الرئيسية / صوت الجبهة / نزار عمامي لـ”صوت الشعب”: رسالة النّوايا الموجّهة إلى صندوق النّقد الدّولي تؤكّد أنّ الحكومة تعتمد سياسة المنظومة القديمة وتعادي المسار الثوري
نزار عمامي لـ”صوت الشعب”:  رسالة النّوايا الموجّهة إلى صندوق النّقد الدّولي تؤكّد أنّ الحكومة تعتمد سياسة المنظومة القديمة وتعادي المسار الثوري

نزار عمامي لـ”صوت الشعب”: رسالة النّوايا الموجّهة إلى صندوق النّقد الدّولي تؤكّد أنّ الحكومة تعتمد سياسة المنظومة القديمة وتعادي المسار الثوري

حاورته فاتن حمدي

يتواصل الجدل تحت قبّة البرلمان بخصوص بعض مشاريع القوانين المعروضة على النوّاب قصد المصادقة عليها. وبعد الطّعن في قانون البنوك والمؤسّسات المالية يستعد المجلس للنظر في قانون المصالحة وقانون الانتخابات الجديد، إضافة إلى تواصل تركيز بقية الهيئات الدستورية.

“صوت الشعب” التقت السيد نزار عمامي منسّق رابطة اليسار العمالي والنائب عن الجبهة الشعبية بمجلس النواب وأجرت معه الحوار التالي:

 

هناك اتّهام موجّه إلى مجلس النوّاب بأنّه السّبب في تعطّل المسار الدّستوري، فهل تشاطرون هذا الرّأي وماهي الأسباب؟

أريد أن أوضّح أنّه حين نتحد ّث عن مجلس النوّاب الحالي ينبغي الحديث عن الأغلبية المتشكّلة من حركة النهضة وحزب نداء تونس من جهة والمعارضة من جهة أخرى. وهو ما أفرزته نتيجة الانتخابات الأخيرة. وهذه الأغلبية المتواجدة في مكتب المجلس واللّجان تتحكّم أيضا في أولويّات المجلس عن طريق النظام الداخلي الذّي يعبّر عن المغالبة. ولهذا فإنّ التعطيل للمسار الدستوري ناتج عن غياب أولويات من قبل الحكومات المتعاقبة منذ انتخاب المجلس التأسيسي ولا تتحمّل كتلة الجبهة الشعبية ونوّاب المعارضة أسبابه. بل هو مسؤولية الأغلبية البرلمانية والتي تمثّل الأغلبية أيضا في الحكومة الحالية لأنّها لم تقدّم مشاريع القوانين في الإبّان وتمكّن النوّاب من مناقشتها بتروّي قبل المصادقة عليها خلال الجلسات العامة.

من جانب آخر أؤكّد أنّه حينما التجأت كتل كتلة الجبهةونوّاب المعارضة إلى الطعن في قانون المجلس الأعلى للقضاء فهذا لا يٌعدّ تعطيلا كبيرا للمسار الدستوري بقدر ما دفع الكتل الأغلبية إلى الالتزام بالدستور والقانون.

 Untitled-1أين وصلتم في تركيز الهيئات الدّستوريّة؟ 

إنّ مشاريع القوانين الخاصة بالهيئات الدستورية توجّه إلى مجلس النواب من قبل رئاسة الحكومة أو رئاسة الجمهورية حسبما ينصّ عليه الدستور، ورغم أنّ الحكومات المتعاقبة لم تسرع في تركيز هذه الهيئات إلاّ أنّ المجلس الحالي يستعدّ لتركيز المحكمة الدستورية وإجراء انتخاب أعضائها قريبا، إضافة إلى استكمال بقية الهيئات الدستورية. من جانبها ستدفع كتلة الجبهة الشعبية في اتجاه التسريع في إنشائها وتركزيها نظرا إلى الأوضاع التي تمرّ بها البلاد مقابل تعطّل المسار الدستوري،حتى لا تقع انتكاسة على مستوى الدستور أو أيّ انحراف على المسار الدّيمقراطي.

