الرئيسية / صوت العالم / الشّباب المغربي يخوض معارك شهر يناير بروح 20 فبراير // مرتضى العبيدي
الشّباب المغربي يخوض معارك شهر يناير بروح 20 فبراير // مرتضى العبيدي

الشّباب المغربي يخوض معارك شهر يناير بروح 20 فبراير // مرتضى العبيدي

الشّباب المغربي يخوض معارك شهر يناير بروح 20 فبراير مرتضى العبيدي

منذ مستهلّ السنة السياسية، يشهد المغرب الشقيق نضالات شعبية على جميع الأصعدة. فبعد مهزلة الانتخابات المحلية والتي أسقطت ورقة التوت على “ديمقراطية المخزن” وأوضحت بما لا يدع مجالا للشكّ تقلّص مساحات الحرّيّة وتوجّه النّظام إلى مزيد من الاستبداد، عكس ما تروّج له صحافة السّلطة أو الورقات الصّفراء مدفوعة الأجر في الخارج، فبعد تلك المهزلة التي فضحتها القوى الديمقراطية ودعت إلى مقاطعتها حتى لا تكون شاهد زور على ديمقراطية مزعومة، عرفت البلاد موجة عارمة من الاحتجاجات الشّعبيّة شملت وتشمل قطاعات عديدة على خلفيّة ما طبخته حكومة عبد الإلاه بنكيران، وهي في سنة حكمها الأخيرة، من مخطّطات وما اتّخذته من قرارات لمزيد تحميل الجماهير الشّعبيّة تبعات أزمتها التي تفاقمت وتعمّقت سنة بعد أخرى. طلبة الطبّ يتصدّرون الدّفاع عن المنظومة العموميّة أضرب في بداية السنة الجامعية طلبة كليات الطب والصيدلة وكذلك الأطباء الداخليين والمقيمين لما يقارب الشهرين، الأمر الذي بلغ حدّ التّهديد بسنة بيضاء في تلك المؤسّسات، وجاء إضرابهم على خلفيّة ما سُمّي بـ”إصلاح المنظومة الصحية” والتي تصدّى لها الطلبة بكلّ قوّة وحقّقوا انتصارا رائعا ولم يعلّقوا إضرابهم إلاّ بعد إمضاء ممثليهم لمحضر اتفاق مع وزارتي الصحة والتعليم العالي، ينصّ في إحدى نقاطه على إلغاء مشروع “الخدمة الوطنية الصحية”، أو ما يعرف بـ”الخدمة الإجبارية”، وهو المشروع الذي شكّل عصب احتجاجات الطلبة والأطبّاء المقيمين والداخليين، والذي كان يقضي بإلزامهم بالعمل لمدة سنتين في المناطق النّائية مباشرة بعد تخرّجهم، دون التزام من الدولة على إدماجهم بعد ذلك في الوظائف العمومية. وقد عملت الآلة الإعلامية الرسمية على تشويه تلك النضالات بادّعائها رفض طلبة الطب العمل في المناطق النائية. ولم تذكر عدم التزام الحكومة بانتدابهم بعد تخرّجهم. وهي سياسة تطبيق إملاءات المؤسّسات المالية الدولية التي “تنصح” دوما مريديها بالتقليص في الانتدابات في القطاع العمومي وفصل التكوين عن التوظيف. وبعبارة أخرى فإنّ المجموعة الوطنية التي أنفقت الأموال الطائلة في تكوين هؤلاء الطلبة ليس من حقّها الاستفادة منهم بعد تخرّجهم إذ هم سيجدون أنفسهم مُجبرين على العمل في القطاع الخاص الذي لا تستفيد منه إلاّ القلّة القليلة من الأثرياء. الأساتذة المتدرّبون يأخذون المشعل وفي سياق متّصل، شهدت شوارع الرّباط يوم 17 ديسمبر الماضي تظاهر أعداد غفيرة من الأساتذة المتدرّبين احتجاجا على مرسومين أقدمت الحكومة على إصدارهما بتاريخ 23 جويلية