الرئيسية / الورقية / “صوت الشعب”: “التشغيل بحاجة إلى خيارات لا إلى ورشات”
“صوت الشعب”: “التشغيل بحاجة إلى خيارات لا إلى ورشات”

“صوت الشعب”: “التشغيل بحاجة إلى خيارات لا إلى ورشات”

55انطلقت يوم الثلاثاء 15 مارس الجاري ورشات العمل الخاصة بالاعداد للمؤتمر الوطني للتشغيل المزمع عقده أواخر الشهر للبحث في سبل فتح آفاق لتشغيل الشباب.

قرار عقد المؤتمر وتنظيم الورشات التحضيرية جاءت استجابة لضغط الاحتجاجات الشبابية التي انطلقت من القصرين لتعم لاحقا أغلب جهات البلاد. ولئن تراجعت في الأسابيع الأخيرة فإنها تتواصل في شكل اعتصامات بعديد الولايات ومراكز المعتمديات وفي شكل رحلات على الأقدام من الجهات النائية ( قفصة-جندوبة-القيروان…) نحو العاصمة بحثا عن حلول منصفة تضمن الكرامة والعيش اللائق.

حكومات ما بعد 14 جانفي لم تعِر اهتماما جديا للمسألة الاجتماعية التي قامت من أجلها الثورة ولم تبحث عن معالجات من شأنها أن تفتح الطريق أمام حل معضلة البطالة والتهميش على أسس جذرية بل خيّرت الحلول الظرفية والهشة التي لم تفعل سوى تأجيل المشكل والرمي به من حكومة إلى أخرى.

حكومة الائتلاف الرجعي الحاكم الحالي لم تشذ عن سابقاتها في هذا المستوى ولعل عقد هكذا مؤتمر وما سيتمخض عنه من مشاريع حلول ومقررات وتوصيات لن يساهم في حل معضلة البطالة التي تظل مرتبطة عضويا بطبيعة الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية وبالموارد المرصودة للتنمية والتشغيل. ولا نعتقد أن ميزانية 2016 التي رصدت 2600 مليار للتنمية و23 الف موطن شغل في الوظيفة العمومية أكثر من نصفهم في القطاعين الأمني والعسكري قادرة على تقديم الحلول المطلوبة.

التشغيل بحاجة إلى خيارات اقتصادية واجتماعية وإجراءات ثورية وإرادة سياسية حقيقية في القطع مع القديم الذي عمق الأزمة وفاقم انعكاساتها المدمّرة وفرض طرد رأس النظام وليس إلى مؤتمرات مزعومة وورشات وخبراء مهما اجتهد هؤلاء ونجحوا في ترصيف مشاريع الحلول.

لقد قدمت الجبهة الشعبية حلولا مستعجلة على طبق من ذهب للحكومة على أمل تجاوز الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد وهي تعتقد أن الدولة في مثل ظروف تونس التي تتميز بعدم الاستقرار ومستهدفة من طرف الإرهاب التكفيري هي المطالبة قبل الخواص، محلّيين كانوا أم أجانب، بالتنمية الجهوية والمحلية عبر مشاريع كبرى موجّهة للقطاعات المنتجة من صناعة وفلاحة إضافة إلى البنية التحتية، قادرة على إنتاج الثروة وتشغيل العدد الأكبر من العاطلين والمهمشين. ووضحت الجبهة مصادر التمويل الجبائية وغير الجبائية والمتمثلة خاصة في سن ضريبة استثنائية وظرفية على الثروات الكبرى وتعليق تسديد المديونية لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات والضغط على نفقات التصرف في غير الوزارات الخدمية وتسوية ملف الأملاك المصادرة على أسس قانونية وشفافة ووقف نزيف التهريب والاقتصاد الموازي الخادم للإرهاب ووضع حد للفساد الإداري والمالي الذي بات ينخر مقدرات البلاد.

لكن حكومة الالتفاف على الثورة قابلت هذه الحلول بالرفض والمكابرة حتى لا يذهب إلى ظن التونسيين أن الجبهة الشعبية طرف سياسي بنّاء وقوة اقتراح ولديها حلول واقعية وملموسة لمجمل معضلات البلاد.

حكومة الائتلاف الرجعي الفاشل ستفوّت الفرصة مرة أخرى للبحث عن حلول ومعالجات جذرية في إطار سياسة اقتصادية توافقية جديدة تنسجم مع أهداف الثورة وتستجيب، ولو على مراحل، لانتظارات التونسيين ما دامت مصرّة على تطبيق إملاءات المؤسسات المالية العالمية النهّابة المعلبة والصالحة لكل زمان ومكان والتي لم تجلب للدول الفقيرة سوى الخراب ومزيد التبعية لبلدان المركز.

افتتاحيّة “صوت الشعب”// العدد 201 – الجمعة 18 مارس 2016

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×