الرئيسية / الافتتاحية / الشعوب وحدها قادرة على إسناد الشعب الفلسطيني وفرض وقف العدوان النّازي عليه
الشعوب وحدها قادرة على إسناد الشعب الفلسطيني وفرض وقف العدوان النّازي عليه

الشعوب وحدها قادرة على إسناد الشعب الفلسطيني وفرض وقف العدوان النّازي عليه

يتواصل العدوان الصهيوني الوحشي على غزة والضفة وأهالي القدس والشعب الفلسطيني عامة منذ أكثر من ثمانين يوما. وقد خلّفت حرب الإبادة هذه إلى حدّ الآن أكثر من 21 ألف شهيد وما يزيد عن 55 ألف جريح وآلاف المفقودين تحت الأنقاض وحوالي 5 آلاف من حاملي الإعاقة علاوة على تيتّم حوالي 25 ألف طفل سواء نتيجة استشهاد أحد الوالدين أو استشهاد الوالدين معا في مختلف المجازر المرتكبة. يضاف إلى كلّ ذلك الدّمار الذي طال البنية التحتية الغزّاوية بما فيها المستشفيات والمساكن ممّا حوّل غالبية القطاع إلى ركام. ورغم ذلك تستمرّ المقاومة بضراوة ويعجز الكيان الصهيوني عن القضاء عليها وإخضاع غزة.

إن الكيان الصهيوني يلقى الدعم المباشر في عدوانه النّازي على غزة والشعب الفلسطيني من الامبريالية الأمريكية أوّلا. إن واشنطن تدعم الكيان بالسّلاح وتوفّر له الحماية الإقليمية بأساطيلها الحربية وتغطّي جرائمه سياسيا وتعترض في مجلس الأمن على تمرير أيّ قرار لوقف العدوان بل إنها تعلن بوقاحة أن حرب الإبادة ينبغي أن تستمر. وبالإضافة إلى الامبريالية الأمريكية، يجد الكيان الغاصب الدعم من الامبرياليات الغربية الأخرى ومنها خاصة بريطانيا التي كانت وراء قيام هذا الكيان وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا وغيرها. كما يجد الكيان الدّعم من عدد من الدول الرجعية في العالم. أما الأنظمة العربية فقد عرّاها العدوان على غزة بشكل غير مسبوق. فمعظمها من دول مطبّعة وعميلة ورجعيّة، مع الكيان الصهيوني والامبريالية الأمريكية إنْ جهرًا أو سرًّا لمصلحته في التخلّص من المقاومة ومن القضية الفلسطينية أصلا لتستقرّ له الأوضاع. وما تبقّى من أنظمة فلا تتجاوز معارضتها للعدوان الكلام الفارغ والشعارات الديماغوجية.

وبالمقابل يجد الشعب الفلسطيني أولا في مقاومته الباسلة والاستثنائية خير حامٍ له. كما يجد ثانيا في صبره وجلده وقدرته على تحمّل الموت والألم والمعاناة خير واقٍ له من الانهيار. إنه شعب الجبّارين بحقٍّ، ما انفكّ يستفيد من تجاربه ويطوّر أساليب نضاله التي يقهر بها اليوم عدوّه النازي المهزوم بعدُ عسكريا وسياسيا ومعنويا. وبالإضافة إلى ذلك يجد الشعب الفلسطيني ومقاومته سندا مباشرا في فصائل المقاومة في لبنان واليمن والعراق. وهي فصائل مسلّحة ما انفكّت توجّه ضربات موجعة إلى العدو الصهيوني. وهو يجد أيضا في حركات المساندة في الوطن العربي والعالم بما في ذلك في البلدان الامبريالية المتورّطة في العدوان مصدر دعم وضغط قويّين لفضح طبيعة هذا العدوان وتعرية حقيقة الكيان الصهيوني النازية والخطاب “الإنسانوي” الكاذب والمنافق للحكومات الاستعمارية الغربية ذات التاريخ الدّموي ورياء غالبية الأنظمة العربية والإسلامية.