هل تقدّم المجلس في ممارسة سلطته الرّقابيّة على السّلطة التّنفيذيّة؟

رغم أهمّيّة السلطة الرقابية لمجلس النوّاب إلاّ أنّ كتلة الجبهة الشعبية تلاحظ أنّ الحكومة، أي السلطة التنفيذية تتعامل بصورة عامة مع البرلمان بطريقة تقليدية قديمة. فالاتلاف الحاكم يتعامل مع البرمان بأسلوب الماضي وهو غير مقتنع بالنظام السياسي الجديد في البلاد أي النظام البرلماني المعدّل والذي تكون فيه السلطة الأساسيّة لمجلس نواب الشعب وتكون الحكومة خاضعة فيه للرّقابة الدائمة من قبل البرلمان.

وحتّى عندما تتمّ مساءلة الحكومة من قبل البرلمان لا نستخلص منها كنوّاب في كتلة الجبهة الشعبية أجوبة مقنعة بخصوص تساؤلات النوّاب، ففي بعض الأحيان تكون الجلسات غير جديّة وكان من الأجدر عدم عقدها، لأنّه هناك رفض ذاتي من قبل السلطة التنفيذية في أن يطّلع النوّاب والرأي العام على التطوّرات خاصة المتعلّقة بقضايا مهمّة على غرار ملفّ الإرهاب والاغتيالات السياسة والوضع الاقتصادي والاجتماعي، حيث تكون الأجوبة قليلة جدّا ولا تصل إلى عمق مسبّباتها. وهنا اعتبر أنّ السلطة التنفيذية تتعامل بردّة فعل سلبية تجاه النظام السياسي الجديد ولا تساير التّغييرات التي حصلت في البلاد.

في كلّ هذا ماذا كانت مساهمة كتلة الجبهة الشّعبيّة وكيف تقيّمون أداءها؟

بالنسبة إلى كتلة الجبهة الشعبية هناك آليات متوفّرة داخل المجلس على غرار توجيه الأسئلة الشفاهية أو طلب جلسات حوار مع أعضاء الحكومة. وهنا أذكّر بالجلسة التي طالبت بها الكتلة لمساءلة وزيري الداخلية والعدل بخصوص ملفّ الاغتيالات السياسية. وحسب آخر الأخبار فإنّه وإثر هذه الجلسة و بعد أن تقدّم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد بثلاثة قضايا بخصوص ملفّ اغتيال الشهيد شكري بلعيد اضطرّ وزير العدل الحالي إلى فتح تحقيق في الخروقات المتعلّقة بالملفّ.

وبخصوص أغلب الجلسات العامة تحرص كتلة الجبهة على القيام بدورها رغم أنّ المجلس يقوم على منطق المغالبة من قبل كتلتي حركة النهضة ونداء تونس. وكتلة الجبهةتحاول أن تكون حاضرة وأن توجّه الأسئلة إلى أعضاء الحكومة بخصوص عديد القضايا والملفّات التي تهمّ البلاد، كما تسعى أيضا إلى تقديم مقترحات عمليّة وجديّة بخصوص مشاريع القوانين المعروضة على المجلس.واعتبر أنّ كلّ هذا هو جزء من العمل الرقابي الذي تحاول الكتلة الدفع إليه من خلال الآليات المتوفّرة داخل مجلس النوّاب.

كتلة الجبهة الشّعبيّة قدّمت مبادرات تشريعيّة قليلة. فهل يعود ذلك إلى قناعتها بأنّ الأغلبيّة البرلمانيّة لم تقطع مع منطق المرور بالقوّة؟ وكيف ستتعاملون مع ذلك؟

أذكّر بهذا الخصوص أنّ كتلة الجبهة الشعبية تقدّمت بمشروع قانون يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني ومشروع قانون يتعلّق بالفصل عدد 52 الذي يجرّم استهلاك مادة “الزطلة” ومشروع قانون حول تعديل وإتمام قانون العدالة الانتقالية، إضافة إلى المشروع الأخير المقدّم والمتعلّق بالتدقيق في المديونية العمومية. في المقابل هناك دوما مشكلة تتعلّق بأولويات المجلس يتمّ تحديدها من قبل اللّجان داخل المجلس والتي تتلقّى مشاريع القوانين من قبل الحكومة. إضافة إلى وجود خلفيات سياسية تفرض من قبل التحالف الحكومي الذي يسعى إلى إعادة المنظومة القديمة من خلال السياسات المتّخذة من جانبه. ولهذا هناك صراع ومواجهة شاملة داخل البرلمان بين هذا الائتلاف الليبرالي وبيننا كمعارضة من أجل التصدّي للمشاريع المعادية للبلاد ولقيم الثورة ومطالبها.

