الرئيسية / أقلام / الخبير الجبائي الأسعد الذوّادي: لماذا أبقى مجلس الوزراء على الجريمة المرتكبة في حق المستشارين الجبائيين؟
الخبير الجبائي الأسعد الذوّادي: لماذا أبقى مجلس الوزراء على الجريمة المرتكبة في حق المستشارين الجبائيين؟

الخبير الجبائي الأسعد الذوّادي: لماذا أبقى مجلس الوزراء على الجريمة المرتكبة في حق المستشارين الجبائيين؟

لسعدأُصيب أخيرا المستشارون الجبائيون بخيبة أمل لمّا علموا من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2016 أن مجلس الوزراء أبقى، بتدخل من عميد المحامين وأطراف في الحكم، على الجريمة البشعة المرتكبة في حقهم بمقتضى القانون الإجرامي عدد 11 لسنة 2006 الذي حرمهم من حقهم في العمل الذي مارسوه طيلة 45 سنة دون قيد أو شرط وذلك من خلال حذف مقترح وزير المالية الرامي إلى تمكينهم من استرجاع حقهم المسلوب في إطار صفقة قذرة ورشوة رخيصة، علما أن وزير المالية لم يقدّم من خلال شرح الأسباب أن الأمر يتعلق بإيقاف جريمة ورفع مظلمة.

حيث لا يخفى على العارفين بالشأن الجبائي أن الفصل الأول من القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين الذي لا زال ساري المفعول كقانون دولة، مثلما أكدت ذلك المحكمة الادارية برأيها الاستشاري عدد 495 لسنة 2006، والذي تم نقله عن التشاريع الأوروبية يسند للمستشار الجبائي  مهمة الدفاع على حقوق المطالبين بالضريبة أمام المحاكم الباتة في النوازل الجبائية بغض النظر عن مبلغ النزاع علما أن الدفاع وعلى عكس ما يروج له البعض،  يشمل المرافعة التي لا ينظمها أي نص قانوني :”إن جميع الشركات أو الأشخاص الماديين الذين تقتضي مهنتهم القيام بالموجبات الجبائية لفائدة المطلوبين ومدّهم بيد المساعدة والنصائح أو الدفاع على حقوقهم لدى الإدارة الجبائية أو المحاكم التي تبتّ في النوازل الجبائية يعتبرون كمستشارين جبائيين سواء أكان قيامهم بتلك المهنة بصفة أصلية أو ثانوية“.

أما الفصل 10 من نفس القانون، فقد نص على أن المحامي يقوم بصفة ثانوية بمهام المستشار الجبائي :”إن أحكام هذا القانون لا تنطبق على الأشخاص الذين يباشرون مهنة محام ويقومون بصفة ثانوية بمهمة مستشار جبائي”. وقد باشر المستشار الجبائي المهام المشار إليها أعلاه طيلة 45 سنة دون قيد أو شرط. في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن قانون 1960 تم نقله عن التشريع الفرنسي، علما أن المستشار الجبائي الأوروبي مسموح له بالدفاع أمام المحاكم الجبائية بألمانيا والنمسا وإيطاليا وهولندا وتشيكيا وسويسرا وروسيا ولاتفيا وغيرها من البلدان وكذلك أمام محكمة العدل الأوروبية المختصة بالنظر في القضايا الجبائية المرفوعة ضد دول الاتحاد التي لا تحترم التوصيات الأوروبية الجبائية. أما بإفريقيا، فيكفي الاطّلاع على التشريع الكامروني وكذلك التشريع المعمول به داخل اتحاد وسط إفريقيا الذي يضم ستة بلدان لمعرفة أن المستشار الجبائي مؤهّل للدفاع عن المطالبين بالضريبة أمام المحاكم وكذلك بالقيام بالاختبارات العدلية في المادة الجبائية.

حيث كان المستشار الجبائي ضحية للفساد الإداري والسياسي والصفقات المشبوهة منذ عشرات السنين وبالأخص خلال سنة 2006 عند الإعداد للقانون عدد 11 لسنة 2006 في ظروف يشوبها الفساد والمغالطة والزور علما أن تلك المظلمة شارك فيها بعض تجّار حقوق الإنسان وأكلة لحوم البشر ومصاصو الدماء مثلما يتضح ذلك من خلال مداولات مجلس النواب الواردة بالرائد الرسمي لمجلس النواب عدد 15 لسنة 2006.

