الرئيسية / أقلام / قراءة في نتائج الدّورة الأولى للباكالوريا
قراءة في نتائج الدّورة الأولى للباكالوريا

قراءة في نتائج الدّورة الأولى للباكالوريا

bacأعلنت وزارة التربية الأسبوع المنقضي نتائج الدّورة الأولى لمناظرة الباكلوريا (دورة جوان 2015)، وكانت نسبة النّجاح في حدود 27.22% (%36.53 العام الماضي)، فيما تأجّل للدورة الثانية 31.37%، وأخفق 41%.

وقد نظمت الوزارة ندوة صحفية لإعلان هذه النتائج بحضور الوزير ناجي جلول الذي اعتبر هذه النتائج تقطع مع الباكالوريا السابقة وتربط مع هدف الجدية والمصداقية الذي تعمل من أجله وزارته. ولعلّ مقصود الوزير هو تراجع تضخيم النتائج، خاصة منذ اعتماد صيغة احتساب المعدل السنوي بنسبة 25% سنة 2002 الذي اعتمده نظام بن علي لدواعي انتخابوية وتطبيقا لتعليمات الدوائر المالية الخارجية.

صحيح أنّ نتائج الباكالوريا تراجعت من جهة عدد الناجحين وعدد المؤجّلين. لكنّ هذا الأمر لا يجب أن يكون هدفا في حد ذاته. بل إنّ تراجع نسب النجاح يعكس فشل المدرسة والمنظومة التربوية عموما. وصحيح أنّ الإجراءات المتّخذة، خاصّة اعتماد فارق الثلاث نقاط بين المعدل السنوي ومعدل المناظرة للإسعاف، أتى بعضا من أُكله من جهة إرجاع بعض الجدية والمصداقية التي ضُربت في مقتل طيلة السنوات الفارطة خاصة منذ نظام بن علي، لكنّ هذا لا يعني أنّ نظام الامتحانات أصبح معافى. ولا أدلّ على ذلك من القرار العبثي الذي اتّخذته وزارة الإشراف والحكومة من تمكين كلّ تلاميذ الأساسي من النجاح على خلفية الصراع مع المعلمين.

إنّ ربط قيمة الشهادة بنسب النجاح في تقديرنا يبقى أمرا قاصرا وغير سليم. ويحتكم إلى منطق خاطئ في المعالجة. إنّ تحقيق مصداقية المناظرات والشهادات المنبثقة عنها يجب أن يكون نتاجا لجهد حقيقي في إصلاح المنظومة التربوية برمتها والتي تعرضت إلى التخريب الممنهج خاصة في عهد المخلوع، وهو أمر يتواصل إلى اليوم. ويطمح عموم المجتمع إلى مراجعة حال التعليم وحال المدرسة مراجعة جذرية، وشهادة الباكالوريا الجديدة لن تكون سوى نتاجا لمسار يبدأ من السنة الأولى أساسي. وهذا لا يعني الاستغناء عن إجراءات عاجلة تتمّ بالتشاور والتنسيق مع أولي الشأن من مربين وتلاميذ وخبراء.

على أنّ نتائج هذا العام فضحت مرّة أخرى الوجه القبيح للتعليم في بلادنا، وهو وجه التفاوت الجهوي في النتائج الذي يعكس تفاوتا حقيقيا في الإمكانيات المادية التي يتمتع بها الفضاء المدرسي والتي ظلت عموما حكرا على الجهات المحظوظة، فيما حافظت الجهات المحرومة على قاع الترتيب (الجهات الـ12 الأخيرة هي:سليانة بنسبة نجاح 23.31 % زغوان بنسبة نجاح 23.25% الكاف بنسبة نجاح 21.1% – باجة بنسبة نجاح 20.06% – توزر بنسبة نجاح 19.58% – قبلي بنسبة نجاح 18.76% – تطاوين بنسبة نجاح 18.29% – القيروان بنسبة نجاح 17.94% – سيدي بوزيد بنسبة نجاح 16.68% – جندوبة بنسبة نجاح 15.40% – قفصة بنسبة نجاح 14.83% – القصرين بنسبة نجاح 11.41%).

إنّ هذا الأمر دون شكّ لا يتعلق بنقص في الذكاء والمقدّرات الذّهنية. بل لنقص في الإمكانيات المادية والبنية الأساسية. وداخل الجهات المحظوظة المرتبطة أساسا بالشريط الساحلي من تونس الكبرى إلى صفاقس، ثمة تفاوت بين معاهد الأحياء الغنية والأخرى المخصّصة للفقراء. ففي معاهد الأحياء المحظوظة تتوفّر البنية الأساسية اللاّزمة. أمّا في أحياء الفقراء فالحد الأدنى لا يتوفر. بل لا نغالي إن قلنا إنّ التلاميذ يدرسون في ظروف أسوأ من ظروف ستينات القرن الماضي.

إنّ دروس العلوم والتقنية والجغرافيا (…) حين تدرّس دون وسائل، استيعابها سيكون متفاوتا. علما وأنّ ربط النبوغ بالمعاهد النموذجية فيه إجحاف في حقّ بقية التلاميذ الذين لا تتوفر لهم نفس الفرص والظروف. ففي المعاهد النموذجية توفّر الدولة أفضل ما لديها على مختلف الأصعدة المادية والمعنوية. لذلك من غير المقبول أن نقارن هؤلاء التلاميذ بغيرهم ممّن لا يتوفّر لهم شيء. كان من الممكن مثلا إفراد تلاميذ المعاهد النموذجية بمناظرة خاصة طالما أنّ ظروفهم ليست واحدة مع بقية المترشحين.

طبعا نقول هذا للحجاج والتساؤل في انتظار طرح ملف التعليم النموذجي ضمن ملف التعليم ككلّ الذي لا ينتظر ثانية من أجل الشروع في إصلاحه.

كلمة لابدّ منها

نتوجّه بأحر التهاني إلى الناجحين جميعا من أبناء الشعب التونسي الذين على أيديهم سيُصنع المستقبل الزاهر، وفي مقدّمة هؤلاء حرائر تونس اللاتي تؤكدن كلّ عام أنهن مبدعات وزائدات عقل. فمن جملة الـ7 الأوائل في مختلف الشعب، كانت منهن 4 تلميذات هن:   نسرين زروقي في شعبة العلوم التقنية بـمعدل 19.54، وهيفاء الحداد بـ19.50 في شعبة الرياضيات، وفي شعبة العلوم التجريبية تحصّلت مريم كمون  على 19.38، وإيناس بن يوسف من شعبة علوم الإعلامية بـ17.88.

(كتب ل”صوت الشّعب”:أبو نيروز)

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×