الرئيسية / عربي / مقاومة التّطبيع مع الكيان الصهيوني على رأس مهامّ المرحلة القادمة
مقاومة التّطبيع مع الكيان الصهيوني على رأس مهامّ المرحلة القادمة

مقاومة التّطبيع مع الكيان الصهيوني على رأس مهامّ المرحلة القادمة

بقلم حَمَّه الهَمَّامِي

بعد قرابة 21 شهرا من انطلاق طوفان الأقصى ما تزال مقاومة شعب الجبّارينتوجّه ضربات قاصمة للعدو الصهيوني المجرم ومن ورائه كلّ داعميه المباشرين وغير المباشرين وعلى رأسهم الوحش الامبريالي الأمريكي بزعامة الشّعبوي الفاشي دونالد ترمب. إنّ سلسلة العمليات الأخيرة التي نفّذتها المقاومة في غزة (خان يونس خاصّة) لا يمكن إلّا أن تلفت الانتباه في دقتها وفاعليتها وعدد قتلاها من جنود الاحتلال وتغطيتها الإعلاميّة الجريئة. لقد قتل العدوّ ما قتل واغتال ما اغتال من قادة من الصفّ الأوّل ودمّر ما دمّر حتّى كاد يحوّل كلّ غزّة إلى ركام ولكنّ المقاومة ظلّت قائمة وعصيّة على الإخضاع والتّطويع. وليس هذا بالأمر بالجديد في التاريخ البشري الذي أكّد باستمرار أنّ الشعوب لا تقهر مهما كانت وحشية العدو وأنّ تضحياتها العظيمة تهيّئ دائما للانتصار النّهائي بينما جرائم الوحش الاستعماري الامبريالي مهما بلغت فظاعتها تهيّئ لنهايته المحتومة.

هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد كان المراد بالهجوم على إيران استكمال الأرضيّة المناسبة لإعادة تشكيل الشرق الأوسطبما يسمح للإمبرياليّة الأمريكيّة بإعادة بسط هيمنتها على المنطقة وإقصاء منافساتها الصينية والروسية خاصة في ظلّ وضع دولي يتميّز باستفحال السعي المحموم إلى إعادة اقتسام مناطق النفوذ في العالم من قبل كبريات الدول الرّأسمالية التي تسعى كلّ منها إلى تحقيق أهدافها وحلّ أزمتها على حساب الآخر. ولكنّ الهجوم الصهيوأمركي على إيران فشل في تحقيق أهدافه. لقد فشل الكيان الصهيوني خاصة في إنجاز المهمة القذرة، التي يقوم بها نيابة عن الغرب كلّهحسب اعتراف المستشار الألماني فريدريش ميرتس. وهو يقصد بالطبع التخلّص من النظام الإيراني وقطع مخالب إيران مثلما تمّ قطع مخالب سوريا وإخضاعها بالكامل للنّهب والاستغلال والتّجزئة. كما فشل الامبريالي الأمريكي الذي جاء ليساعده بقاذفاته الجوية المتطورة.

لكنّ هذا الفشل لا يعني أنّ قوى الجريمة تخلّت عن مشروعها. فحرب الإبادة في غزّة مستمرّة مسجلة أقصى درجات الوحشية المصحوبة بصلف (cynisme) قلّما عرفته الإنسانية في تاريخها الحديث، كما أنّ التهديدات العسكريّة ضدّ إيران لم تتوقف. وفي نفس الوقت يستمر العدوان على لبنان وسوريا واليمن. لكن هذه الأعمال العدوانية المتواصلة ترفق بمناورات ومخططات دبلوماسيّةسياسية تهدف إلى استثمار الأوضاع الحاليّة من أجل فرض مشاريع لم تستطع الحرب فرضها. فإذا كانت الحرب استمرارا للسياسة بأشكال أخرى فإنّ الحرب تهيّئ بدورها لمشاريع سياسية جديدة وفقا للنتائج المحققة من تلك الحرب. لذلك نسمع اليوم ضجيجا كبيرا حول هذه المشاريع. إن الهدف الأول للحرب كما ذكرنا أعلاه هو إعادة تشكيل المنطقة بما يسمح بهيمنة أمريكية مطلقة على المنطقة وبدور الوكيل ذي السطوة على أنظمتها لصالح الكيان الصهيوني. وطالما أنّ الحرب لم تحقق الأهداف المرجوّة يتمّ السّعي، ولو بشكل مؤقت وفي انتظار موجات جديدة من الاعتداءات عبر وسائل أخرى.