حيث كان المستشار الجبائي ضحية لجريمة فساد إداري وسياسي ناجمة عن التعسف في استعمال السلطة التي تم تعريفها صلب إعلان مبادىء العدل الأساسية المتعلق بضحايا الجريمة والتعسف في استعمال السلطة الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها المؤرخ في 29 نوفمبر 1985 وذلك من خلال الاستيلاء على مجال تدخله والتضييق عليه بمقتضى القانون الاجرامي عدد 11 لسنة 2006 الذي اعتبره اكلو لحوم البشر مكسبا والذي يلزم المطالب بالضريبة بتعيين محام في القضايا التي يفوق فيها مبلغ النزاع 25 ألف دينارا والذي سن في ظروف مشبوهة وفاسدة باستعمال المغالطة والكذب وقلب الحقائق والتعسف في استعمال السلطة من قبل وزير حقوق الإنسان آنذاك.

حيث استبسل آنذاك وزير حقوق الإنسان أمام البرلمان لتمرير هذا القانون الذي استهدف المستشارين الجبائيين وذلك من خلال التأكيد على أن “المسألة تتعلق بتجسيم قرار الرئيس المخلوع المتخذ بمناسبة 7 نوفمبر 2002 لفائدة المحامين” والحال أن ذاك محض كذب لأن ذاك القرار لم يوصِ بقطع رزق المستشارين الجبائيين. كما كذب مرة ثانية مثلما أوضحت ذلك المحكمة الإدارية من خلال رأيها الاستشاري عدد 495 لسنة 2012 حين رد على أحد النواب :”أود أن أوضح هنا بأن قانون 14 ديسمبر 1960 الذي نظم مهنة المستشار الجبائي لم ينص صراحة على أن من مهام المستشار الجبائي نيابة الأشخاص أمام المحاكم…”( انظر صفحة 717 من الرائد الرئيسمي عدد15 المصاحب). أيضا كذب وزير حقوق الإنسان مرة ثالثة في رده على احد النواب حين أكد أن الوزارة تحاورت مع المستشارين الجبائيين. أما الكذبة الرابعة، فتتمثل في التأكيد على أن نسبة القضايا الراجعة للمستشارين الجبائيين لا تتجاوز 4 % والحال ان ذلك فيه مغالطة كبيرة اذ انه لم ياخذ بعين الاعتبار عدد المستشارين الجبائيين مقارنة بعدد المحامين ولو قام بذلك لتبين أن عدد القضايا الراجعة للمستشارين الجبائيين أكثر من تلك الراجعة للمحامين دون التطرق الى مسألة التخصص والإلمام بالمادة الجبائية (انظر نفس المصدر)، علما أن المحامين الذين يتدخلون في القضايا الجبائية بحكم عمل أغلبهم داخل إدارة الجباية يعدون على الأصابع.

حيث استعمل وزير حقوق الإنسان والبعض من مساعديه كل الطرق والوسائل للتنكيل بالمستشارين الجبائيين واستهدافهم في مورد رزقهم وآخرها المذكرة عدد 2007/2/670 بتاريخ 31 ماي 2007 التي أوصى من خلالها القضاة بعدم قبول المستشارين الجبائيين في القضايا التي تفوق 25 ألف دينارا عندما لاحظ أن بعض المحاكم قبلت بنيابة المستشارين الجبائيين باعتبار أن قانون مهنتهم الذي هو نصّ خاص وأساسي لم يتم إدخال تحويرات عليه بمقتضى القانون عدد 11 لسنة 2006 الذي هو نص عام علما بأن الخاص يغلب على العام، وفي هذا خرق صارخ للفصول 5 و7 و65 من دستور 1959. الأدهى والأمر في تلك المذكرة المهزلة التي اعتبرتها المحكمة الإدارية معدومة والتي رفضت الوزارة سحبها إلى حد الآن انها نصت على أنه بإمكان المستشار الجبائي أن يساعد المُطالِب بالضريبة والمحامي في القضايا التي يفوق فيها النزاع 25 ألف دينار. تلك المذكرة المتناقضة تثبت أن القضاء كان يسير عن طريق التعليمات والتأويلات غير الشرعية للقانون التي تقوم بها السلطة التنفيذية والتي استهدفت المستشارين الجبائيين في مورد رزقهم.

