّ بين “الفرخة” و”الدّيك” بعبارة وجدي غنيم.

هذه هي الصّورة التي يريد الغرب الإمبرياليّ الاستعماريّ أن تظلّ مهيمنة تتشكّل في كلّ مرّة وبأموال عربيّة. لكن يبدو أنّ المقاومة الفلسطينيّة فهمت أنّ حرب الصّور لا تقلّ أهميّة عن الحرب بالرّصاص، فبدأت في تشكيل الصّور الحقيقيّة لمن يدافع عن أرضه ويستشهد على ترابها، وإذا أسَرَ عدوَّه سليما أو جريحا فإنّه يعامله بإنسانيّة مفرطة في إنسانيّتها ليعلّمه أنّه لا فرق بين الاستماتة في الدّفاع عن الوطن والاستماتة في التّمسّك بالإنسانيّة… وهذا ما يفتقده الصّهيونيّ والمتصهين. يقول درويش في قصيدة حالة حصار :

إلى قاتل : لو تأمّلتَ وجهَ الضحيّه

وفكّرتَ، كنتَ تذكّرتَ أمّك في غرفة

الغاز، كنتَ تحرّرتَ من حكمة البندقيّه

وغيّرتَ رأيك : ما هكذا تستعاد الهويّه !

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×