الرئيسية / صوت الوطن / عن النـوازل في بلـد المهـازل
عن النـوازل في بلـد المهـازل

عن النـوازل في بلـد المهـازل

أسابيع معدودة كانت كافية لتنقلب الأوضاع رأسا على عقب، ليس في ولاية المنستير فحسب، بل في كامل أرجاء البلاد، فتحوّل شعور الناس من الاستخفاف إلى التهيّب ، من الاسترخاء إلى الترقّب، من الاستسهال إلى التخوّف، بعد أن أصبح المُصابون بالكورونا يُعدّون بالآلاف وعدد الوفيات تضاعف عديد المرّات. في المنستير امرأة تلفظ أنفاسها الأخيرة في سيارة إسعاف لافتقاد المستشفى الجهوي للإمكانيات. وسائق تاكسي يفقد حياته قبل الوصول إلى قسم الإنعاش، في مستشفيات المكنين وطبلبة، في جمّال وقصر هلال أصيب العديد من أعوان الصحّة والأطباء، هيثم مات، مات هيثم، صاحب الكفاءة العالية والوجه البشوش، مات طبيب الإنعاش بعد صراع مرير مع الكوفيد …

الأطباء العاملون بأقسام الاستعجالي والإنعاش يستغيثون من قلّة الإمكانيات ومع المُمرّضين والعملة يُجاهدون ليلا نهارا بلا ملل ولا كلل لإنقاذ ما أفسدته الحكومات، حكومات تتخبّط ولم تتحسّب لانعكاسات التراخي ولم تتجهّز لنتائج فتح الحدود العشوائي، حكومات تُصدر قرارات فلكلورية بلا منطق ولا انسجام وتُعلن توصيات متضاربة لرفع العتب وتحذيرات رخوة على معنى “اللّهم قد بلّغت” والمسؤولون يُردّدون بلا حرج أنّ المعدّات متوفّرة والوضع تحت السيطرة والحماية في الكمّامة ويتداولون بعدوانية سافرة أنّ غياب وعي المواطن سيؤدي به إلى المدافن ويتعهّدون بانتداب الآلاف في مسعى بائس للضحك على الذقون، فكأنّ التونسي لا يعلم هباء تلك الوعود ورضوخ الحكومات لأصحاب القصور ولتعليمات صندوق النهب بخصوص كتلة الأجور.

تشتمل ولاية المنستير على مستشفى جامعي وثلاثة مستشفيات جهوية وخمس مصحّات خاصّة والعديد من مخابر التحاليل ومراكز التصوير الطبي، عدا ما يناهز 350 طبيبا بالقطاع الخاصّ، ومئات من أعوان الصحّة معطلين عن العمل وعشرات الكوادر الطبية وشبه الطبية متقاعدين، والحال على ما هو عليه، فإنّه على السلطات أن تتحمّل المسؤولية وأن تقوم بتسخير جميع هؤلاء وتمكينهم من لوازم الحماية الفردية ومن أجهزة التنفّس الاصطناعي وغيرها من المعدّات والأدوية وذلك على جناح السرعة ودون أيّ إبطاء أو تردّد، من أجل ضمان الإقامة السريعة والعناية العاجلة لمرضى الكورونا، دون إغفال الرعاية الملائمة لبقيّة المرضى، كما أنّه على المجالس البلدية توفير الكمّامات مجانا لضعاف الحال و لمتساكني الأحياء الشعبية.

هذه الخطوات مُمكنة وضرورية، وإنّ لم تُفعّل على عجل، فإنّ هذه المنظومة تستحقّ عن جدارة لقب المنظومة القاتلة زيادة على لقب المنظومة الفاسدة ولن تفلح الكمّامة في تكميم الأفواه ولن يؤدي التباعد إلى منع الاحتجاج وسيكون مصير هذه المنظومة هو الإعدام وبؤس المآل.

ماهر الزعڨ
عضو الهيئة الإدارية لنقابة أطباء الممارسة الحرّة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×