الرئيسية / منظمات / أخبار / مع التبرع لفلسطين.. ولكن مع سنّ قانونٍ يجرم التطبيع مع الكيان الغاصب أيضا!
مع التبرع لفلسطين.. ولكن مع سنّ قانونٍ يجرم التطبيع مع الكيان الغاصب أيضا!

مع التبرع لفلسطين.. ولكن مع سنّ قانونٍ يجرم التطبيع مع الكيان الغاصب أيضا!

صدر أول أمس بلاغ عن رئاسة الجمهورية التونسية مفاده أن الرئيس قيس سعيد يدعو “كل الأحرار و الحرائر في تونس والعالم إلى توجيه المستلزمات الطبية اللاّزمة إلى الشعب الفلسطيني” معلّلا دعوته بالكثافة السكانية التي تعيشها فلسطين و شحّ الإمكانيات.

هذه الدعوة تبدو في ظاهرها إنسانية، ولا يمكن لمن يحمل عقلا وضميرا أن يرفضها أو يعترض عليها. غير أن المتمعّن في طبيعة عمل مؤسسة الرئاسة يصاب بالحيرة إن لم نقل بابتسامة ساخرة من هذه الدعوة. فالمعروف أن مؤسسة الرئاسة تنتمي دستوريا إلى السلطة التنفيذية والتي من المفروض أن تتولّى تنفيذ السياسات والخطط والمبادرات ولا تصدر دعوات مبهمة تكتفي بها. فالمطلوب من رئيس الجمهورية أن يقدّم مبادرة عملية واضحة و يمرّ إلى تنفيذها خاصة أن مثل هذه الدعوات الإنسانية لا تقتضي العودة إلى السلطة التشريعية للمصادقة عليها.
يبدو هكذا أن دعوة قيس سعيد إلى مساعدة الشعب الفلسطيني في هذا الظرف ليست إلا مزايدة سياسية وسعيا منه لكسب ودّ الناس وتعاطفهم بعد أن تراجعت ثقة المواطنين به في المدة الأخيرة. وليس من باب الإجحاف في شيء حين نقول أن قيس سعيد لم يقدّم ما ينتظره المواطن لحماية نفسه وتأمين حياته واكتفى بإعلان حظر الجولان ونشر العسكر في الشوارع. فإذا كان غير قادر على تأمين بيته فهل يمكن أن يكون قادرا على تأمين بيوت الآخرين؟
إن الملف الفلسطيني برمّته كان دوما ملفا للمزايدة والمضاربات السياسية، ولو كان قيس سعيد صادقا في تضامنه مع الشعوب المنكوبة (ولنقل بلغته هو “الشعوب العربية الإسلامية”) لكان جمٓع التبرعات والمساعدات للشعب اليمني الذي يموت أطفاله وشيوخه ونساؤه كل يوم نتيجة الجوع وقصف التحالف العربي بقيادة السعودية ونقص الأدوية، أو قدّم المساعدات اللّوجستية والسياسية للشعب السوري المحاصر منذ عشر سنوات، أو انتبه إلى وضع الشعب العراقي الذي يموت أبناؤه تحت رصاص الآلة العسكرية، فالتضامن مع فلسطين يكون مبدئيا وملموسا حين نجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يغتصب أرض فلسطين وعرض أبنائها …
إن الملفات الإنسانية وتضامن الشعوب ليست محلّ مزايدة أو تلاعب سياسي، كما أنها ليست بالونة اختبار للشعب وللمجتمع المدني. فالشعب التونسي لم يتأخر يوما عن دعمه لكل قضاياه القومية وخاصة للشعب الفلسطيني الأبيّ، والتونسيون قدّموا طوال عقود مساندتهم اللامشروطة لهذا الشعب في شكل مساعدات مادية ومالية واحتجاجات بالشوارع وقوافلا من الشهداء والفدائيين. ولو كانت مبادرة قيس سعيد عملية وصادقة لتسابق التونسيون لمدّ يد العون لإخوانهم الفلسطينيين حتى ولو كانوا تحت وطأة هذا الوباء الكوني الذي يهدّد البشر.

لطفي فريد

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×