الرئيسية / الورقية / الافتتاحية: مفاوضات قرطاج لن تلبّي مطالب الشّعب ولن تنقذ البلاد
الافتتاحية:  مفاوضات قرطاج لن تلبّي مطالب الشّعب ولن تنقذ البلاد

الافتتاحية: مفاوضات قرطاج لن تلبّي مطالب الشّعب ولن تنقذ البلاد

تتعمق القناعة أكثر فأكثر عند قطاعات متنامية من الرأي العام أنّ المشاورات التي انطلقت منذ أسبوع حول تشكيل “حكومة الوحدة الوطنية”، إنما هي مضيعة للوقت ومحاولة فاشلة لاستبلاه الشعب التونسي وإيهامه بكون حكّامه يفكّرون في مخارج جدية من الأوضاع البائسة والصعبة التي تعيشها البلاد.

إنّ الحقيقة أبعد من ذلك بكثير، فالائتلاف الرباعي اليميني وبعد فشله الذريع في إدارة شؤون البلاد ممّا أجّج عليه الاحتجاجات العارمة التي تدلّ كلّ المؤشرات أنها سائرة نحو الاتّساع والعمق بما يهدّد جدّيّا هذا الائتلاف الرجعي، وهو ما فرض عليهم التفكير في توسيع القاعدة السياسية للحكومة والتضحية برأس رئيس الحكومة الحبيب الصيد بداعي أحقّيّة حزب النداء في رئاسة الحكومة، وهو ما أقنع به حلفاءه وتحديدا حركة النهضة التي وإن لم تكن متحمسة للتغيير في البداية، فإنها تريد استغلاله بعد أن تقرّر، لكي توسّع حجم مشاركتها في الحكومة المقبلة استنادا إلى نتائج انتخابات 2014، بما يعني تكبير النصيب من الكعكة لا غير.

وفي كلمة إنّ ما يدور اليوم في قصر قرطاج ليس إلاّ عملا من أجل تجاوز أزمة الأحزاب الحاكمة وليس عملا من أجل تجاوز أزمة البلاد التي تشهد عمقا طال كلّ المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية، وكذلك العلاقات الخارجية، ولا أدل على ذلك من الإصرار على اتّباع نفس الخيارات والسياسات التي لم تجلب للشّعب إلاّ مزيدا من البؤس والفاقة وللبلاد التبعية والمهانة. وما “رسالة النوايا” التي وجّهها محافظ البنك المركزي ووزير المالية يوم 2ماي الجاري إلاّ عيّنة على عمق المهانة التي تطال البلاد من قبل هذه الحكومة الذليلة والتابعة والتي تصرّ على مواصلة نفس النهج وهو تحميل الشعب مسؤولية أزمة لم يتسبّب فيها وخيارات لم يعط رأيه فيها، لهذه الأسباب قرّرت الجبهة الشعبية مقاطعة هذا المسار الخاطئ الذي يريد فرض توجّهات مسطّرة مسبقا ورزنامة تعكس ارتعاش مفاصلهم لإعلان التشكيل الحكومي الجديد لبعثرة أوراق الشعب بإيهامه أنّ تغييرا ما وقع أو سيقع، في ذات الوقت تكون الحكومة الجديدة قد شرعت في تنفيذ الإجراءات المؤلمة التي التزمت بها الحكومة مع صندوق النقد الدولي والتي تنصّ على إجراء تقييمات دورية كلّ 6أشهر تبدأ منذ نهاية العام الجاري بمتابعة تنفيذ الإملاءات والوصفات التي ستدمّر ما بقي في البلاد.

إنّ مبادرة السبسي في اعتقادنا ولدت ميّتة، والإجراءات التي يريد تمريرها لن يقبل بها الشعب كما الأحزاب التقدمية والاتحاد العام التونسي للشغل، مثل الهدنة الاجتماعية مدة عامين، واستعمال العصا الغليظة باسم فرض القانون، ولأنّ حكومة رأس المال عاجزة عن تقديم أيّ شيء للشعب، بل ستزداد أوضاع المعطّلين والمسحوقين والأجراء سوءً على سوء، وهذا لن تقبله المعارضة الجدية، وكذلك الاتحاد، لذلك فإنّ أياما صعبة تنتظر الائتلاف اليميني الحاكم الذي يريد توزيع فشله والتهرب من المسؤولية، والأيام الصعبة ستكون قريبة جدا باندلاع طور جديد من الاحتجاجات الاجتماعية التي لن يواجهها إلاّ بالعصاوالقمع كما فعل مؤخّرا مع احتجاجات جهة قرقنة. حينها لن يفعل هذا الائتلاف إلاّ دقّ مسمار آخر في نعشه. ونحن في حزب العمال، والجبهة الشعبية لا نرى لأنفسنا مكانا إلاّ إلى جانب شعبنا في تصدّيه العادل والمشروع لكلّ ما يمسّ حقوقه وكرامته التي من أجلها ثار ومن أجلها قدّم النّفس والنّفيس.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×