الرئيسية / صوت العالم / العمل اليومي لحزب الطبقة العاملة بين الجماهير
العمل اليومي لحزب الطبقة العاملة بين الجماهير

العمل اليومي لحزب الطبقة العاملة بين الجماهير

 

الجزء 5 من 7
ترجمة مرتضى العبيدي

IV ـ اتخاذ المصانع كقاعدة لعمل الحزب

21. إن منظري البرجوازية والبرجوازية الصغيرة والأوساط الأكاديمية البرجوازية التي يستلهمون منها، مستندين إلى الاختلافات في تشكّل الطبقة العاملة التي تصاحب التطور الرأسمالي والتي ليست جديدة أصلا، وعلى اختلاف تلك السيرورة من بلد إلى آخر، يدّعون اليوم بأن قوى اجتماعية جديدة قد تطورت، وأن الطبقة العاملة لم تعد القوة الرئيسية والأساسية في النضال ضد هيمنة الرأسمالية ورأس المال، وأنها فقدت الآن دورها الثوري التاريخي كما حدده ماركس إلخ. وعلى عكس هذه التأكيدات المتكررة إلى حد الغثيان في كل لحظة ومناسبة، فإن عملية نزع الملكية وانحسارها في أيدي أقلية تتقلص يوما بعد يوم فحسب، ونتيجة لهذه العملية، تتطور الطبقة العاملة في جميع البلدان، ويتزايد دورها في الصراع الطبقي المتطور باستمرار. إن الطبقة العاملة، بالإضافة إلى كونها أكثر الطبقات حزما وتماسكًا وثورية في النضال ضد جميع أشكال الرجعية في عدد متزايد من البلدان، فهي تشكل أيضًا من الناحية الكمية القوة الرئيسية والأساسية لهذا النضال. وهذا يجعل الحاجة إليها في النضال ضد الرجعية تنمو على نطاق عالمي.

22. نظرًا لأن مرحلة وشكل التطور الرأسمالي يمثلان اختلافات كبيرة من بلد إلى آخر، فإن مرحلة تطور أقسام من الطبقة العاملة تتركز في قطاعات مختلفة مثل الصناعة والزراعة والتعدين والخدمات، تتميز باختلافات كبيرة في كل بلد وهي خاضعة أيضًا لعملية تغيير. ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذه التطورات والاختلافات، فإن البروليتاريا الصناعية، كما كانت بالأمس، تُظهر اليوم أيضًا “التجانس الأكبر مع الأفكار الماركسية اللينينية “، و”لديها أكبر نضج فكري وسياسي”، وتشكل القسم الأكثر تطورًا من الطبقة العاملة من جميع النواحي، بما في ذلك روح التضامن والوحدة فيها، وتنظيمها السياسي والاقتصادي والثقافي وجميع أنواع التنظيم، وتعبئتها الجماعية، وقدرتها واستعدادها للنضال إلخ. علاوة على ذلك، في الغالبية العظمى من البلدان، “بسبب عددها وتمركزها، فإن دورها يبقى حاسما في المراكز السياسية الرئيسية للبلد”. ونتيجة لذلك، ليس فقط في البلدان التي تطورت فيها الصناعة والبروليتاريا الصناعية، ولكن أيضًا حتى في البلدان التي تكون فيها البروليتاريا الصناعية ضعيفة فإن “إنشاء منظمة ثورية حازمة بين عمال المصانع”، وتعبئة قوانا وإمكانياتنا في العمل تبقى هي “المهمة الأولى والأكثر إلحاحًا” لأحزابنا (11).

