الرئيسية / الافتتاحية / أمريكا ولعبة صبّ الزيت على النار
أمريكا ولعبة صبّ الزيت على النار

أمريكا ولعبة صبّ الزيت على النار

”أمريكا هي الطاعون
والطاعون أمريكا“
م. درويش

لم تصمد طويلا اسطوانة الكذب التي يديرها على أفواههم ساسة البيت الأبيض و”البنتاغون”، ذلك أن مزاعمهم بالعمل المتواصل على احتواء مشاكل الشرق الأوسط وتجنّب كل تصعيد من شأنه مفاقمة أوضاع المنطقة الملتهبة بتداعيات العدوان الإجرامي البشع على الشعب الفلسطيني في “غزة” و”الضفة الغربية”.
فأمريكا التْي رمت بكلّ ثقلها العسكري والديبلوماسي والمالي في أفضع عدوانات عصرنا الحديث ضدّ أطفال ونساء “غزة” واستمرّت بصلف كبير في إدارة “هولوكوست” هذه الألفية مستعملة كلْ الطّرق والحيل لتعطيل جميع مساعي وقف العدوان الذي خلّف حصيلة خسائر بشرية ومادية مهولة.
بالتوازي مع هذا الإنسياق الأعمى في جرائم الإبادة الجماعية وإدارة الوجه عن شلّال الدّم الفلسطيني ثارت ثائرة الإدارة الأمريكية وقفزت بسرعة عجيبة على معزوفة عدم التصعيد وانطلقت في توجيه ضربات عسكرية ضدّ أكثر من بلد في المنطقة.
فبمجرّد سقوط 3 جنود من جيش الغزاة الأمريكان قتلى على الأراضي الأردنية إثر إحدى عمليات المقاومة العراقية وجد “بايدن” الوقاحة ليصرّح بالقول “قلب أمريكا مثقل وينفطر لمقتل جنودنا”!!! وأردف عزم بلاده على معاقبة الفاعلين “والدخول الفوري في سلسلة هجمات مكثّفة ضدّ كلّ من “اليمن” و”العراق” و”سوريا”، مع التلويح باستهداف القوّات البحرية لدولة “إيران”.
أكثر من ذلك فالولايات المتحدة سارعت إلى تنشيط حلف ما سميّ “حارس الإزدهار” وإدخال “بريطانيا” في إلحاق الأذى بالقوات المسلّحة للحوثيّين تحت مزاعم كاذبة تنطلق من مقولة الدّفاع عن النّفس إلى حماية ممرّات التّجارة العالميّة.
إنّ اندفاعة أمريكا مؤخرًا نحو تكثيف تعدّياتها على سيادة شعوب ودول المنطقة هو خطوة متقدّمة من القوى الإمبريالية الغربية وأمريكا لتفجير الأوضاع المأزومة ووضعها على حافّة الحرب الشاملة خدمة، أولا للكيان الصهيوني العالق في مستنقع “غزة”، وثانيا لترميم قواعد الرّدع التي تآكلت أمام الصّعود القوي لقِوى المقاومة في السّاحة الفلسطينية والمنطقة عموما، وثالثا لتعزيز الهيمنة الإمبريالية على شعوب المنطقة وتأمين أكبر حصّة من نهب خيراتها وسط صراع محموم بين كبريات القوى الرأسمالية.
ومعلوم أنّ تلك الاندفاعة مهما طال وقتها ووسائل بطشها لن تحقّق أهدافها المعلنة، ومن الأرجح أن تعود بالوبال على أصحابها ومصالحهم.
فقوى العدوان، وعلى الأخصّ “أمريكا”، ماضية بخطى متسارعة نحو السّقوط في دوامة حرب استنزافٍ طويلة أرباحها أقل بكثير من خسائرها التّي تبدأ من تزايد مشاعر العداء الشعبي نحو تواجدها وتمرّ من جهة إلى ارتفاع وتأثر فعاليات العمل المسلّح ضدّ عشرات الآلاف من جندها المتواجدين في الكثير من قواعدها العسكرية وأساطيلها الحربية المتمركزة بالمنطقة. ومن جهة أخرى إلى تعبيد الطّريق أمام سهولة تمدّد منافسيها الدوليين (الصين، روسيا…) والإقليميين (إيران، تركيا).
فكلْ المؤشرات القادمة هذه الأيّام تؤكّد بأنّ إدارة “بايدن” تدير تصعيدها العسكري وفق إستراتيجية سياسيّة مرتبكة ومضطربة محدّادتها الأساسية منافع تكتيكية صغيرة مرتبطة بالإنتخابات الرئاسية القادمة والحفاظ على المكانة المعنويّة لجبروت إمبراطورية “العمْ سام” التّي أفلتت الكثير من خيوط لعبة إدارة مواقع المصالح والنّفوذ من تحت يديها في المنطقة والعالم بأسره.
فلغة تهديد شعوب الشرق الأوسط وقواه التحرْريّة لم تعد تجدي نفعا كما أنّ سياسات العربدة والإستقواء ضعفت مفاعيلها قياسا مع ما يحصل مع الجيوش النظامية للدّول وبالأخصّ العميلة منها.
ومن المفارقات العجيبة مضيِّ إدارة “بايدن” في استنساخ نفس الأساليب والمقاربات القديمة دون أدنى مجهود للاستفادة من الإخفاقات المدوّية لأقوى جيش في العالم أمام حركات المقاومة مثلما حدث في “فيتنام” وأفغانستان”.
فوقائع التّاريخ وما يرشح من ردود أفعال ضحايا الغطرسة الأمريكية بمنطقتنا يدفع إلى التأكيد منذ الآن على الفشل المحتوم لأمريكا وحلفاؤها، فكلّ محور من محاور المقاومة مصمّم على مقابلة التّصعيد بالتّصعيد، وبأنْ لا حلّ أمام المعتدين سوى وقف العدوان على “غزة” ورفع الحصار الجائر حول أهلها والشروع في إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار.
إنّ الاستجابة لهذه المطالب التّي يتوحّد عليها الرأي العام الدولي كما لم يحدث من قبل هي الطريق الوحيد لتخفيض منسوب الاحتقان المتنامي شعبيا وهي السبيل الأنسب لتبريد ساحات القتال وفرملة التّدحرج نحو حرب أشد شمولا وقسوة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×