إنّ الراعي الامبريالي الأمريكيالغربي يعمل اليوم بشكل حثيث على تحقيق ما لم يحققه بالسلاح عن طريق المكائد والضغوطات والمناورات الدبلوماسية دون أن يتخلّى عن مواصلة التهديد باستعمال القوّة. لقد وُجّهت إلى سوريا ضربة قاصمة ونُصِّب على رأسها نظام طيّع من صنع امبريالي صهيوني. كما تمّ تنصيب رئاسة وحكومة في لبنان كان للراعي الأمريكي دور حاسم فيه ناهيك أنّ المجرم الصهيوني يواصل عربدته في لبنان خارقا حتى الاتفاق الحاصل برعاية أمريكية خليجية بينما ينصبّ الهجوم على المقاومة وعلى المطالبة بنزع سلاحها وتحييدها نهائيّا“. ويُحرم العراق الذي تتحكّم الإدارة الأمريكيّة في حكومته وأمواله من شراء أسلحة دفاعية بذريعة الحفاظ على التوازنات الاستراتيجيّة في المنطقة“. وتركّز الضغوط اليوم على إيران لإرغامها عن طريق التفاوض المزعوم على التخلّي عن مشروعها النّووي حتى في أبعاده السّلميّة البسيطة المضمونة دوليّا. وأخيرا وليس آخرا فإنّ المقاومة في غزة التي عجزت الوحشيّة عن القضاء عليها يُراد تحييدها هي أيضا عبر اتفاقجديد يصاغ في مخابر البيت الأبيض ويُنقّح في تل أبيبويُمرّر عبر العميل العربيويقضي هذا الاتفاقبتجريد المقاومة من سلاحها وإقصاء حماس وبقية الفصائل من الحكم وإخضاع سكّان القطاع لإدارة جديدة مكوّنة من عملاء قد لا يجد محمود عبّاس، رغم ما أظهره من تفان، مكانا بينهم.

إنّ الهدف من كلّ ذلك هو بلا شكّ المرور نحو المرحلة الموالية التي يمثّل التّطبيع مع الكيان الصّهيوني ركيزتها الأساسيّة. وتفيد التّسريبات التي تنشر هذه الأيّام أنّ الدّول المستهدفة بالتّطبيع في هذه المرحلة الجديدة هي سوريا ثمّ السّعوديّة ولبنان وبعض الدّول الخليجية وعلى رأسها سلطنة عُمَان وقطر ويحاول الكيان توسيع التّطبيع ليشمل بلدانا أخرى ذات أغلبيّة مسلمة مثل إندونيسيا وماليزيا. ومن المؤكّد أنّ الضّغوط من أجل التّطبيع ستشمل أقطارا أخرى في شمال إفريقيا (تونس، ليبيا، الجزائر…) كما في باقي مناطق القارّة. وهو ما يبيّن خطورة المشاريع والمخطّطات التي تحاك ضدّ شعوب المنطقة.

إنّ التطبيع مع الكيان يعني الاعتراف به رسميّا وبأحقيته في احتلال أرض فلسطين. وهو ما تنجرّ عنه التزامات أمنيّة وسياسية واقتصاديّة وثقافيّة كما تشهد على ذلك حال البلدان المُطبِّعة من قبل ونقصد مصر والأردن والمغرب والإمارات العربيّة المتّحدة والبحرين والسّودان. فمن الالتزامات الأمنيّة تبادل معلومات استخباريّة مع الكيان والتعاون معه في مكافحة الإرهابأي في التصدّي للمقاومة ولكلّ ما من شأنه أن يمسّ بـأمن الكيانوحتّى عقد معاهدات عسكريّة معه. أمّا السياسي فيشمل إقامة علاقات دبلوماسيّة وتبادل السّفراء وبالتالي الاعتراف المتبادل. ويشمل التطبيع الاقتصادي التبادل التجاري والاستثمار كما يشمل التعاون في مجال الطاقة والسياحة وغيرها. وأخيرا يشمل التطبيع الثّقافي والرياضي تبادل الوفود وحضور النّدوات والمؤتمرات الأكاديميّة وغيرها. وقد عايشنا آثار التطبيع الملموسة خاصّة منذ انطلاق معركة طوفان الأقصى. فالأنظمة العربيّة المطبّعة تواطأت وما تزال تتواطأ بشكل مخز مع الكيان المجرم ومع حرب الإبادة التي يشنّها على الشعب الفلسطيني في غزّة. فهي لم تقطع معه لا علاقاتها الأمنية والاستخبارية ولا علاقاتها التجارية بل ووقفت إلى جانبه في تجويع الشعب الفلسطيني ومحاصرته كما وقف بعضها إلى جانبه في مواجهاته سواء مع اليمن أو مع إيران أخيرا إذ كانت أنظمة التطبيع (الأردن…) وغيرها من أنظمة العمالة والخيانة خطّ الدفاع الأوّل لاعتراض الصواريخ والمسيّرات الموجهة نحو الكيان في الوقت الذي لا تتورّع فيه عن فتح مجالها الجوي للطائرات الصهيونية الأمريكية لشنّ اعتداءاتها على أي نقطة تستهدفها في المنطقة هذا إضافة إلى السّماح للأمريكي باستعمال قواعده العسكرية الموجودة على أرض تلك البلدان في الاعتداء على أجوارها.

