الرئيسية / أقلام / عرفنا التجمّعيّين النظاف “لله يا محسنين.. اللي يلقى تجمّعي متسخ يجيبهولنا”
عرفنا التجمّعيّين النظاف “لله يا محسنين.. اللي يلقى تجمّعي متسخ يجيبهولنا”

عرفنا التجمّعيّين النظاف “لله يا محسنين.. اللي يلقى تجمّعي متسخ يجيبهولنا”

بقلم مراد الحاجي

90من مفارقات الثورة التي حصلت في بلدان الربيع العربي أنّ من ثارت ضدّهم الشعوب اختفوا مدّة من الزّمن وانتابهم خوف شديد بسبب وعيهم بحجم ما ارتكبوا من أخطاء تصل أحيانا حدّ الجرائم في حقّ هذه البلاد والعباد. لكنّ أخطاء من حكموا بعدهم فرشت لهم الأرض ليعودوا إلى الواجهة. وقد جاء اليوم الذي رأينا فيه حامد القروي يطلع على شاشات التلفزيون معربدا متّهما الجميع يكاد يقول لنا أنّ التجمّعيّين أسيادكم.

ذكّرني المشهد بمسرح اللاّمعقول حيث العلاقات الغريبة والمركّبة وحيث يسود اللاّمنطق. تذكّرت أولى صفحات تبييض صفحة حامد القروي يوم اتّخذ رئيس الحكومة المؤقتة من بين كلّ أطبّاء تونس ابن القروي طبيبا خاصا له. وإذا الجميع يحتفون بالطبيب الابن وكأنه صكّ البراءة الذي رمي للقروي ولم يكن الطبيب إلاّ بارّا بأبيه فدافع عنه باستماتة وبيّض أياديه وكاد يقول لنا أنّه ربّاه على أن يكون إسلاميا وأهدى فلذة كبده للمعارضة.

تواصل مسرح اللاّمعقول  يوم  خرج علينا ابن القروي في القنوات التلفزية يطمئننا على صحّة حمادي الجبالي ويحدّثنا عن أنه تربّى في حضن أب احترم النهضويين ولم ينكّل بهم ولذلك كانت العائلة وسيطا رحيما بين بن علي ومعارضيه من الإسلاميين. وكاد الفتى يمعن في الحديث عن مناقب الأب. وظننّا أنها محاولة لاسترداد ماء وجه الأب.

غير أنّ مسرح اللاّمعقول تواصل، وفي موجة سعي الشيوخ إلى استرداد صباهم وتحقيق ما منعهم من تحقيقه حضور بورقيبة أو بن علي، طلع علينا القروي بتأسيس حزب. حصل الحزب على التصريح القانوني ولم ينجز قانون العدالة الانتقالية بعد ولا تمّت لا محاسبة ولا مصالحة ولا “سيدي زكري”. ولكم أن تتصوّروا حجم اللاّمعقول في ما حصل. تصوّروا لو أنّ ألمانيا بعد الحرب العالمية منحت أحد وزراء هتلر حق ممارسة نشاطه السياسي.

وكان يمكن أن نقول أنّ الرجل استطاب استعادة الصبا وانخرط في حملة سعي الشيوخ لحكم هذه البلاد التي جعلها تهافتهم على السلطة أشبه بتلك الفتاة المسكينة التي اغتصبت في مجتمع ذكوري فتكون غنيمة للشيوخ يهزّهم الطّمع في جسدها ويدعون ربح الأجر بسترها. غير أنّ الرجل طلع علينا بوجه آخر وجه شديد الوقاحة فإذا هو يقدّم نفسه على أنه المنقذ وأنّ التجمعيّين ملائكة الرحمة وأنّ على الجميع أن يصمت لأنهم أولى الناس بهذه البلاد.

في مسرح اللاّمعقول قد يكون كلّ شيء معبّرا عن لا معقولية  ما يحصل وعن الرفض، لكن اللاّمعقول في وطني يعبّر عن أزمة حقيقية تعيشها هذه الثورة التي قد يخرج جلاّدو الأمس أكبر مستفيد منها. أريد أن أسأل ألمانيّا عن رأيه في النازيين “النّظاف”. ومادام البعض يحدّثنا عن التجمعيين “النظاف” وهو ما يستوجب وجود تجمعيين متّسخين. الكلّ يشير إلى التجمعيين “النظاف” فهلاّ دلّنا فاعل خير على متّسخ واحد. وعلى ٍرأي أحد الشيوخ “اللي يلقى تجمعي متسخ يجيبهولنا”

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×