بحقّهم ويقضي الأوّل بفصل التكوين عن التوظيف ـ كما في حالة طلبة الطب ـ أي بالتراجع في الانتداب الآلي في القطاع العمومي للأساتذة المتدرّبين مثلما جرت عليه العادة منذ عشرات السنين وبإخضاعهم إلى طريقة انتقائية جديدة في نهاية التدريب، رغم أنّ التحاقهم بهذه المراكز كان عن طريق مناظرة يشهد القاصي والدّاني بجدّيتها وصعوبتها. أمّا المرسوم الثاني فيخصّ التخفيض في المنحة المسندة إليهم إلى النصف أي مرورها من 2454,51 درهم (أي ما يعادل 227 يورو) إلى 1200 درهم فقط (أي ما يعادل 111 يورو). وكان هؤلاء الأساتذة قد تظاهروا قبل هذا التاريخ في عديد المدن المغربية لنفس الغرض وهم في حالة إضراب عن العمل منذ العودة المدرسية، عازمين على مواصلة النضال حتى إلغاء المرسومين الجائرين. وتلت هذه المسيرة، مسيرات عديدة في جميع المدن المغربية التي توجد فيها مراكز لتدريب الأساتذة واجهتها السلطات بقمع وحشي. وهو ما حدا بالتنسيقية الوطنية للأساتذة المتدرّبين إلى الدّعوة إلى مسيرة وطنية ثالثة بالرباط يوم 24 جانفي الجاري رفضت السّلطة الترخيص لها وأعلنت مسبقا أنها ستمنعها بالقوّة. بل وفرضت حالة من الحصار على محطّات القطارات والحافلات في جميع المدن التي بها مراكز لتدريب الأساتذة، مانعة إياهم من التوجّه نحو العاصمة. وهو إجراء لم تشهد المغرب مثيلا له إلاّ في حالات نضالية نادرة في السابق (إضراب عمال مناجم الفوسفاط في اليوسفية سنة 1986 أو إضراب البحارة في الجنوب سنة 1999). ومرّة أخرى، فشلت الدولة في مسعاها ونجحت مسيرة 24 يناير بفضل إصرار الأساتذة المتدرّبين وكذلك بفضل الدّعم الذي يجده نضالهم من قبل الهيئات السياسية والحقوقية والشبيبية، التي وقعت على بيان مشترك موجّه إلى الرأي العام جدّدت من خلاله إدانتها للقمع الهمجي الذي قوبلت به معركة الأساتذة المتدرّبين… ورفضها للحلول الترقيعية والالتفافية المقدّمة من قِبَلِ الحكومة واستنكارها قرار منع تلك المسيرة والذي “لا مبرّر له سوى الرّغبة في مواصلة القمع والتّنكّر لمطالب المحتجّين”. كما دعت الهيئات الموقّعة على البيان “كافّة المواطنات والمواطنين إلى المشاركة المكثّفة في هذه المسيرة تجسيدا وتعزيزا للتضامن الشعبي مع الأساتذة المتدرّبين على الصعيد الوطني ومساهمة في مواجهة سياسة التّقشّف ودفاعا عن المدرسة العمومية”. ودعت كذلك “القوى الديمقراطية إلى توسيع رقعة التضامن”، معتبرةً “أنّ أفضل شكل تضامني الآن هو الإعلان عن الإضراب العام الوطني الشامل من طرف المركزيات النقابية الأربعة.” “إصلاح” منظومة التّقاعد يُشعل الفتيل مع النّقابات ولم تكتف حكومة بنكيران بهذه الإجراءات التي شملت قطاعين من أكثر القطاعات حساسية وشعبية بل واصلت في غيّها إذ أعلنت يوم 23 ديسمبر، عن قرارها بإدخال تغييرات على منظومة التقاعد تتمثل أهمّها في الترفيع التدريجي في سنّ التقاعد إلى 63 عاما عوضا عن الـ60 الحالية. وكذلك الترفيع