الرئيسية / صوت الوطن / وطن في مهب الرئاسات
وطن في مهب الرئاسات

وطن في مهب الرئاسات

عمار عمروسية

تجاوز الرأي العام الوطني في أغلبيته السّاحقة مشاعر القلق والحيرة حول وضع البلد ومآلات ركضه نحو الخلف.
فسؤال الكثيرين “وين ماشية البلاد؟” لم يعد مشغل الجميع لأنّ وقائع كثيرة من اشتداد الأزمة العميقة والشاملة التي تعصف بالوطن قد أماطت اللّثام على نطاق واسع عن وجهة ذاك السير ويسّرت الوقوف على الهوّة السحيقة التي أضحت عليها الأمور. فالبلد على لسان الكثر من بنات وأبناء الفئات الشعبيّة” داخلة في حيط” أو هي “في هفهوف” الخ… وهي في نظر أصحاب الرأي في سياق تاريخي غير مسبوق، نجد تعبيراته المكثّفة في تكاثر دعوات إطلاق سراح الوطن والإفصاح بوضوح عن تفكّك الدّولة ووهنها الذي جعل الأستاذ “الهادي التيمومي” في حوار تلفزي يتحدّث بأريحية عن دخول البلد مرحلة التشويه بجثّة الدّولة. فالإنجاز الأبرز لمنظومة الحكم المنبثقة عن انتخابات 2019 هي في اعتقادنا نقل الشعب من دائرة القلق عن المستقبل ومارافقه من تساؤلات كثيرة أبرزها “البلاد وين ماشية” إلى منطقة الخوف على الحاضر والقادم.
ولعلّ هذا الانتقال في الإحساس والوعي هو بدايات فتح الباب أمام تنامي الحركات الاحتجاجيّة التي عرفت نسقا متصاعدا في الأسابيع الأخيرة. فالبلد كما يقال “حابسة وتمركي” وجميع خصائص الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية… تتّجه نحو مزيد التّعفنّ والتّعقيد. فمعركة أقطاب السّلطة على الحكم متواصلة ومامن مؤشر عن تسويات ممكنة بين معسكريها. فجميع الوسطات سقطت في الماء وأضحى من المستحيل تقريبا الحديث عن تعايش ممكن بين شركاء الحكم.
موازين القوى بين المعسكرين متقاربة وأعاقت حسم الخلافات ووضعت الرئاسات في سياق ركض دائم لحشد الحلفاء والأنصار. حرب الرئاسات مفتوحة ووسخة ولا ضوابط أمام أصحابها وكلّ الأسلحة مباحة لتحقيق المآرب. حرب القصور دوما قذرة تديرها عقيدة الرّبح ولاشيء غير ه. فكلّ الوسائل مشروعة حتّى وإن كان اللّعب بالدّولة ومؤسساتها والعبث بالشعب وحياته.
أفظع من ذلك، أصحاب القصور يغيّرون الكلام تلو الكلام ويبدْلون القناع بعد القناع لتوظيف شرائح المعدمين والمقصيّين اجتماعيّا لاستمالتهم في معاركهم. يشعلون الحرائق في كلّ وقت وحين، ويعملون على جعل الضحايا وقود تلك النّيران.
تتعاظم المخاطر المحدقة بالوطن وتنذر بالأسوإ غير المألوف غير أنّ أقطاب الحكم لا ترى في أتون معاركها سوى مصالحها الأنانيْة الضيّقة. فجميع المؤشرات الاقتصادية والمالية تدفع إلى انتقال الدّولة إلى مرتبة الدّول الفاشلة بما تعنيه من إمكانيّة العجز المطلق عن تسديد جرايات الشغالين والمتعاقدين. وكلّ الدلائل تؤكدّ اقتراب ساعة الانهيار التّامّ لأهم المنشآت والمؤسسات العموميّة.
البلاد تعيش تحت كابوس السّقوط المريع تحت براثن الكومسيون الماليّ بما يعنيه من ويلات الإذلال الوطني وضرورة تنفيذ الإملاءات الأجنبية في جميع المجالات السيّاسية والاقتصادية والاجتماعية وبطبيعة الحال في مجال الديبلوماسية الخارجيّة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×