إن هذا الواقع يؤكّد بما لا يدع مجالا للشكّ بأنه لا يمكن التّعويل لا على الأنظمة الاستعمارية ولا حتى على الدول الكبرى الأخرى مثل الصين ذات المصالح الهامة في الكيان ولا على روسيا المورّطة في حرب أوكرانيا والمُنقادة بمصالحها أوّلا ولا على غالبية الأنظمة العربية والإسلامية الرّجعية والعميلة والخائنة أو الخائفة والذّليلة في أفضل الحالات ولا على المنظمات الدولية العاجزة أو الخاضعة للهيمنة الأمريكية، للضغط على الكيان النّازي ووقف العدوان على غزة والشعب الفلسطيني عامة. إن القوى الحاسمة في وقف العدوان تبقى أوّلا الشعب الفلسطيني ومقاومته المسلّحة الباسلة. فبقدر ما يستمر الصّمود في وجه المذابح والمجازر والتدمير الهمجي، يزداد انغلاق المنافذ أمام الكيان وداعميه في واشنطن ومختلف العواصم الغربيّة. وثانيا فصائل المقاومة المسلّحة في لبنان واليمن والعراق، فبقدر ما تقوى ضربات هذه الفصائل تتشتّت قوى العدو ويزداد ارتباك داعميه. أما العامل الثالث فهو مساندة الشعوب والقوى الثورية والتقدمية المعادية للإمبريالية والصّهيونية وهمجيّتهما. ولا بدّ في هذا السّياق من التأكيد على تراجع حركة الدعم والإسناد في غالبية أقطار الوطن العربي بما فيها بلدنا تونس، وهو مؤشّر سلبي للغاية يخدم العدوان وداعميه أوّلا. وهو ما ينبغي العمل على تجاوزه وإيجاد السّبل الكفيلة بمواصلة تنشيط الشارع بمختلف الأساليب. أما في مستوى عالمي فإن الحركة تستمرّ وتتجذّر في العديد من البلدان الغربية خاصة، وهو عامل ذو أهمية من واجب القوى الثورية والتقدمية والوطنية في الوطن العربي استثماره بالتنسيق مع القوى التي تنشّط هذه الحركة من أجل أهداف مشتركة في مقدّمتها وقف العدوان وتقديم الدعم الإنساني إلى غزة. إن تطور حركة التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني لا تحاصر الكيان الصهيوني ولا تحرج داعميه الاستعماريّين فحسب وإنما تحاصر وتحرج أيضا الأنظمة العربية المتواطئة والمتخاذلة على حدّ السواء.

إن القوى الديمقراطية التقدّمية في تونس، ومنها حزبنا، مطالبة بمواصلة تحمّل مسؤوليتها الآن وهنا. إن دعم صمود المقاومة في وجه الوحش الصهيوني النازي وداعميه الاستعماريّين الذين لا يقلّون عنه وحشيّة ونازية والضغط من أجل وقف العدوان يمرّان غبر تطوير حركة الإسناد الشعبي والسياسي والنقابي والحقوقي والثقافي في الوطن العربي وفي العالم. فلا تعويل على “تعقّل” دول استعمارية تاريخها ملطّخ بالدم ولا على دول كبرى أخرى شعارها “المصلحة الخاصة أوّلا” ولا على أنظمة عربية وإسلامية معظمها عميل وخائن. إن المهمّة تبدو صعبة ولكن تلك هي الحقيقة. وإذا كان ثمة حافز لمجابهة هذه المهمّة فهو المقاومة الفلسطينية خاصة في غزة التي ما انفكّت تقدّم الدليل على أن الشعب الذي يريد الحرية والكرامة قادر على الإتيان بالمعجزات في وجه أبشع قوى الطغيان التي تمتلك أقوى الجيوش وأحدث الأسلحة وأكثرها فتكا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×