الرئيسية / الافتتاحية / حرب الإبادة الجماعية الإعلامية
حرب الإبادة الجماعية الإعلامية

حرب الإبادة الجماعية الإعلامية

بقلم جيلاني الهمامي

هذا نموذج بسيط مما سماه فواز طرابلسي في مداخلة له يوم 5 مارس الجاري “حرب الإبادة الجماعية الإعلامية”.

يقول فواز طرابلسي “هذا فيما يرتكب الإعلام الغربي الرسمي، إعلام الدول والشركات متعددة الجنسيات جريمة إبادة جماعية إعلامية بواسطة الكذب المتعمّد والتزوير المفضوح والانحياز السافر والتمييز العنصري بين الضحايا”.

نشرت الأمم المتحدة يوم 4 مارس الجاري تقريرا حول الاعتداءات الجنسية وعمليات الاغتصاب التي “اقترفها” مسلحو حماس في حق “الاسرائيليات” يوم 7 أكتوبر الماضي في عملية طوفان الأقصىوجاء في هذا التقرير في سياق الهجمات المنسقة من حماس وغيرها من جماعات مسلحة ضد أهداف مدنية وعسكرية بأنحاء غلاف غزة، وجد فريق البعثة أسبابا معقولة للاعتقاد بأنّ عنفا جنسيا مرتبطا بالصراع وقع في عدة مواقع أثناء هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر بما فيه اغتصاب واغتصاب جماعي في 3 مواقع على الأقل هي: موقع مهرجان نوفا الموسيقي والمنطقة المحيطة به، طريق 232، وكيبوتز رئيم“.

هذا التقرير أنجزه فريق من الخبراء التقنيين بقيادة براميلا باتن “الممثلة الخاصة للأمين العام المهتمة بالعنف الجنسي أثناء الصراعات” إثر زيارة إلى الكيان الصهيوني، بدعوة من حكومة نتنياهو، قادتها أيضا إلى الضفة الغربية ما بين 29 جانفي و14 فيفري الماضي ولم تشمل الزيارة قطاع غزة.

وقد لقي هذا التقرير رواجا كبيرا في الأوساط الإعلامية الغربية والمتعاطفة مع الكيان الصهيوني والواقعة تحت تأثير اللوبي الإعلامي الصهيوني في العالم. فقد تناقلته محطات تلفزية وإذاعية غربية عديدة وصحف ووكالات أنباء ووسائل إعلام أخرى وجرى ترويج فقرات منه على أنها شهادة على “وحشية” “حماس” والمقاومة الفلسطينية.

وهي محاولة يائسة من قبل الصهاينة للتعويض عمّا علق بجيشهم وحكومتهم ونظام كيانهم من صور غاية في الوحشية والبربرية والدموية. فصور تقتيل النساء والأطفال والشيوخ والإعدام بدم بارد لمدنيين أبرياء لن تُمحى من ذاكرة شعوب العالم مهما عمل الصهاينة على طمسها أو على محاولة فسخها.

في المقابل من ذلك صدرت تقارير أخرى كثيرة عن خبراء تابعين للأمم المتحدة (بيان 8 خبراء مكلفين بالتحقيق في ممارسة العنف والتعذيب والاعتداءات الجنسية والاغتصاب على نساء وفتيات فلسطينيات) وعن المرصد الاورومتوسطي وعن الصليب الأحمر الدولي وعن صحفيين مستقلين وهيئات بحثية متنوعة بما في ذلك منظمات “إسرائيلية” مثل Physicians for Human Rights Israel (PHRI) التي أعدّت تقريرا مطولا (41 صفحة) أقرّت كلها دون استثناء بالأعمال الشنيعة التي مورست على نساء وفتيات غزة أثناء الحرب. فقد قال مجموعة من الخبراء المعينين من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة “نشعر بالأسى بشكل خاص إزاء التقارير التي تفيد بأنّ النساء والفتيات الفلسطينيات المحتجزات تعرضن أيضا لأشكال متعددة من الاعتداء الجنسي، مثل تجريدهن من ملابسهن وتفتيشهن من قبل ضباط ذكور في الجيش الإسرائيلي”.

وكان موظف سامي في الخارجية الأمريكية، جوش بول، الذي استقال من منصبه احتجاجا على سياسات بلاده وانتهاكها المتعمّد للقانون الدولي ودعمها الأعمى لجرائم الحرب الصهيونية على المدنيين العزّل في غزة وعلى النساء والأطفال بوجه خاص، كشف لوسائل الإعلام الأمريكية حقيقة الجرائم التي مورست على الفتيات والأطفال والنساء الفلسطينيات. غير أنّ قناةCNN، وهي واحدة من وسائل الإعلام التي قدّم لها الموظف المستقيل شهادات عمّا لديه من معلومات بخصوصها، قالت إنها يصعب عليها “التحقق بشكل مستقل من هذه الادعاءات”. وقد ذهب الكثير من هذه الأوساط إلى اعتبار ما اقترفته يد الإجرام الصهيوني في حق نساء وفتيات فلسطين وعموم الفلسطينيين في غزة “تصل إلى مستوى الجرائم الخطيرة بموجب القانون الجنائي الدولي التي يمكن مقاضاتها بموجب نظام روما الأساسي“.

ورغم ذلك يجري التعتيم على كل هذه التقارير فيما أقامت وسائل الإعلام البريطانية (BBC وطائفة من الإذاعات والجرائد المعروفة) والأمريكية (CNN ونيويورك تايمز وعدد كبير من الجرائد والقنوات الأخرى المعروفة) ووسائل إعلام أوروبية من عديد البلدان، الدنيا ولم تقعدها وانتقت في هذا الغرض بعض المقاطع من تقرير “براميلا باتن” المشبوه والمعد بطلب من “إسرائيل” للتدليل على صحة ما روجته.

ومن جانب آخر عملت كلّ هذه اللوبيات الإعلامية الغربية المتصهينة على طمس الرد الذي قدمته حركة المقاومة الفلسطينية لفضح تلك الأكاذيب ودحضها في إطار “حرب إبادة جماعية إعلامية بواسطة الكذب المتعمد والتزوير المفضوح والانحياز السافر” كما قال المفكر العربي فواز طرابلسي.

إلى الأعلى
×