الرئيسية / صوت الوطن / إلى “المفجوعين” من الدّعوات لحلّ البرلمان أو من الإطاحة بمنظومة الحكم
إلى “المفجوعين” من الدّعوات لحلّ البرلمان أو من الإطاحة بمنظومة الحكم

إلى “المفجوعين” من الدّعوات لحلّ البرلمان أو من الإطاحة بمنظومة الحكم

جيلاني الهمامي

تعالت في المدة الأخيرة نداءات كثيرة ومتنوعة بالاعتصام أمام البرلمان وبحله وبالإطاحة بالحكومة وبمنظومة الحكم ككل. وسارعت أحزاب الحكم وخاصة حركة النهضة بالرد وبشكل متوتر فهم منه الجميع أنّ هذه الدعوات أدخلت الذعر والارتباك في صفوف هذه الأحزاب. ولكن الذعر من ماذا؟ إنه الخوف من فقدان كرسي الحكم لأنهم يعلمون أنّ هذه الدعوات تستهدفهم هم بالذات. ولأنهم على يقين رغم كلّ المراوغات وأشكال التهرب من تحمل المسؤولية أنهم بصفتهم عنوان الحكم والطرف الرئيسي في المنظومة وعنوان فشلها وعجزها عن معالجة الأوضاع المتأزمة التي تمر بها البلاد. 

هم يعرفون أنّ الاقتصاد على شفى الانهيار وأنّ وباء “الكورونا” سيخلّف أزمة اقتصادية اشدّ ويعلمون أنّ نسبة النمو سيكون – على رأي العديد من الخبراء والمؤسسات – أربع نقاط فاصل ثلاثة تحت الصفر وأنّ الناتج الداخلي الخام سيسجل نسبة عجز بـ5،2% علما وأنّ الميزان التجاري قد تراجع بحوالي 30% في الثلاثي الأول من هذه السنة وأنّ موسم السياحة الذي سيتراجع على مستوى عالمي حسب صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العالمية بنسبة ما بين 60 و70%. وللإعلام أيضا فإنّ نسبة التضخم عادت للارتفاع في شهر أفريل وبلغت بأرقامهم 6،2% والبطالة مازالت في حدود 15% وهي مرشحة للارتفاع نتيجة عمليات التسريح والبطالة الفنية. 

هم يعرفون أنّ المأساة التي تعيشها فئات واسعة من الشعب التونسي ستزداد حدة، بطالة وفقر (نسبة الفقر تصل 25% حسب البنك الدولي في بلاغه بتاريخ 11 فيفري الماضي) واحتياج وقلة ذات اليد أمام لهيب الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية ويعلمون أنّ الغضب الشعبي الذي كان يعبّر عن نفسه في حركات احتجاج متفرّقة هنا وهناك بدا يأخذ منحا نحو الانتشار والتوسع والتجذر رغم ظروف الحجر.

هم يعلمون جيّد العلم أنّ فضائح الفساد التي فاحت روائحها النتنة في المدة الأخيرة والتسميات الحزبية في البرلمان والحكومة والوزارات كشفت المستور ونحّت عن منظومة الحكم المصداقية التي يجتهد الفخفاخ أيّما اجتهاد لاقتلاعها من المواطنين ويعلمون أنّ الفساد المستشري أصبح مستفزّا عاملا من عوامل الغضب.

هم يعلمون كلّ أسباب النقمة والانتفاضة قد اجتمعت. ويدركون جيّد الإدراك أن لا غرابة في أن يوجّه التونسيون سهامها لبرلمان فاسد وغريب عنهم ولا صله له بمشاغلهم وأن يوجّهوا نار غضبهم صوب حكومة افتضحت بصورة مبكّرة كحكومة ضعيفة تحت إمرة رجال الأعمال والفاسدين والمتهرّبين ومعادية صراحة للفقراء وضعاف الحال.

إنهم يعرفون جيّد المعرفة أنّ الوضع خطير وأنّ هذه الدعوات للإطاحة بهم متوقّعة. بل ومسألة طبيعية جدا. لكن وبطبيعة الحال يبذلون قصارى جهدهم لتشويهها وتخوين كلّ من يرفعها ويحاولون تنفير الناس منها، بل وتخويفهم عسى يقتلونها في المهد.

وبطبيعة الحال أيضا فاتهم أنّ التهديد والتخويف لن يجدي نفعا فطالما أسباب النقمة موجودة ستتحّول طال الزمن أو قصر من مجرّد تذمّر إلى حركة احتجاجية ميدانية وستكون في وجه مؤسساتهم.

نحن حيال أضعف برلمان وأضعف حكومة وحيال منظومة حكم هشة ومرتبكة وفاسدة وعاجزة عن حل أبسط المشاكل. وفي ضوء تداعيات أزمة “الكورونا” والأزمة الاقتصادية الناجمة عنها ستكون منظومة منخرمة ومفكّكة لن تصمد أمام غضب الشعب.

لقد اجتمعت كلّ عوامل اندلاع ثورة جديدة ما على الثوار إلاّ أن يتجهّزوا لها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×