إن كلّ هذه المعطيات تبيّن خطورة سياسة التّطبيع لا على الشعب الفلسطيني فحسب وإنّما على كافة شعوب المنطقة. فالانخراط فيها يعني أوّلا تشريع الاحتلال الاستيطاني لفلسطين والمشاركة في قبر القضية الفلسطينيّة وثانيا السّماح للسرطان الصهيوني بالتمدّد إلى كافة أقطار الجهة وزرع عروقه فيها والتسلّل إلى مؤسساتها ووضع اليد على مقدراتها الاقتصاديّة ونهب شعوبها وزرع الفتن سواء بينها أو في داخل كل شعب منها على أسس عرقية أو مذهبيّة أو طائفيّة. وهو ما يتماشى مع الهدف الأصلي لخلق الكيان الصهيوني وهو منع شعوب المنطقة من الاتحاد ومن تحقيق نهضتها وازدهارها وتركها في حالة اضطراب وتخلّف دائمين لتأبيد السيطرة عليها. وهو ما يجعل من مقاومة التطبيع مهمّة من أوكد مهام شعوب المنطقة وقواها الوطنيّة والثورية والتقدميّة في الوقت الحاضر وفي المستقبل، هذا إلى جانب مواصلة إسناد المقاومة بشكل مباشر.

إنّ رفع شعار التضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاومته دون ربط ذلك بمقاومة التّطبيع في أرض الواقع وفي البلد المعني لا يعني شيئا بل هو مجرّد هراء. فمن يصمت على تجريم التطبيع أو على ضرورة كنس سفارة الكيان ومصالحه في بلده ليس سوى نصير زائف للشعب الفلسطيني وقضيّته التي تعرّضت لشتى أنواع التوظيف سواء من الأنظمة لتبرير استبدادها بشعوبها في الداخل والمزايدة بها في الخارج أو من القوى الانتهازية التي استعملت القضيّة لتغطية ولائها لهذه الأنظمة وتلهية الشعوب عن قضاياها الحقيقية. إن مقاومة التطبيع في كلّ قطر من أقطار المنطقة تمثّل المحكّ لصدقية كلّ معارضة. ومن البديهي أن هذه المقاومة تعني عمليّا النضال بلا هواة من أجل كنس الوجود الصهيوني في الأقطار التي شملها بَعْدُ التطبيع والتصدّي لأي محاولة للانخراط في هذا التطبيع بالنسبة إلى البلدان المهدّدة به. ولا تتوقف مقاومة التطبيع عند المظاهر الواضحة، المعلنة، بل من الضروري أن تشمل أيضا المظاهر غير المعلنة بما في ذلك في الأقطار التي يعلن حكامها معارضة التطبيع كما هو الحال في تونس وغيرها من الأقطار بينما يُغضّ الطرف على العديد من أشكاله في المجالات التجارية والثقافية والرياضيّة.

وما من شكّ في أنّ مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني ينبغي أن ترتبط وجوبا بمقاومة مصالح الراعي الامبريالي الغربي لهذا الكيان ونقصد في المقام الأوّل الامبريالي الأمريكي. إن طرد هذا الأخير من المنطقة بأساطيله وقواعده العسكريّة وشركاته الاحتكارية التي تنهب الثروات أمر لا مفرّ منه لاقتلاع السّرطان من الجذور. ولكنّ شعوبنا تكون كما لو أنّها لم تفعل شيئا إذا لم تربط كل ذلك بمقاومة أعوان العدو الامبريالي الصهيوني ونقصد أنظمة الحكم القائمة في بلداننا والمرتبطة عضويا هي والأقليات الثرية التي تمثّلها بهذا العدوّ. وبعبارة أخرى لا بدّ من ربط النضال الداخلي بالنضال الخارجي، أو إن شئنا النضال المحلي بالنضال في المستوى القومي والإقليمي بالنظر إلى تداخلهما وتشابكهما بل لأنّ عدو القضية الفلسطينية موجود بين ظهرانينا أيضا، ومن باب أولى وأحرى أن نبدأ بمقاومته وهو ما يجعل من تغيير الأوضاع في بلداننا أكبر مساندة للشعب الفلسطيني لأن ذلك يضعف أعداءه ويسهّل مهمته ويخلق له مساندين جديين وأوفياء. وما نقوله عن شعوب منطقتنا يصحّ قوله دون شكّ عن شعوب العالم الأخرى وعمّاله وكادحيه فمن يناصر القضية الفلسطينية مطالب بمواجهة عدوّها على أرضه الذي يسلّح الكيان الصهيوني ويدعمه بالمال ويغطي على جرائمه سياسيا ودبلوماسيا هذا إن لم يشارك فيها مباشرة كما هو الحال بالنسبة إلى الامبريالي الأمريكي. وهو ما يجعل من مقاومة كل شعب لهذا العدو المتواجد بين ظهرانيه خير مساندة للشعب الفلسطيني لأن ذلك يضعف الكيان الصهيوني ويمهّد للتخلص منه لأنّه مستمر في الوجود بمساعدة هذا العدوّ.