 

ساهمت كتلة الجبهة الشّعبيّة في عديد الطّعون لدى هيئة مراقبة دستوريّة القوانين آخرها الطّعن في قانون البنوك والمؤسّسات الماليّة، فماهي أوجه الطّعن؟

لابدّ من الإيضاح بهذا الخصوص أنّ أغلب الطّعون المقدّمة حول بعض مشاريع القوانين كانت بمشاركة نوّاب المعارضة بالبرلمان. وقد تقدّمت كتلة الجبهة الشعبية بمعيّة نوّاب المعارضة مؤخّرا بالطعن في قانون البنوك والمؤسّسات المالية لسببين رئيسيّين، الأول حول الفصول المتعلّقة بالصيرفة الإسلامية، والطعن حولها لا يتعلّق بالإيديولوجيا بقدر ما يتعلّق بتطبيق القانون التونسي، ولهذا طالبت الكتلة بإضافة “وفقا للقانون التونسي” بخصوص فصول هذا القانون. لكنّ كتلة حركة النهضة أساسا ومن ثمّ كتلة نداء تونس رفضت مقترحنا، وهو ما قد يسمح بوجود هيئة على شاكلة هيئة الإفتاء في البنوك وغياب الوحدة القانونية، وهذا ما نستغربه لأنّ حركة النهضة تسعى من خلاله إلى إرساء نمط معيّن في علاقة بالمنتوجات البنكية الذي يتعارض مع الدستور التونسي.

وبخصوص نفس القانون تقدّمت المعارضة بالطعن في الفصول المتعلّقة بإفلاس البنوك، حيث لم يتمّ التنصيص على حماية حقوق المودعين بالبنوك في حالة الإفلاس، ولهذا اعتبرناها غير سليمة ولا تحترم القانون وتدفع بالمواطن إلى تحمّل خيارات البنك الذي يتعامل معه وفي حالة الإفلاس لن يتحصّل على ودائعه.

 

أنتم بصدد نقاش قانون الانتخابات، فماهي أبرز تحفظّات كتلة الجبهة الشّعبية على هذا المشروع؟

حاليا هذا القانون معطّل، والنقاشات لم تحسم بعد بخصوص نقطة “العتبة” التي تنصّ على ضرورة تجاوز نسبة 3 بالمائة من الأصوات للمترشّح في الانتخابات حتى يتمكّن من الفوز والحصول على مقعد. وتعتبر كتلة الجبهة أنّ هذا الفصل يرمي إلى ضرب التمثيلية النسبية للمترشّحين وللقائمات المستقلة مقابل دعم القائمات الحزبية التي تتحصّل على المال أو تعتمد على المال الفاسد. وبخصوص هذا القانون تطالب كتلة الجبهة بضرورة اعتماد التناصف الأفقي والعمودي في القائمات الانتخابية وهناك إشارات إيجابية بخصوص ما دافعت عنه الكتلة مؤخّرا حول إسقاط القائمات التّي لا تعتمد نسبة 50 بالمائة بهذا الخصوص ما قد يحفّز كلّ الأحزاب على احترام هذا المبدأ.

إضافة إلى ذلك، ورغم مطالبة كتلة الجبهة الشعبية بأن يتمتّع الأمنيّون بحقّهم في التصويت خلال الانتخابات بعد التوافقات حوله، إلاّ أنّ كتلة حركة النهضة أساسا مازالت ترفض هذا المقترح وتراوح إلى الآن للقبول به.