23. واليوم، وعلى وجه الخصوص، فإن الأحزاب والمنظمات حديثة النشأة، وجزء من أحزابنا ومنظماتنا، هي حسب عبارة لينين، في “الفترة الأولية” لعملية توحيد الحركة العمالية والاشتراكية البروليتارية، أي في الفترة التي تتطلب منا ” أن نكرس أنفسنا كليا للعمل بين العمال وأن نتصدّى بشدة إلى أي انحراف عن هذا المسار “. من ناحية أخرى، فإن أحزابنا، التي لديها ارتباطات ومنظمات أكثر تطوراً داخل الطبقة العاملة، لم تفز بعد بأغلبية هذه الطبقة، وخصوصا من البروليتاريا الصناعية، من أجل تنظيم الأقسام الأكثر تقدمًا في صفوفهم، لكي يصبحوا جزءًا من الطبقة من حيث التكوين الطبقي لمنظماتهم وأعضائهم، من الهياكل العليا إلى الهياكل القاعدية. وعلى الرغم من وجود أمثلة إيجابية، لا يمكن القول إننا أنشأنا منظمات ثابتة ودائمة في المصانع وأماكن العمل ذات الأهمية الحاسمة لتطوير الحركة العمالية، أو أننا حولنا هذه المواقع إلى معاقل لا يمكن اقتلاعها بسهولة. لذلك، يجب على أحزابنا ومنظماتنا أن تضع العمل داخل الطبقة العاملة، وخاصة عمال الصناعة الحديثة، في قلب كل نشاطهم، وأن توزع قواها ومهامها وفقًا لذلك، وأن تتعامل مع الجوانب الثلاثة الرئيسية للنضال أي النضال النظري -الأيديولوجي والسياسي والاقتصادي وتديرها وفق هذا المنظور.

24. إن ضعف روابطنا مع الطبقة العاملة هو في نفس الوقت أحد الأسباب الرئيسية لضعف ميل الطبقات والشرائح الاجتماعية الأخرى لأحزابنا وتأثيرنا المحدود داخل هذه الأقسام، وسبب عدم قدرتها على تطوير ذلك. إن تأثير أحزابنا بين المثقفين والطبقات الكادحة الأخرى وخاصة الجماهير شبه البروليتارية، فضلا عن إمكانيات التنظيم والعمل بين هذه الأقسام، سيزداد أيضا مع تقدم عملنا داخل الطبقة العاملة، وخاصة مع الطبقة العاملة الصناعية، لأن أحزابنا ستنشئ منظمات قوية، وستكتسب ثقة ودعم أقسامها المتنامية تدريجياً وتصبح جزءًا من الطبقة العاملة من جميع النواحي. علاوة على ذلك، فإن الأقسام المختلفة من الطبقة العاملة لا تعيش حياتها فيما بينها فقط، أي معزولة عن الطبقات والشرائح الاجتماعية الأخرى؛ لذا فإن تقوية الحزب بين صفوف العمال وخلق منظمات بينهم يشارك فيها جميع أعضائه من خلال خوض نضال جماهيري يومي متواصل سيؤدي حتما إلى نمو نفوذه وتطور علاقاته في جميع مجالات الحياة وفي العلاقات الاجتماعية. لذلك، عندما يضع الحزب العمل بين العمال، ولا سيما عمال المصانع الكبرى، في قلب كل أعماله، ويجعل من ذلك أساسا لعمله وينشر وينظم قواه وفقًا لذلك، لا يعني البتة أنه يُهمل ويتجاهل الأقسام الأخرى من الطبقة العاملة وعموم الكادحين بل على العكس من ذلك، لأنه يخطّ الطريق الذي سيتم من خلاله توسيع إمكانيات الحزب للتنظيم والعمل وزيادة نفوذه في هذه القطاعات. لا شك أن العمل في الطبقة العاملة يجب أن يتم من خلال دمج القطاعات العاملة في إنتاج الطاقة وتوزيعها، والاتصالات والنقل، والتي اكتسبت أهمية استراتيجية على المستوى الدولي.

25. من ناحية أخرى، في جميع البلدان تقريبًا، تمتلك أحزابنا قوى وحلقات وأعضاء حزبيين ليس لديهم إمكانية “الذهاب بين العمال”، للقيام بعمل مباشر داخل الطبقة العاملة وخاصة العمال الصناعيين، في المصانع الكبرى. فلا يحقّ للحزب أن يتجاهلهم لأنهم لا يملكون الشروط “للذهاب بين العمال الصناعيين” أو بشكل عام للعمل بين العمال. فتبعا لمواقعهم وعلاقاتهم الاجتماعية، ومع مراعاة قدراتهم واحتياجات الحزب، يجب توجيههم وتنظيمهم للقيام بالعمل في المجالات التي يجدون أنفسهم فيها – أماكن العمل والمدارس والمؤسسات والمحليات إلخ ـ وحتى في الحالات التي لا يكونون فيها في وضع يسمح لهم بالمشاركة مباشرة في العمل بين الطبقة العاملة، بإمكانهم المساعدة في تنظيم هذا العمل وتعزيزه.