إن الشعب التونسي معني مثله مثل غيره بمقاومة التطبيع بمختلف أبعاده وبتحويله إلى جزء من نضاله العام من أجل وضع حدّ لمنظومة الاستبداد الشّعبوية بزعامة قيس سعيّد وتحقيق أهداف ثورته الوطنية والديمقراطية والشعبيّة التي أجهضت في طورها الأول سنة 2010-2011. إن منظومة قيس سعيّد ترفع شعار التجريم خيانة عظمىلكنّها ترفض تجريم التطبيع عمليّا كما عشنا ذلك في برلمان الدمى في أواخر عام 2023. كما أنها ترفض التصدّي العملي الملموس لتجريم كافة مظاهر التّطبيع التّجاري والثّقافي والرياضي بل إن بعض مسؤوليها لم يتورّعوا عن الحضور جنبا إلى جنب مع مسؤولي الكيان الصهيوني. وأخيرا وليس آخرا فإن قيس سعيّد يرفض حتى الآن إلغاء كافة الاتفاقيات والمعاهدات سواء مع الولايات المتحدة أو مع الاتحاد الأوروبي التي تضرّ مباشرة بمصالح الشعب التونسي وبصفة غير مباشرة بقضية الشعب الفلسطيني. ومن البديهي أنّ من يقمع شعبه ويعرّضه للجوع والفقر ويغرق بلاده في المديونية والتبعية بشكل عام لا يمكن أن يكون نصيرا حقيقيا للقضية الفلسطينية. وهو ما نقوله أيضا عن القوى الانتهازية التي ترفض ربط التضامن مع الشعب الفلسطيني بمهماتنا المحلية وفي مقدمتها تجريم التطبيع وتحاول بكل ما أوتيت من جهد وخبث عزل المهام الداخلية عن المهام في المستويين القومي والإقليمي. وهي تفعل ذلك لإخفاء تواطؤها مع منظومة الاستبداد سواء بسبب خوف أو مصلحة أو بسبب الأمرين معا. إن من يقبل بالاستبداد والقمع والتبعية والاستغلال الفاحش وبعدم تجريم التطبيع في بلده لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يكون نصيرا جدّيا ومتماسكا للشعب الفلسطيني الذي يكافح من أجل الحرية والاستقلال والكرامة.

وفي المحصلة على القوى الوطنية والمعادية للإمبريالية في المنطقة والعالم إسناد المقاومة في غزّة من أجل وضع حدّ لحرب الإبادة وخروج الصهاينة من القطاع حالا ودون شروط واحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. كما أنّه على هذه القوى أن تبقى يقظة حيال أيّ عدوان يستهدف إيران أو اليمن أو لبنان أو سوريا وفي نفس الوقت على شعوبنا أن تتصدى لموجة التطبيع الجديدة التي يُعَدّ لها في المخابر الأمريكية والتي سيعمل الفاشي ترامب على تمريرها عبر أعوانه في المنطقة الذين يتحركون تحت مظلة بوارجه الحربيّة. كما أنّه على القوى الثورية والمعادية للإمبريالية والمحبّة للسلام في العالم أن تضغط على حكوماتها الاستعمارية والرجعية من أجل أن تكفّ عن دعم الكيان بالسلاح والمال وعن التدخل في المنطقة وإثارة الحروب فيها. وأخيرا علينا نحن جميعا، معشر الثوريين والتقدميين والديمقراطيين وأنصار القضية الفلسطينية في تونس أن نواصل النضال في بلادنا من أجل أن نفرض مباشرة تجريم التطبيع وكنس كافة مظاهره وإلغاء الاتفاقيات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والمالية مع الامبريالي الأمريكي الغربي التي تنتهك سيادة بلادنا وتغرقها في التبعيّة وهو ما يلحق الضرر بشعبنا وبالقضية الفلسطينية في الآن نفسه.

للتأمّل:

إنّ خير ما تقدّمونه للقضيّة الفلسطينية هو النّضال ضدّ أنظمتكم الرّجعيّة العميلةهذا ما أوصى به جورج حبش القائد الفلسطيني والأمين العام التاريخي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

إلى الأعلى
×