الرئيسية / صوت الوطن / رسالة بلال بعد إيقافه ومنعه من الكتابة على الجدران
رسالة بلال بعد إيقافه ومنعه من الكتابة على الجدران

رسالة بلال بعد إيقافه ومنعه من الكتابة على الجدران

أنا الطالب بلال هبهب بالمدرسة العليا لعلوم وتقنيات الصحة تونس عضو باتحاد الشباب الشيوعي التونسي، وناشط بالاتحاد العام لطلبة تونس إثر تعرّضي يوم الخميس 8 ماي 2025 إلى الإيقاف من طرف أعوان مركز الأمن الوطني بسليمان الرياض، وذلك على خلفية كتابتي على جدار أحد فروع شركة “كارفور”، شعارًا يدعو إلى مقاطعتها بسبب دعمها العلني والمباشر للكيان الصهيوني، في وقت يتصاعد فيه العدوان على الشعب الفلسطيني البطل في غزة وسائر الأراضي المحتلة.
إن هذه الخطوة التي أقدمتُ عليها، كانت عملاً واعيًا ومقصودًا، نابعًا من قناعة أخلاقية وسياسية راسخة، بأن السكوت على الجرائم الصهيونية، وعلى دعم المؤسسات التجارية العالمية لهذا الكيان، هو مشاركة ضمنية في هذا الإجرام المستمرّ. لم أكن أبحث عن ضوء أو شهرة، بل عن مساحة تعبّر عن اختناقي من صمت عالمي مريب، وعن إيماني بأن المقاطعة، في زمن التطبيع والتواطؤ، أصبحت سلاحًا بيد الشعوب، ومسؤولية لا يمكن التنصّل منها.
كتبت على الجدار، لأن الجدار ظلّ عبر تاريخ الشعوب مساحة تعبّر فيها الأصوات الممنوعة، وتتنفّس من خلالها الكرامة في وجه آلة الصمت. كتبت لأنّي لا أملك منبرًا إعلاميًا، ولا أظهر في الشاشات، لكنّي أملك هذا الجدار الذي أصرّ أن أترك عليه أثرًا يذكّر الناس أنّ كارفور –هذه المؤسسة ذات الأسماء المزيّفة والواجهات المضيئة– ليست سوى أداة تبييض لجرائم الاحتلال، وخنجرًا اقتصاديًا في ظهر القضية الفلسطينية.
إنّ الإيقاف الذي تعرّضت له، والاستجواب الذي خضعت له، لم يكن لحظة ضعف، بل لحظة وعي. وقد تقرّر أن تُحال قضيتي غدًا أمام وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية، في سياق قانوني قد يعتبر ما قمت به جريمة، لكنّي أراه واجبًا نضاليًا، وموقفًا يتجاوز شخصي المتواضع، ليتصل بروح أمة لا تزال تؤمن بأن لفلسطين دينًا لا يُنسى، وبأن الكلمة – وإن كانت على جدار – لها وزنها في زمن الانحدار.
ورغم ذلك، فإن ما شدّ أزري وأضاء العتمة حولي، هو تدفّق رسائل التضامن، والاتصالات، والسؤال عن حالي من رفاق وأصدقاء، ومن أناس لا أعرفهم شخصيًا، لكنهم شاركوني الهمّ، وآمنوا بعدالة الموقف الذي اتخذته.
لكل هؤلاء، أقول من قلبي:
شكرًا لكم، فردًا فردًا، من كتب كلمة، ومن سأل عني، ومن وقف ولو لحظة ليسأل: لماذا اعتُقل صاحب الشعار؟
شكرًا لأنكم أثبتم أن التضامن ليس شعارًا، بل فعل حبّ والتزام ومسؤولية جماعية.
شكرًا لأنكم أكدتم لي أن فلسطين ليست وحدها، وأن الحرية لا تزال تسكن في صدور كثيرين.
لقد كنت أكتب على الجدار، دون أن أعلم أن صدى تلك الحروف سيصل إلى قلوبكم. واليوم، وأنا أتهيأ للمثول غدًا أمام وكيل الجمهورية، أقول: أنتم الجدار الحقيقي الذي أتّكئ عليه، وأنتم الحبر الذي سيواصل كتابة ما بدأته أنا.
ختامًا، أؤكد أن مقاطعة “كارفور” ليست معركة شخصية، بل هي معركة وعي جماعي. وأن هذه اللحظة يجب ألا تمرّ كما لو أنها حادث عابر، بل أن تتحوّل إلى فرصة نعيد فيها الاعتبار لدور المواطن، لدور الكلمة، لدور الفعل البسيط حين يكون في اتجاه الحقّ.

#قاطعوا_كارفور
#المقاطعة_مقاومة

إلى الأعلى
×