الرئيسية / صوت العالم / البحرين: حلّ جمعية العمل الوطنيّ الدّيمقراطي مؤشّر على زيف الواجهة الدّيمقراطيّة
البحرين: حلّ جمعية العمل الوطنيّ الدّيمقراطي  مؤشّر على زيف الواجهة الدّيمقراطيّة

البحرين: حلّ جمعية العمل الوطنيّ الدّيمقراطي مؤشّر على زيف الواجهة الدّيمقراطيّة

مرتضى العبيدي

         أقدمت السّلطات البحرينيّة في الآونة الأخيرة على استصدار حكم قضائي يقضي بحلّ “جمعية العمل الوطني الديمقراطي” (وعد) ومصادرة أموالها وممتلكاتها، بمجرد 249-19شكوى غامضة رفعها ضدّها وزير العدل لدى المحكمة الكبرى المدنيّة (الإدارية). وتعتبر هذه “الجمعيّة السّياسيّة”، من أقدم وأعرق الجمعيّات البحرينيّة، وهي سليلة المنظّمات الوطنية التي كانت تنشط في السرّية إلى أن تمكّنت الحركة الديمقراطية والحقوقية من افتكاك بعض المكاسب ومن بينها تأسيس الجمعيّات المدنية والنقابية وحتى السياسية. لكن السّلطات التي أجبرت على الاعتراف بهذا الحقّ، قيّدته بألف قيد وقيد ومنحت للسّلطة التنفيذيّة صلاحيات واسعة تمكّنها من التّضييق على هذه الجمعيات وحتى حلّها إذا ما تجاوزت ما تعتبره هي خطوط حمراء.

         وتعرّف جمعيّة العمل الوطني الديمقراطي (وعد) نفسها على أنّها تنظيم سياسيّ وطني ديمقراطي يستمدّ منطلقاته من الرّصيد التاريخي للحركة الوطنية البحرينيّة ونضالات شعب البحرين ويعمل على تنظيم المواطنين وتمثيلهم، ويضمّ في صفوفه بشكل طوعي النساء والرّجال الذين يؤمنون بمبادئه وأهدافه وبرنامجه السّياسي ويلتزمون بنظامه الأساسي، وتتلخّص رؤية “وعد” في بناء وطن يحكمه القانون وتسوده العدالة والحرية والتقدم. رسالته هي النّضال في سبيل تكريس المواطنة المتساوية وضمان سيادة الشعب وحقوقه وتعزيز الحريات العامة، وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية والسّلم والرّفاهية والتنمية.

         كما أنّها تتّجه في نشاطها أساسا إلى القوى الاجتماعيّة التي تشكّل الأساس في نهضة البلاد وتنميتها، من العمال والمستخدمين، وأصحاب المهن الحرّة، والمثقفين، والأكاديميين، والفنيّين، والمعلّمين، والطلبة، ورجال الأعمال، نساءً ورجالاً، وتتبنّى مطالب وطموحات مختلف الفئات والشّرائح الاجتماعية ذات الدّخل المحدود والمتوسط، وتدافع عن مطالب كل الفئات الاجتماعية التي لها المصلحة الرئيسيّة في تنمية اجتماعية عادلة، تحقّق السلم الاجتماعيّ والأمن للجميع.249-19

          وهذه الأرضية التقدّمية تفسّر إلى حدّ ما، ما يحصل اليوم مع الجمعيّة، بضعة أشهر فقط بعد حلّ جمعية” الوفاق” في شهر نوفمبر الماضي. وكانت “وعد” وغيرها من المنظّمات المدنية والحقوقية استشعرت الخطر الداهم، فما كان منها إلا أن ندّدت في الإبان بذلك الإجراء واعتبرته تراجعا عن التوافق الذي يحكم الحياة السياسية في البحرين منذ عدة سنوات. وصرّح أمينها العام آنذاك رضي الموسوي، خلال انعقاد المؤتمر الثامن لـ”وعد” أنّ “الحلّ ليس بإغلاق جمعيّة الوفاق وتشميع مقرّاتها ومصادرة موجوداتها ومحاصرة المعارضة في زاوية ضيّقة، بل بالجلوس إلى طاولة الحوار”، معبرا عن تضامن جمعيته مع “الوفاق” وأمينها العام المعتقل الشيخ علي سلمان في ذلك الظرف الحرج الذي تمر به البلاد.