في نسبة مساهمة الأجراء بعنوان التقاعد إلى 24% عوضا عن الـ20% الحالية، وهو ما قوبل بالرفض من قبل المركزيات النقابية الأربعة: الاتحاد العام لعمّال المغرب، الاتحاد المغربي للشغل، الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل التي قرّرت التصدّي بشتّى الطّرق لمثل هذا القرار الذي اُتّخذ في المكاتب المُغلقة ودون إعلام الطرف النقابي الذي من المفروض التفاوض معه قبل اتّخاذ أيّ إجراء من هذا القبيل وبهذا الحجم. وجاء ردّ فعل النقابات فوريا إذ قرّرت: ـ تنظيم اعتصام جماهيري أمام مبنى البرلمان يوم 12 جانفي. ـ مقاطعة الحضور في مجالس إدارة المؤسسات التي تحضر فيها عادة وهي: الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الوكالة الوطنية للتأمين عن المرض، ديوان التكوين المهني وتطوير التشغيل، مجلس المفاوضات الاجتماعية، المجلس الأعلى للوظيفة العمومية، ومجلس طبّ الشغل. ـ تقديم شكوى لدى منظمة العمل الدولية. وبعد نجاح اعتصام يوم 12 جانفي أعلنت المركزيات النقابية الأربع في بلاغ مشترك عن اعتزامها تنظيم إضراب عام جديد (بعد إضراب يوم 10 ديسمبر الماضي والذي شمل بالخصوص قطاعات التربية والتعليم والصحة والفلاحة والمالية)، يُحدّد تاريخه لاحقا للتنديد باستخفاف الحكومة في التعاطي مع عديد الملفات الحارقة وسعيها المحموم إلى تحميل تبعات أزمتها على كواهل الطبقة العاملة والأجراء واتّخاذها لإجراءات لا شعبيّة دون احترام لقواعد الحوار الاجتماعي. وجاء في البيان المذكور “أنّ الحكومة تعمل على ضرب المقدرة الشّرائيّة للمواطنين وعلى تجميد الأجور والانتدابات، مدّعية قيامها بإصلاحات عميقة لم تبرز آثارها لا في مؤشّرات التّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة ولا في التّرتيب العالمي للاقتصاد المغربي”. أمّا بخصوص ملفّ التّقاعد، فقد أشارت النّقابات إلى سعي الحكومة تحميل عجز الصندوق المغربي للتقاعد على كاهل الأجراء والمتقاعدين عوض المراجعة الجذرية لطرق التسيير ومتابعة المسؤولين الفاسدين ومحاكمتهم. كما ندّد البيان بالعنف الذي واجهت به حكومة بنكيران تحرّكات الأساتذة المتدرّبين وأعلنت النّقابات تبنّيها لمطالبهم المشروعة. لا حلول للحكومة سوى القمع إنّ حكومة بنكيران قابلت تطلّعات الشباب المغربي من أجل تثبيت حقوقه وترسيخ ما انتزعته الأجيال السابقة بالقمع ولا شيء غير القمع. وهي حكومة لا سياسة لها إلاّ مزيد الانصياع لإملاءات المؤسسات المالية الدولية بالإمعان في تفكيك القطاع العمومي وتجميد التوظيف فيه وفسح المجال للقطاع الخاص لمزيد تكديس الأرباح بالاستفادة من الخبرات التي أنفقت المجموعة الوطنية الأموال الطائلة على تكوينها وتقديمها إليه على طبق من ذهب دون أن يكون قد ساهم ولو بقسط ضئيل في ذلك المجهود، تشهد على ذلك قائمات المتهرّبين من الواجب الجبائي لهؤلاء.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×