 

اتّفاقات القروض التي تمّت المصادقة عليها من قبل المجلس عديدة، وقد اعتبرتم البعض منها يمسّ من سيادة البلاد، لو توضّح لنا كيف؟

تعيش البلاد مؤخّرا أزمة اقتصادية عميقة إضافة إلى الأزمة السياسية والاجتماعية والأمنية. وفي المقابل فإنّ التوجّهات العامة للحكومة الحالية لم تخرج من السياق القديم والذي لم يبتعد عن منطق التداين، وهذا ما دفع إلى ارتفاعنسب المديونية حيث بلغت نسبة 52 بالمائة فأغلب القوانين التي نظر فيها المجلس هي المتعلّقة بالحصول على قروض. كما أنّ أغلب هذه القروض سواء كانت قطاعية أو متعلّقة بالحياة العامة أو لدعم ميزانية الدولة. وهنا اعتبرت كتلة الجبهة أنّ القروض الموجّهة لدعم الميزانية خطيرة جدّا لأنّها تهدّد الوضع أساسيا وقد تؤدّي إلى الإفلاس لأنّ مثل هذه القروض غير موجّهة للاستثمار أو التشغيل بل موجّهة لتغطية عجز ميزانية الدولة.

وأمام تراجع كلّ المؤشّرات منها تراجع الاستثمار الأجنبي والداخلي والعجز في الميزان التجاري مقابل أنّ أغلب هذه القروض المتأتّية من قبل صندوق النقد الدولي والاتّحاد الأوروبي تضمنّت شروطا مجحفة وضغطا كبيرا على الميزانيات المقبلة وشروطا أخرى تضرب أساسا المطلب الأساسي للثورة وهو التّشغيل. فهذه القروض تضمّنت شرط إيقاف الانتدابات في الوظيفة العمومية وهو ما أدّى إلى تأزّم الوضع بالبلاد والالتفاف على المسار الثوري وستكون سنة 2017 سنة تفاقم المديونية نتيجة تواصل نفس السياسات والذي يتسبّب في عجز في تسديد هذه الديون. ولهذا اعتبرت الجبهة الشعبية أنّ هذه السياسة لاشعبية وتضرب السيادة الوطنية بسبب هذه الإملاءات المجحفة على بلادنا.

 

ماهو موقف المجلس من رسالة النّوايا الموجّهة إلى صندوق النّقد الدّولي من قبل محافظ البنك المركزي ووزير الماليّة؟ وهل يحقّ لهما تقديم هذا التّصوّر دون أخذ رأي المجلس في ذلك؟

إنّ أغلب الحكومات المتعاقبة اعتمدت على سياسات اقتصادية لم تخدم مصالح الشعب. بل كانت متواصلة لما يُعرف بسياسة الإصلاح الهيكلي الذي يخدم المنظومة الرأسمالية والدوائر الأجنبية. في المقابل يفرض صندوق النقد الدولي على الحكومات أن توجّه رسالة له تتضمّن التزاماتها وتشرح من خلالها أسباب عدم التزامها في السابق بتطبيق الشروط وتجدّد أيضا من خلالها تطبيقها مستقبلا خاصة على مستوى إصلاح البنوك وإيقاف الانتدابات في الوظيفة العمومية وما يعتبرونه إصلاحا للصناديق الاجتماعية وتخلّي الحكومة عن دورها في دعم الخدمات. ولهذا لخّصت رسالة النوايا الموجّهة إلى صندوق النقد الدولي التزام الحكومة التونسية بالسّير في اتّجاه تطبيق جلّ هذه الشروط مقابل الحصول على قروض مالية والتغطية على العجز في ميزانية الدولة. وقد كان من المفروض أن تتمّ مناقشة هذه الرسالة من قبل السّلطة التشريعية، إلاّ أنّه وكما ذكرت سابقا فهناك تواصل لاعتماد نفس المنظومة القديمة وتجاهل لمجلس النوّاب كما حدث في اتفاقات سابقة خاصة منها اتفاقية التبادل الشامل مع الاتّحاد الأوربي. ولهذا شدّدت الجبهة الشعبية على أنّ الائتلاف الحاكم والحكومة الحالية تواصل اعتماد نفس سياسة المنظومة القديمة المعادية لخيارات الشعب وللمسار الثوري في البلاد.

 

 

 


 [S21]

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×