         وأضاف أمام طيف واسع من القوى التقدمية البحرينية والعربية التي كانت تحضر المؤتمر: “حرصنا بمعية القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة على تقديم المبادرات والمرئيات من اجل البحث عن حل سياسي جامع قادر على حل الأزمة السياسية… وأكدنا على تمسكنا بالحوار الوطني الجادّ ذي المعنى المفضي إلى نتائج ايجابية للتوصل للأهداف والمطالب الوطنية المشروعة، وطالبنا الجانب الرسمي الإقدام على خطوة الإفراج عن جميع سجناء الرأي بدءا بالمعتقلين الذين لم يقدموا لمحاكمات والأطفال والنساء والمرضى، والتنفيذ الكامل لتوصيات اللجنة البحرينية لتقصّي الحقائق ومجلس حقوق الإنسان العالمي”، ليخلص إلى “أنّ المنطقة تغلي بالأزمات الدموية، وليس أمام البلدان العربية سوى تشييد الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة المرتكزة على المواطنة المتساوية.”

واعتبرت المنظمات الحقوقية البحرينية في بيان لها الدعوى القضائية المحركة من وزارة العدل ضد جمعية العمل الوطني الديمقراطية “وعد” بـ “الدعوى الكيدية”، ورأت أنها خطوة جديدة باتجاه “تقويض حرية العمل السياسي في البلاد”. وأكدت هذه المنظمات وهي “مرصد البحرين لحقوق الإنسان”، و “منتدى البحرين لحقوق الإنسان”، و”منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان”، و “معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان” إن قانون الجمعيات السياسية يفرض قيودا تعسفية على أعمال وإدارة شؤون الأحزاب السياسية التي يمنع القانون تسميتها بالأحزاب مقتصرا على تسميتها بالجمعيات السياسية.

         وأشارت المنظمات إلى “استمرار السلطات البحرينية في فرض المزيد من القيود على المجتمع المدني وعدم الاستجابة الجدية لآليات الرقابة الدولية”، فإلى جانب تجريم قانون العقوبات تأسيس أو إدارة أي منظمة غير مرخصة أو الانضمام إليها فإنّ القانون يسمح لوزارة العدل برفع دعاوى قضائية لحل الجمعيات السياسية أو إيقافها لأسباب غامضة من قبيل ارتكاب “مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو هذا القانون أو أي قانون آخر من قوانينها” دون أن يحدد القانون ماهية هذه المخالفات الجسيمة، كما هو الحال مع جمعية “وعد” في القضية التي آلت إلى حلها.

وقد استنكرت عديد المنظمات السياسية والحقوقية هذا القرار الجائر، وعبرت عن تضامنها مع مناضلي “وعد” وقياداتها. فاستنكرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هذا القرار وطالبت السلطات البحرينية بالتراجع فيه إذ اعتبرت أنه ” يفاقم الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البحرين ويصب الزيت على النار”، مؤكّدة أن “جمعيّة وعد” جزء أصيل لا يتجزأ من الشعب البحريني وتتبنى رؤية وطنية تقدمية، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من حركة التحرّر العربيّة وقوى التّغيير الديمقراطي تكرس جهودها ونضالها في خدمة مسيرة الإصلاح السياسي ومن أجل تحقيق مبادئ الديمقراطية والمساواة والتعددية السياسية وتحقيق العدالة الاجتماعية وهي حقوق أصيلة للشعب البحريني.”

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×