الرئيسية / صوت الوطن / الطّغمة المتهوّرة الدّولة الفاشلة
الطّغمة المتهوّرة الدّولة الفاشلة

الطّغمة المتهوّرة الدّولة الفاشلة

عمار عمروسية

لا دخان أبيض من قصور الرئاسات ينذر باقتراب حلحلة أزمة الحكم العميقة التي تعصف بأركان المؤسسات السياسية المنبثقة عن انتخابات 2019. وحدها مؤشرات التّطاحن فوق الحزام وتحته تتواتر كلّ يوم وتفتح أبواب معركة مستعرة مدارها الأوّل والأخير السّلطة ومغانمها اليوم وغدا. فالظاهر حتّى السّاعة على الأقل انسداد جميع مسالك التّسويات وفشل جميع محاولات تقريب وجهات النّظر وشدّ العصا من الوسط كما يقال. فالمعسكرين يدفعان بكلّ أسلحتهما إلى دوائر أشدّ خطورة تفتح على حسم نزاع المواقع والصلاحيات بالاعتماد على نقل آليات الاشتباك إلى الشّوارع والسّاحات العامّة بعد أن خابت ميادين المناورات السياسيّة والاجتهادات القانونيّة والدًستوريّة.
حرب أقطاب الحكم وسخة في أهدافها البعيدة عن مصالح الشعب وقذرة في أساليبها وخططها رغم محاولات تجميلها بشعارات الدّفاع عن المبادئ الدستورية والقيم الوطنيّة. حرب شركاء الحكم ليست وليدة التّحوير الحكومي الحالي. فهي قديمة. ذلك أنّ جولتها الأولى كانت مع أوّل حكومة بعد انتخابات 2019 (حكومة الجملي) وتواصل شوطها الثاني مع “الفخفاخ”.
تتناطح رؤوس القصور في الخفاء والعلن ضمن مواقع مختلفة واصطفافات متباينة فتسقط الحكومة. يعبثون بالدّولة ويلعبون بالحكومات دون أدنى اكتراث لعمق الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تسحق الأغلبية السّاحقة من شعب تونس.
حرب الفوق جميع أهدافها الحقيقيّة بعيدة عن مواجع ضحايا النّظام من عمّال وفلاحين وشغاليّن وبطبيعة الحال جمهور المهمشين والمنسيّين.
فالتّحت يكتوي كما لم يسبق من قبل بوطأة الأزمة الاقتصاديّة الخانقة والأزمة الصحيّة غير المعهودة. ينهض الفقراء وطالبو الحقوق ويستجمعون قواهم للصّراخ من شدّة أوجاعهم ويرفعون مطالبهم المشروعة والعادلة فتقابلهم الطّغمة بالقمع الواسع.
على عواهل الشّعب دخلوا قصور الحكم ضمن انتخابات فاحت رائحة مفاسدها وعلى ضجيج الشعارات الكاذبة حول خدمة الوطن والمواطنين يطلقون أيادي أذرعة البطش والتّنكيل بالحراك الاجتماعي. ماكينة البطش دارت في وجه الجميع بالليّل والنّهار وهي جاهزة لخنق الأصوات مهما كانت مطالب المحتجين. ولعلّ ما طال فلاّحي “أولاد جابالله” بـ”المهدية” خير دليل على قولنا. فالهروات الغليظة والقنابل المسيلة للدموع والإيقافات سلاح الطّغمة حتّى في مطالب توفير الأعلاف والحطّ من شطط أسعارها والحدّ من الاحتكار.
كلّ الفظاعات حدثت تحت إشراف مباشر من السيد “المشيشي” رئيس الحكومة ووزير الداخليّة وغطاء سياسي من حزامه السياسي.
وجميع الانتهاكات حصلت تحت أعين رئيس الجمهورية الذي تقاعس في التّباين الصريح مع هذه الاستدارة البوليسيّة الغاشمة. حربهم غير معارك ضحايا “السيستام” ومشاغلهم متناقضة مع هموم المسحقوين. والأنكى من ذلك أنّ طغمة الحكم تدفع البلاد بخطى حثيثة نحو الانهيار الشامل. فأزمة الحكم القائمة تضع البلد على مشارف الدّولة الفاشلة. وقد بدأت بعض العناصر تتوضّح تباعا. فتنافر بل تطاحن المؤسسات الأساسيّة للسّلطة ظاهر للعيان وانهيار النّسيج الاقتصادي المنتج جاري على قدم وساق. وبالتّوازي مع ذلك تكاثر الحديث عن عجز الماليّة العموميّة القريب عن سداد رواتب الأجراء والمتعاقدين دون نسيان خلاص أقساط الدّيون الخارجيّة لهذا العام.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×