حيث بالرجوع الى الصفحة 712 من مداولات مجلس النواب من الرائد الرسمي عدد 15 لسنة 2006، يتضح أن لجنة التشريع العام والتنظيم العام للإدارة التي يسيطر عليها المحامون استمعت بجلستها المنعقدة يوم 16 فيفري 2006 إلى الأستاذ عبد الستار بن موسى عميد الهيئة الوطنية للمحامين انذاك والرئيس الحالي للرابطة التونسية لحقوق الإنسان المستفيد بصفته المهنية من تلك المظلمة الناجمة عن جريمة فساد إداري عوض أن تستمع للضحايا الممثلين في الهياكل المهنية للمستشارين الجبائيين التي لم تجد اذانا صاغية انذاك بخصوص الضرر الذي سيلحقه مشروع القانون بأهل المهنة.

حيث ان القانون عدد 11 لسنة 2006 جاء مخالفا للفصلين 5 و7 من الدستور آنذاك والفصول 10 و22 و23 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والفصل 6 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية متعلق بحق العمل والفصل 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية متعلق بحق التقاضي والفصل 10 من الميثاق العالمي لحقوق الانسان باعتبار انه حرم المطالب بالضريبة، من خلال اللبس الذي احدثه، من حقه في اختيار المختصين للدفاع على مصالحه وحقوقه.

حيث ان العرائض الموجهة للإدارة منذ سنة 2006 بخصوص هذه الجريمة الشنيعة للمطالبة باسترجاع حق المستشارين الجبائيين، من خلال حذف اللبس المفتعل بمقتضى القانون عدد 11 لسنة 2006 الذي لم يحور القانون عدد 34 لسنة 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين، لم تلق آذانا صاغية إلى حد الان وذلك في خرق للأمر عدد 982 لسنة 1993 متعلق بضبط العلاقة بين الإدارة والمتعاملين معها والفصل 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك الفقرة 19 من إعلان مبادئ العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الجريمة والتعسف في استعمال السلطة التي نصت بوضوح على ضرورة إرجاع حقوق ضحايا التعسف في استعمال السلطة والتعويض لهم.

حيث أن عرائض التظلم التي بعثت بها الهياكل المهنية للمستشارين الجبائيين إلى الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية منذ صدور القانون عدد 37 لسنة 2008 مؤرخ 16 جوان 2008 المحدث لها بخصوص الأطراف التي حرمت المستشار الجبائي من العمل بقيت طي النسيان ولم تلق أي رد نتيجة استشراء الفساد الاداري وصورية تلك الهيئة وذلك في خرق للأمر عدد 982 لسنة 1993 متعلق بضبط العلاقة بين الإدارة والمتعاملين معها والفصل 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. فما قام به الفاسدون ورئيس عصابتهم يندرج في إطار الفصل 96 والفصل 172 من المجلة الجزائية فضلا عن أنه يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية التي من بينها جريمة التجويع المقنن.

حيث نطلب من جنابكم الموقر التدخل لرفع هذه المظلمة الناجمة عن جريمة فساد إداري وسياسي ارتكبها وزير حقوق الإنسان والبعض من مساعديه الذين  قطعوا رزق المستشارين الجبائيين الذين كانوا ولا زالوا ضحية للفساد والصفقات والتعسف في استعمال السلطة طيلة عشرات السنين قصد تمكيننا من استرجاع حقنا في إطار قانون المالية لسنة 2016 وجبر الضرر الحاصل لنا منذ سنة 2006 وذلك من خلال إزالة اللبس المحدث بمقتضى أحكام الفصلين 57 و67 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية وإدخال تنقيح على القانون عدد 11 لسنة 2006 الذي يعتبر سنه بالاعتماد على الكذب وقلب الحقيقة والمغالطة جريمة على معنى الفصل 172 من المجلة الجزائية  لما ألحقه من ضرر بالمستشارين الجبائيين علما أن ما بني على باطل فهو باطل وأن القانون عدد 34 لسنة 1960 المنظم لمهنة المستشارين الجبائيين لم يتم تحويره ولا زال ساري المفعول كقانون دولة مثلما أكدت ذلك المحكمة الإدارية من خلال رأيها الاستشاري عدد 495 لسنة 2012.

