الرئيسية / الافتتاحية / وقف إطلاق النار في غزة: الشعب الذي يقاوم لا يُقهر
وقف إطلاق النار في غزة: الشعب الذي يقاوم لا يُقهر

وقف إطلاق النار في غزة: الشعب الذي يقاوم لا يُقهر

أعلن ليلة الأربعاء التوصل إلى اتفاق إطلاق نار بين المقاومة والكيان الغاصب على أن يتمّ البدء في تنفيذه نهاية الأسبوع. والمتمعّن في بنود هذا الاتفاق يدرك بسهولة أنها تقريبا هي نفسها التي طرحت في شهر ماي/أيار الماضي. لكنّ المجرم نتنياهو كان عطّل تنفيذ الاتفاق وقتها وواصل حرب الإبادة ظنّا منه أنّه سيتوصل إلى تحقيق أهدافه وهي في الأساس ثلاثة اثنان منها معلنان وهما القضاء على المقاومة و”تحرير الرهائن بالقوة”. أمّا الهدف الثالث غير المعلن فهو القضاء على كل مظاهر الحياة في القطاع وتهجير السكّان ودفعهم إلى الخروج نحو سيناء.
واليوم وبعد قرابة ستّة أشهر من حرب الإبادة فإنّ الغاصب الصهيوني المدعوم مباشرة من القوى الإمبريالية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة والذي يحظى بتواطؤ أنظمة العمالة والخيانة العربية والإسلامية في المنطقة لم يحقق أيّا من أهدافه. لقد تمكّن فعلا من قتل عشرات الآلاف من الأبرياء وإصابة أضعاف أضعافهم، جلّهم من النساء والأطفال، كما أنهّ اغتال العديد من القادة والكوادر ودمّر المساكن والمستشفيات ودور العبادة والمدارس والجامعات ولم يبق منها تقريبا شيئا ولكنّه مع ذلك لم يحقّق أهدافه فلا المقاومة انهزمت ولا “الرّهائن” حُرّروا ولا أهالي غزّة تركوا أرضهم. أضف إلى ذلك ما حققته القضية الفلسطينية من تضامن عالمي أعادها إلى الواجهة في الوقت الذي كان يراد قبرها. وبالمقابل فقد افتضحت طبيعة الكيان الفاشية والعنصرية بشكل غير مسبوق بعد أن كان يروّج له بأنه “الضحيّة” وبأنّه “البلد الديمقراطي المتحضّر الوحيد في المنطقة”.
إن “طوفان الأقصى” يمثّل نقطة تحوّل كبيرة في مسار حركة التحرر الوطني الفلسطيني. ومن المؤكّد أن الشعب الفلسطيني سيراكم عليه ليخطو خطوات أخرى نحو تحقيق هدفه الاستراتيجي ألا وهو تحرير وطنه من النّهر إلى البحر وتفكيك الكيان الصهيوني النازي الذي زرعته قوى الاستعمار الغربي في المنطقة ليكون قاعدتها الأماميّة لفرض هيمنتها على الشعوب وتأبيد السيطرة على ثرواتها وهو ما يجعل من مهمة القضاء على هذا الكيان وطرد داعميه من القوى الاستعمارية لا مهمّة الشعب الفلسطيني فحسب وإنما مهمة كافة شعوب المنطقة. وما من شك في أن الطريق نحو تحقيق هذا الهدف وعرة للغاية – ومتى كانت حروب التحرير سهلة؟ – وكلّها أشواك ومطبّات. لقد بدأت المناورات والمؤامرات منذ الساعة للالتفاف على مكاسب المعركة وتبخيسها بل تقديم “طوفان الأقصى” على أنه “كارثة” أو “نكبة” لفتح الطريق أمام عميل رام الله وسلطته المتواطئة كي يبسط نفوذه بمساعدة من الامبريالي الصهيوني الرجعي العربي على غزة وتحقيق مشروع التطبيع الشامل الذي عطّله “طوفان الأقصى” والذي ينتظر أن يعود إلى الواجهة مع عودة ترامب الفاشي المتهوّر إلى البيت الأبيض.
ولكن “اللي يحسب وحدو يفضلّو” كما يقول المثل الشعبي التونسي. إن المقاومة كسبت من الخبرة السياسية والعسكرية ما يسمح لها بمواجهة أصعب الأوضاع خاصة أنّها ليست وحدها اليوم. صحيح أن خارطة المنطقة تغيّرت بعد سقوط نظام عائلة الأسد في سوريا وتمكّنت المجاميع الإرهابية من الاستيلاء على السلطة في دمشق بدعم صهيوني أمريكي تركي قطري سعودي. وهو ما من شأنه خلق صعوبات لقوى المقاومة في المنطقة التي ظلت ثابتة في دعم غزة وفلسطين وقدمت تضحيات جسيمة ثمنا لذلك ونقصد تحديدا المقاومة اللبنانية واليمنية. ولكنّ قدر الشعوب أن تواجه هذه الصعوبات وتتجاوزها. وحتى لا ينفرد الأعداء بشعب فلسطين ومقاومته في هذه المرحلة الجديدة فإنّ واجبنا المقدس ألّا نتركهما وحدهما وأن نواصل الوقوف إلى جانبهما فقضيتهما قضيتنا وأعداؤهما أعداؤنا ومصيرهما مصيرنا. فلنتجنّد أولا لخوض معركة الوعي والتصدّي لأبواق الرجعية التي ستعمل على تبخيس ما حققته المقاومة وفسخه من ذاكرة الشعوب ولنكن ثانيا إلى جانب المقاومة في وجه كل ارتداد على وقف إطلاق النار أو محاولة لتمرير مشاريع الاستسلام ولنواصل ثالثا النضال في تونس من أجل فرض تجريم التطبيع مع الكيان الغاصب وكنس المصالح الأمريكية الغربية من وطننا على طريق تحريره من نظام الاستبداد الشعبوي الذي لم يحصل منه الشعب الفلسطيني طوال أكثر من خمسة أشهر إلّا على الخطب الرنانة، الفارغة.
المجد للمقاومة والخلود للشهداء
وإلى الأمام من أجل المراكمة على طريق التحرير الكامل والشامل

إلى الأعلى
×