26. فيما يتعلق بنفوذ الحزب المتنامي داخل الطبقة العاملة، ستتوسع هذه القوى وسيؤدي عملها المستمر والمنهجي في مجالاتها، بما يتماشى مع خط الحزب، إلى تحسين وتعزيز فرص وإمكانيات العمل للحزب ليس فقط بين صفوف هذه الطبقات والفئات ولكن أيضًا بين العمال. إن التنظيم والعمل في جميع مجالات الحياة الاجتماعية ضروريان أيضًا للعمل غير المنقطع في مجالات التشهير السياسي والدعاية والتحريض ولتبني التكتيكات الصحيحة، المبنية على معلومات دقيقة ومستفيضة عن جميع مجالات الحياة الاجتماعية، لا تقتصر على ما تبثه وكالات الأنباء والمصادر البرجوازية، بل مبنية على معلومات وأمثلة ملموسة. فالحزب الذي يقوم بعمل منظم بين الجماهير المستغَلة والمضطهدة، مع شبابهم ونسائهم، ولا سيما القطاعات شبه البروليتارية، التي تشكل الحليف الرئيسي للطبقة العاملة، وبعد أن وسع قواعده تدريجياً، سيتحوّل إلى محور يتطوّر حوله النضال كنضال موحد تحت قيادة الطبقة العاملة. الشيء المهمّ هنا هو أن العمل بين قطاعات العمال الأخرى لا يجب أن يؤدي إلى انحراف في المنظور والتوجه من شأنه أن يمنع الحزب من التركيز على العمل الذي يهدف إلى ترسيخ جذوره في الطبقة العاملة، ولا سيما البروليتاريا الصناعية، بل عليه نشر قواه وفقًا لذلك. وعلى أحزابنا أن تصوغ برامجها من أجل التركيز على العمل داخل الطبقة العاملة. إنها ليست مسألة اختيار، بل هي ضرورة أن تحصل الطبقة العاملة على مطالبها الجزئية – المباشرة، وكذلك الاستيلاء على السلطة السياسية، التي هي شرط مسبق لتحررها، وتنظمها كطبقة مهيمنة والحفاظ على هذا الوضع.

27. لا يمكن لأي حزب، منذ نشأته، أن يمتلك الكوادر والوسائل والإمكانيات الأخرى اللازمة لخوض نضال متعدد الأوجه ومتواصل بين جميع قطاعات الطبقة العاملة، في المؤسسات الصناعية الكبيرة وفي أماكن العمل الرئيسية. ما هو مهم ومحدد لتطوير منظماتنا الحزبية هو الاستخدام الأكثر فعالية ونجاعة لقوانا، وضبط المهام وخطط الانتشار وفقًا لبرنامجنا وأولوياتنا، وذلك لضمان التدفق المستمر والمتعدد الأوجه للنشاط الذي يستهدف الأولويات والمجالات الأساسية، أي بشكل رئيسي المصانع ومواقع العمل الأخرى. وعندما تكون فيه القوى الموجودة تحت تصرفنا محدودة للغاية، من الضروري عدم تشتيتها والتركيز على العمال والعمل في المصانع.

28. إذا لم يركز الحزب قواته ووسائله، على أساس تقييم دقيق لها، على المصانع وأماكن العمل ذات الأولوية المحددة وفقًا لهذا التقييم، ويتحرك لتوسيع “شبكته من التنظيمات الحزبية” والعمل على الفور في منطقة بأكملها، محاولًا الوصول إلى كل مكان وكل مركز مقاومة، فلن يتمكن من “النجاح في بناء قاعدة صلبة”، ولا من تحقيق تطوير “عمل حزبي دائم ومستقر وعلاقات مع الجماهير أو الفوز بعناصر جديدة. يجب أن يكون واضحًا سبب عدم تمكن هذا الشكل من العمل من تحقيق أي من الأهداف قصيرة وطويلة المدى لأقلية حسنة النية، بحيث يصعب عليها الدخول بين الجماهير، ناهيك عن الالتحام بهم، وأن يتكرّر عذا العمل ويتعمّم بصفة مستمرة.

(يتبع)

الهوامش:
(11) لينين، الأعمال الكاملة، المجلد الأول، 1897 مقالة، “مهام الاشتراكيين الديمقراطيين الروس”.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×