الرئيسية / الافتتاحية / أوضاع الشعب تزداد تدهورا في شهر الصيام
أوضاع الشعب تزداد تدهورا في شهر الصيام

أوضاع الشعب تزداد تدهورا في شهر الصيام

تعرف الأوضاع المعاشيّة لعموم التونسيّات والتونسيّين مزيدا من التدهور بفعل ما تعرفه الأسعار من ارتفاع جنوني والمقدرة الشرائية من تراجع رهيب. وتزداد وطأة العيش شظفا في شهر رمضان الذي يعرف فيه الاستهلاك العائلي ذروته. ويتزامن شهر رمضان لهذا العام مع نُدرة كثير من مواد الاستهلاك الضروريّة مثل الدقيق والسكّر والبن والأرز والحليب…، وتعرف الأسعار انفلاتا رهيبا من عقالها مثل أسعار اللحوم بأنواعها والأسماك والخضر والغلال إضافة إلى المواد الغذائية التي أصبح البعض منها من الكماليات التي لا يقدر على اقتنائها أغلبية الناس مثل زيت الزيتون وكثير من أصناف الزيوت النباتية. إن ارتفاع الأسعار بفعل التضخّم الذي يناهز 10% وبفعل ارتباط تونس في أساسيّات وجودها بالخارج، وبفعل تربّع كمشة من العائلات وعصابات الرّيع والتّهريب والاقتصاد الموازي، حوّلت عيش أغلب التونسيات والتونسيّين إلى البؤس والفاقة، فالأغلبية تعيش على التّداين مثلها مثل الدولة، وأغلب العائلات غيّرت عاداتها الاستهلاكية نحو مزيد التقشّف، ويظلّ عدد المحرومين في تزايد مستمرّ، وهو ما يدلل عليه تصاعد عدد المهمّشين والمتسوّلين والمسحوقين تماما من النظام الاجتماعي القاهر والذين تكاثرت معالم وجودهم في المدن كما في الأرياف. إن الأوضاع الاجتماعية والمعاشيّة لشعبنا تعرف اليوم درجة عالية من السّوء والتّدهور، وهي نتيجة حتميّة للخيارات الاقتصادية السّائدة، وهي خيارات نيوليبرالية متوحّشة تضمن مصالح كبار الأثرياء وتسحق الأغلبية الكادحة والمفقّرة. هذه الخيارات التي لها الكلمة العليا في الانعكاس على معيشة الشعب رغم الخُطب الرنّانة والمغالِطة للحاكم بأمره. إن المقياس الأكثر صدقا في تقييم توجّهات أي دولة ليس ما يقوله حكامها بل ما يعيشه شعبها، ومعيشة الشعب اليوم مضنية وشاقّة، وها هي خطابات سعيّد تنكشف على صخرة الواقع العنيد، فهديّته للشعب في رمضان كانت الترفيع في معاليم الماء الصالح للشراب، هذا الذي لم يعد صالحا فضلا عن انقطاعه المتكرّر والدائم، وهديّته هي تواصل صفوف المهانة أمام المغازات للظفر ببعض السكّر أو الحليب. إن أوضاع شعبنا لن تتغيّر من تلقاء نفسها، إنها لن تتغير إلا نحو الأسوأ ما لم يرفضها الشعب ويناضل من أجل قلبها لصالح خياراتٍ جديدة يكون الشعب في قلبها وصدارتها، دونا عن ذلك ستبقى الأغلبيّة تتألّم وتتضوّر جوعا وفاقة؛ لا خيار أمام شعبنا سوى الوعي والتنظّم والنضال من أجل اقتصادٍ جديد يلبّي مصالحه ومطالبه لا مصالح مصّاصي الدماء واللصوص، كبار الرأسماليّين الذين لا همَّ لهم سوى تكديس الأرباح بكلّ الوسائل بما فيها تفقير الشعب وتجويعه.

إلى الأعلى
×