حيث اعتبرت المحكمة الإدارية من خلال حكمها الصادر في القضية عدد 19899 بتاريخ 30 نوفمبر 2011 المنشور الصادر عن وزير العدل معدوم الوجود والأثر مؤكدة على أن ذاك المنشور فيه تدخّل سافر في شؤون القضاء.

كما أن الرأي الاستشاري عدد 495/2012، الصادر عن المحكمة الإدارية بتاريخ 6 أوت 2012 بخصوص مهام المستشار الجبائي، أكد على أن مهام المستشار الجبائي لا تأثير للقانون المنظم للمحاماة عليها وإنما تبقى مرتبطة بالقوانين الإجرائية. تبعا لذلك، وجب إدخال تحويرات في إطار مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2016 على الفصلين 57 و67 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية حتى يتمكن المستشار الجبائي من استرجاع حقه في العمل امام المحاكم الذي سلب منه في ظروف فاسدة وتعفى المؤسسة من تحمل أعباء زائدة من شانها الاضرار بقدراتها التنافسية، علما أن وزارة العدل اشارت على المستشارين الجبائيين في رسالتها عدد 4492/01/2012 المؤرخة في 25 اكتوبر 2012 بالتوجه لوزارة المالية المسؤولة على تحوير الفصلين 57 و67 المشار إليهما.

ورغم المصادقة خلال ندوة اصلاح المنظومة الجبائية المنعقدة خلال شهر نوفمبر 2014 على المقترح الداعي الى رفع المظلمة الشنيعة المسلطة على المستشارين الجبائيين منذ سنة 2006 إلا أن مصالح وزارة المالية لم تقم بتحوير الفصلين 57 و67 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية لتتواصل بذلك معاناة المستشارين الجبائيين ومن ورائهم الآلاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية الذين يبقى بإمكانهم الانتصاب لحسابهم الخاص إذا ما رفعت المظالم المسلطة منذ عشرات السنين على المستشارين الجبائيين الذين تحضى مهنتهم بعناية جد فائقة داخل البلدان المتطورة وبالأخص الاتحاد الأوروبي.

تبعا لذلك، يرجوا المستشارون الجبائيون من نواب الشعب التدخل لإيقاف هذه الجريمة في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2016 ورفع المظلمة الشنيعة المسلطة على المستشارين الجبائيين منذ سنة 2006 باعتبار أن الأمر يتعلق باغتصاب مهامهم التي مارسوها طيلة 45 سنة بمقتضى القانون دون قيد أو شرط، علما أن المنظومة التشريعية لم توفر للمستشارين الجبائيين سبلا للتظلم والتقاضي والانتصاف على معنى الفصل 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية نظرا لأن اغتصاب مجال تدخلهم تمّ بمقتضى نص تشريعي.

كما يطلبون من نواب الشعب المصادقة على مشروع القانون المتعلق بتنظيم مهنتهم المحكومة بقانون 1960 المتخلف والمودع بالمجلس خلال سنة 2012، علما أن عميد المحامين الحالي “الحائز على جائزة نوبل للسلام” قام بعرقلة مشروع القانون المعد من قبل وزارة المالية خلال شهر نوفمبر 2013 في مرة أولى وقام بنفس الشيء مرة ثانية خلال شهر سبتمبر 2015 ليتواصل بذلك التنكيل بالمستشارين الجبائيين والآلاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية بالاعتماد على المغالطات والأكاذيب التي فندتها المحكمة الإدارية من خلال رأيها الاستشاري عدد 495 لسنة 2012.

الأسعد الذوادي

عضو الجمعية العالمية للجباية ومعهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا والمجلس الوطني للجباية ومؤسس الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×