الرئيسية / أقلام / افتتاحيّة صوت الشّعب: “الحرب على الإرهاب، إعلاميّة ودعائيّة أيضا”
افتتاحيّة صوت الشّعب: “الحرب على الإرهاب، إعلاميّة ودعائيّة أيضا”

افتتاحيّة صوت الشّعب: “الحرب على الإرهاب، إعلاميّة ودعائيّة أيضا”

صوت الشعب“داعش قربت”، “داعش على بعد 70 كلم من حدود تونس”، “أبو بكر البغدادي وزعيم “بوكو حرام” في سرت للتحضير لهجوم على تونس”، الخ.

مثل هذه الإعلانات ولا نقول الأخبار، تكاد تصبح “القهوة” اليومية للشعب التونسي وخاصة لمتتبّعي الشبكة الاجتماعية. وما من شك في أنّ هذه الإعلانات، بما يصحبها من “تحذير”، بقطع النظر عن مدى جدّيّته، تخيف وترعب وتدفع إلى الانكماش، خصوصا بعد أن وجّه الإرهاب في الأشهر الأخيرة ضربات موجعة ومحيّرة، إلى بلادنا، بدءً بعملية باردو وسوسة، وصولا إلى عملية شارع محمد الخامس بالعاصمة، ومرورا بجريمة ذبح الراعيين بالقصرين وجلمة وما أثارته من تساؤلات حول حقيقة الوعي بخطورة الظّاهرة وجدّيّة الاستعدادات لمواجهتها. وليس خافيا أنّ ذلك هو هدف الإرهابيّين الذين يريدون الإطاحة بضحاياهم معنويّا قبل النّيل منهم ماديّا.

ولكن، في المقابل، هل للسلطة خطة إعلامية، عقلانية، موضوعية، لمواجهة الإرهاب حتى يتمكّن المواطنات والمواطنون من فهمه كظاهرة، نشأة وتطورًا، ومعرفة حواضنه الاجتماعية والسياسية بالدّاخل، علاوة على ارتباطاته الإقليمية والدولية، ومن ثمّة الوقوف عند الهدف منه في المرحلة الحالية من تطوّر المجتمعات العربية والإسلامية وكذلك من تطوّر الرأسمال الإمبريالي العالمي، وضبط وسائل مواجهته، لا الأمنية والعسكرية فحسب، ولكن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية أيضا التي تتحمّل الدولة والمواطنات والمواطنون مسؤولية تحقيقها للانتصار على الإرهاب، وهو ما من شأنه أن يوضّح لهم الرّؤيا ويجعلهم يثقون بأنفسهم وبدولتهم؟

إنّ التحالف الحاكم الحالي ليست له رؤية، ولا إستراتيجيا ولا جرأة لمقاومة الإرهاب، فمن أين ستكون له إذن خطة إعلامية ودعائية لمواجهته؟ إنّ أحد طرفي هذا التحالف متّهم بالتّورّط في الإرهاب عندما كان في الحكم، والطرف الثاني متّهم بالتّستر عليه حفاظا على التّحالف معه. لذلك فهما لا يمثّلان حقيقة الجهة القادرة على مواجهة الإرهاب بنجاعة وعلى تخليص الشعب والبلاد من مخاطره. وليس أدلّ على ذلك من رفض هذا التحالف عقد مؤتمر وطني لمقاومة الإرهاب لأنّ ذلك سيقود إلى التقييم وكشف الحقائق (الاغتيالات السياسية خصوصا) وتحديد المسؤوليات والمحاسبة، كما أنه سيقود إلى ضبط اختيارات لا يقبلها هذا التحالف باعتباره مدافعا عن مصالح طبقية، فئوية، ضيّقة تتعارض مع مصالح غالبيّة المجتمع.

لقد تعرّض الباجي قائد السبسي في افتتاح أيام المؤسسة بسوسة – 3 و4 ديسمبر الجاري – إلى موضوع المؤتمر الوطني لمقاومة الإرهاب، ليزعم أنّ هذا المؤتمر لم يعد فيه فائدة، لأنّ الإرهاب أصبح ظاهرة إقليمية وبالتالي لا بدّ من مواجهة إقليمية. وما هذا الكلام إلاّ ضرب من المغالطة والخداع. فكأنّ التونسيات والتونسيين ليسوا في حاجة، قبل الذهاب إلى مؤتمر إقليمي، إلى معرفة كيف انتقل الإرهاب إلى بلادهم وكيف استوطن فيها ومن المسؤول عن ذلك وما هي سبل مواجهته وطنيا قبل مواجهته إقليميا.

كلّ هذا يفسّر لماذا لا يمكن للتحالف الحاكم الحالي مواجهة الإرهاب مواجهة ناجعة ليخلّص منه الشعب التونسي بأكثر سرعة ممكنة وبأقلّ الخسائر. وهو ما ينعكس إعلاميّا في غياب خطّة دعائيّة مضادّة لمواجهة الماكينة الدعائية “للدواعش” التي تثير الخوف والرّعب.

وفي غياب دور السلطة، فإنّ المسؤوليّة تُلقى على عاتق القوى الديمقراطية والتقدمية للقيام بعمل توعوي، دؤوب صلب الشّعب لفضح الإرهاب أوّلا وتوضيح السّبل لمقاومته المقاومة الناجعة ثانيا، وتعبئة القوى لتجسيد هذه المقاومة في أرض الواقع ثالثا، وزرع الأمل والثّقة بالانتصار في عقول الناس وقلوبهم وإقناعهم بأنّ الإرهاب يتحوّل إلى نمر من ورق إذا توفّرت الإرادة والخطّة لمقاومته رابعا.

 افتتاحيّة “صوت الشعب”: العدد 188

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×