الرئيسية / أقلام / لعنة الفسفاط
لعنة الفسفاط

لعنة الفسفاط

منذ اكتشاف الفسفاط وولاية قفصة تعيش قصة طويلة معه، لا يمكن التكهّن بنهايتها.
قفصة – الفسفاط أصبحت مركز اهتمام الحكّام لاستخراج أكبر كمية ممكنة من جوف جبالها والتسريع بنقله. فمدّوا السكك الحديديّة وأتوا بالقاطرات وجنّدوا الشركات الخاصة في المساهمة لنقل أكبر كمّية ممكنة و”كل خطوة بحسنة”.
الكلّ كان هدفه الفسفاط، من حكومات وأصحاب المال، كل منهم يسعى جاهدا إلى تكديس الأرباح لصالحه.

قفصة الوجه الآخر الذي لا يرونه ولا يأبهون به طبّقوا عليها سياسة فرّقْ تسُدْ و”القفصي لا تجوعوا لا تشبعوا باش ما يثورش”.
إن قلنا قفصة، نقول أيضا أكبر نسب بطالةٍ في صفوف أبنائها، لا بنية تحتيّة ولا مشاريع تنموية، وبعض الشركات الخاصة التي تستثمر في الفقر وتستغل في اليد العاملة الوفيرة والبخسة بعقودٍ محدودة المدّة لا تغني من جوع.

قفصة قطاعٌ صحّيٌّ في موتٍ

الجميع يعلم انّ المستشفى الجهوي بالجهة يفتقر إلى أبسط التجهيزات الضّرورية، وعوضا عن النهوض به وتسخير جزء من عائدات الفسفاط لتحسينه لوجستيًّا اِلتجؤوا إلى المصحّات الخاصة في عيادة بعض المرضى واستخلاصه من الميزانية المخصّصة للمؤسسة من ميزانية الدولة. إطار طبّي محدود العدد وغياب أطباء الاختصاص مشكلة لم يتجاوزها القطاع منذ تأسيسه بالحهة. أمّا الإطار شبه الطبّي-وبعد تهميشه من خلال إغلاق مؤسسات التكوين العمومية والاعتماد على التكوين الخاص- بقي انتدابهم خاضعا لأحكام الاعتمادات المالية التي لا تأتي إلا بالخضوع لإرادة وأطماع البنوك العالمية.

ويطالعنا وزير الصحة بدعوة المديرين الجهويين للصحة بتمكين المتطوّعين من معاضدة مجهود الإطار التربوي تطوّعا والتنبيه عليهم أن لا يكون هذا الالتزام الاجتماعي والإنساني من قِبَلهم مدخلا للمطالبة بالانتداب فيما بعد، وهذه رسالة في شكل زلّةٍ تُعرّي حقيقة من هم في الحكم ونظرتهم للآلاف من المعطلين، ومنهم مساعدو الصحة الذين ينتظرون دورهم في طابور المعطلين.

لعنة الفسفاط ستبقى تلاحق شبابنا الذي ينهشه التهميش والبطالة والغبن على ثروةٍ لا يرى منها سوى الأمراض والتلوّث، وإن طالب بحقّ أونصيب أو عائدٍ منها استجابت له الدولة بفتح ملفات له في المحاكم.

ما تشهده قفصة اليوم من توسّع دائرة المصابين بفيروس كورونا والعدد المحدود للعيّنات المرفوعة وبطء صدور النتائج ما هو إلا حلقة من الوضع المأساوي للقطاع الصحي بالجهة وعدم تركيز مخابر تحاليل حكومية للتعاطي مع الأمراض الناجمة عن التلوث من إنتاج الفسفاط والتي أُثيرت اليوم وطرحت على الطاولة لاستغلالها لو كانت مركزة للكشف عن الفيروس المستجد ورفع أكبر أعداد ممكنة من العيّنات المشتبه بها وصدور نتائجها أسرع من انتظار ورودها من مخابر العاصمة بعد أربعة أيام والسرعة في رفع العينات التي يكشفها الأطباء أثناء العمليات الجراحية كما حصل اليوم 17 أفريل مع المريض الذي استوجبت حالته التدخل الجراحي والتفطن لإمكانية حمْله للفيروس وبقاء الطاقم الطبي والإطار شبه الطبي الذي باشره رهينَ الحجْز وهم ينتظرون مختص في رفع العينة من المشتبه به من الساعة 10 صباحا إلى ما بعد الساعة 18 مساء.

عزيزة الأطرش

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×