الرئيسية / الافتتاحية / قضيّة الفتاة المغتصبة: آلام الناس ليست مادّة للتسويق الإعلامي المبتذل
قضيّة الفتاة المغتصبة: آلام الناس ليست مادّة للتسويق الإعلامي المبتذل

قضيّة الفتاة المغتصبة: آلام الناس ليست مادّة للتسويق الإعلامي المبتذل

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي،، مؤخرا، صورة منشط برنامج “عندي ما نقلك”علاء الشابي مرفوقة بهذا التعليق “عقاب الاغتصاب الحبس موش العرس سي علاء!!”، كما قررت “الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري “الهايكا” إيقاف بثّ برنامجه لمدة 3 أشهر.
ومن الفضائل القليلة لهذا البرنامج، الذي أحدثت آخر حلقاته ضجّة إعلامية مرشحة للتفاقم وأثارت حفيظة الرأي العام النسائي والحقوقي ومستعملي وسائل التواصل الاجتماعي من شريحة الشباب خصوصا، أنّها طرحت مسألة علويّة الدستور التونسي (البند 46)، الذي يحظر العنف ضدّ المرأة على قوانين “المجلة الجزائية” (البند 227) التي مازالت تعتبر أنّ زواج المعتدي بالمجني عليها في قضية الاغتصاب يوقف التتبعات العدلية في حقّه.
وفي هذا السياق، دعت حملة “بدّل القانون” على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مراجعة هذا البند، من أجل عدم إيقاف التتبعات العدلية في حق المجرم.
وبغض النظر عن “الشعبوية” واتباع أسلوب الإثارة من أجل تحقيق الربح المادّي على غرار ما تقوم به كلّ وسائل الإعلام المبتذلة والتي ليست لها سوى غاية تجاريّة.
وبعيدا عن الخلط المقصود بين الطبيعة المحافظة لعائلاتنا والتساهل مع قضايا العنف والاغتصاب واتهام المرأة بالعهر وتحميلها وزر الأزمة الأخلاقية السائدة، فإنّ المسألة تطرح على هذه الشاكلة.
ويجعلنا نتساءل عن مؤهلات منشط البرنامج الذي يدّعي المهنيّة والذي عرف في عهد المخلوع منشطا لبرنامج غنائي مبتذل على “قناة 21”. فالجميع يعلم أنّ أغلب “الصحفيين” في جلّ وسائل الإعلام، خاصة قبل 2011، يتمّ اختيارهم بعناية على أساس الولاءات والمحسوبية وعلاقات القرابة.telechargement-1
كيف تحوّل هذا المنشط، في ظرف قصير، إلى مصلح اجتماعي يتكلم الفصحى كأنه أكاديمي في العلوم الإنسانية، وينصّب نفسه حكما في كلّ المشاكل الأسرية، في وقت يرزح فيه شباب أكفاء تحت وطأة بطالة أصحاب الاختصاص الجامعي القسرية؟
وإذا كانت أغراضه “شريفة” وغيرته على النسيج الاجتماعي وعلى الأخلاق العامة ليست ادعاء، وليست قائمة على المتاجرة بآلام عدد كبير من المواطنين البسطاء، وإذا لم تكن غايته تحقيق “الربح الأقصى”، ما الذي يمنعه من تشريك صحافيين استقصائيين وخبراء في علم الاجتماع وعلم النفس ومستشارين قانونيين في برنامجه ليتمّ تناول القضايا المطروحة بشكل علمي وممنهج وعميق، أم أنّ ذلك لا يستجيب للخط الإعلامي للمسؤولين على قناته التجارية؟
وعلى هذا الأساس، فإنّ دور الجمعيات والمنظمات والفعاليات النسوية لا يجب أن يقتصر على التصدي للقوانين المتعارضة مع الدستور وإلى المطالبة الدؤوبة بتطوير التشريعات المتعلقة بحقوق النساء فحسب، بل يجب أن يتعداها إلى مقاضاة من تسوّل له نفسه تجاوز صلاحيّاته المهنية والتلاعب بمصير التونسيات وتلويث وعيهن بذواتهن.
رفيق زغيدي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×