الرئيسية / صوت الوطن / سؤال الأمس… سؤال اليوم هل انطلق قطار الهجوم على الاتحاد؟
سؤال الأمس… سؤال اليوم هل انطلق قطار الهجوم على الاتحاد؟

سؤال الأمس… سؤال اليوم هل انطلق قطار الهجوم على الاتحاد؟

جيلاني الهمامي

سؤال كنا طرحناه منذ مدة وفي أكثر من مرة كلما جدّ ما يؤشّر على انتقال الصراع الخفي بين نظام الحكم والاتحاد العام التونسي للشغل وبالتحديد قيادته. وسبق أن طرحناه أيضا يوم تم استدعاء الكاتب العام للاتحاد الجهوي بصفاقس للتحقيق معه في الإدارة العامة للحرس الوطني. ولكن إبقاء يوسف العوادني في حالة سرا ح وإقامة حفل استقبال له في دار الاتحاد بما كان يفهم منه “انتصارا نقابيا” جعلنا نشكك في ما ذهبنا إليه من استنتاجات جوهرها أنّ “الحاكم” الذي قضى مدة من الزمن يتحرّش بالاتحاد قد قرر بدء الهجوم “البري” انطلاقا من جهة صفاقس.
اليوم وقد استُدعي نفس المسؤول النقابي ومعه ثلة من نقابيي الجهة للتحقيق ثم الإبقاء عليه ومعه ثلاثة من النقابيين رهن الاعتقال بتهم جديدة ومتجددة (بما أنه فُتح له ملف آخر جديد ومباغت) فقد بات من الواضح بنسبة كبيرة من اليقين أنّ الهجوم قد بدأ فعلا.
ولكن السؤال الكبير لماذا الكاتب العام للاتحاد الجهوي بصفاقس بالذات؟ هل فعلا كونه النقابي الوحيد أو على الأقل الذي ينبغي إحالته على العدالة لأنه فعلا مخالف؟ أم لأنّ المخالفة التي اقترفها تكتسي طابعا خطيرا بدرجة تستوجب إحالته فورا على العدالة؟ أم لأنّ في الأمر “حسبة” أخرى؟
يبدو أنّ الاختيار لم يكن اعتباطيا. ومن كان وراء هذا القرار أخضع الأمر لدراسة معمقة ومتأنية وغاص عميقا في تاريخ الاتحاد وبالتحديد في تاريخ الصراع بين نظام الحكم والمنظمة الشغيلة واستخلص من ذلك أنّ أيّ هجوم ظافر على قيادة الاتحاد وإجراء التغيير على الأوضاع داخل الاتحاد ينبغي أن يبدأ من هناك، أي من صفاقس.
صفاقس هي بمثابة مدينة التأسيس وكبار زعماء المنظمة ينحدرون منها وهي التي قدمت قافلة كبيرة من الشهداء والضحايا في أحداث 5 أوت 1947. وكانت جهة محددة في الكثير من المعارك السياسية الكبرى بما في ذلك المعارك التي نشبت داخل الحزب الحاكم أو الذي سيصبح حاكما بعد حين وأعني الدور الحاسم الذي لعبه الاتحاد في مؤتمر الحزب الدستوري سنة 1955 بصفاقس. وعلى غرار ذلك كل المعارك التي خاضها الاتحاد ضد هذا الحزب بالذات ونظام حكمه في فترات لاحقة. من أهمّ هذه المعارك 26 جانفي 1978 ومن لا يذكر الخطب النارية التي كان يلقيها الكاتب العام للاتحاد الجهوي بصفاقس آنذاك عبد الرزاق غربال الذي أصبح فيما بعد عضوا بالقيادة الوطنية. ومن لا يذكر أيضا المسيرة الحاشدة والقوية التي عرفتها جهة صفاقس يوم 12 جانفي 2011، والتي أعطت لحركة الانتفاضة مسارا آخر أذن بدخول الطبقة العاملة التونسية حلبة “العركة” ضد بن علي.    
كل ذلك، وهو غيض من فيض، أضفى على جهة صفاقس نوعا من الشرعية التاريخية ووضعها في مكانة الجهة القايدة التي تعطي الإشارة لانتقال تاريخ الحركة النقابية في تونس من طور إلى طور ومن مرحلة الى أخرى. 
اليوم يراد إذن أن تكون صفاقس كالعادة هي المنطلق ولكن في الاتجاه المعاكس ليس لنيل انتصار على النظام الحاكم أو لفرض تغيير لفائدة الطبقة العاملة والشعب وإنما هذه المرة – وللأسف – خدمة “للحاكم” بأمره.
فإذا ركعت صفاقس خرّت لها كل المنظمة النقابية. وإذا انتصرت صفاقس انهارت كل الحسابات وخارت كل القوى المهاجمة.
اليوم يراد اقتحام القلعة من بابها الجنوبي الذي في الأصل بابها الرئيسي.
وريثما يُحسم الأمر لا يبدو أنّ صاحب القرار بالهجوم على صفاقس، ومن ورائه الاتحاد ككل ولكن بالتحديد بعض رموز بعينها، سيتوقف لوقت طويل في هجومه ذلك أنّ حساباته تقتضي التعجيل بالأمر لأسباب عديدة لعل أهمها:
–  الاستفادة ما أمكن من الظرف والاعناق كلها مشرئبة والانظار مشدودة إلى غزة العزة
–  استغلال حالة الوهن البادية على الحركة الجماهيرية وبالأخص على الحركة العمالية والنقابية
–  استكمال عملية “مسح” كل الخصوم من الخريطة لتنفيذ مقولة إزاحة الاجسام الوسيطة من اللعبة السياسية
–  التعجيل التعجيل فالانتخابات قد قربت.
أما إذا اتضح أنّ كل هذه الحسابات مغلوطة وينطبق عليها مثل “اللي يحسب وحدو يفضلو” فسيكون حديث آخر.
وفي كل الحالات لنا عودة لهذا الموضوع الذي سيسيل كثيرا من الحبر في المدة القادمة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×