الرئيسية / صوت العالم / بوصلة بلجيكا: اليوم الأسود والرّسالة الدّمويّة // عمار عمروسية
بوصلة  بلجيكا: اليوم الأسود والرّسالة الدّمويّة // عمار عمروسية

بوصلة بلجيكا: اليوم الأسود والرّسالة الدّمويّة // عمار عمروسية

12177984_1631988787073515_1039472252_nمرة أخرى ومثلما توقّع الكثيرون تمكّنت العصابات الإرهابية الفاشستية المعروفة باسم “داعش” من اختراق كل الحواجز الأمنية والتحصينات في الفضاء الأوروبي برمته والنجاح في القيام بواحدة من أكبر العمليات الإجرامية في مكان له دلالات عديدة.

فالعالم، كلّ العالم وخصوصا الغربي منه مازال حتى الساعة تحت صدمة المجزرة المروّعة التي انتهت إلى حصيلة ثقيلة تمثّلت في 34 قتيلا وحوالي 200جريحا.

ولعلّ وطأة الصدمة وحتى الذهول الذي يلحظه الجميع ليس مردّه تلك الحصيلة الثقيلة للأرواح البشرية وإنما مسرح الجريمة ذاتها وأيضا توقيتها وما تمّ العثور عليه من أدوات قتل وتدمير.

فمكان الجريمة الإرهابية هذه المرة يختلف عن الأطر المكانية لما سبق، ويتجاوز في دلالاته حتى ما حدث منذ أشهر بالعاصمة الفرنسية على أهميتها.

فالعاصمة البلجيكية “بروكسيل”هي المقر الرسمي للاتحاد الأوروبي، وهي حاضنة “الحلف الأطلسي”.

ومسرح التفجيرات التي حدثت صبيحة 22 مارس الجاري كان “مطار بروكسيل الدولي” و”محطة ميترو الأنفاق” وهما من الشرايين الأساسية لنقل الأشخاص والحركة ليس فقط أوروبيا وإنما عالميّا.

ومثلما حمل المكان دلالاته فقد كان للتوقيت معانيه.

فوقوع الجريمة البشعة جاء أياما قليلة بعد إلقاء القبض على المدعو “صلاح عبد السلام” المتهم الرئيسي بالوقوف وراء تفجيرات باريس في الأشهر الماضية، ذاك الإيقاف الذي رافقته حملة إعلامية غير مسبوقة انخرطت فيها تقريبا كل الحكومات الأوروبية وتصدّرتها بطبيعة الحال فرنسا وبلجيكا اللتين غرقتا في روح انتصارية أفقدت أجهزتهما الأمنية والعسكرية في نظرنا حدودا كبيرة من درجات اليقظة والتوقي دفع ثمنه غاليا الأبرياء والعزل والمدنيين.

فجريمة بروكسيل مثّلت إلى حدّ كبير الرد المنتظر من جماعات القتل والخراب على إيقاف أحد أعمدتها وإمكانية سقوط رؤوس أخرى خصوصا وأنّ الموقوف على قيد الحياة، وهناك مؤشرات عديدة على إمكانية انهياره المطلق أثناء التحقيق المكثّف الذي انطلق بعد معه.

ودون شك فإنّ ردّ الجماعات الإرهابية التكفيرية بهذه السرعة وعلى هذه الشاكلة الموغلة في الهمجية هو بمثابة إعلان الحرب المفتوحة في كلّ العواصم والمدن الأوروبية.

وليس مستبعدا أن تحمل صباحات كل يوم جديد أنباء فظاعات أخرى في أكثر من مكان. كما أنه من الوارد أيضا أن تعمد العصابات الإرهابية إلى تحريك خلاياها النائمة واستنفارها في أنشطة تدمير واسعة تزيد إلى حدود كبيرة من حجم الأضرار البشرية وتوسع من دوائر الخسائر الاقتصادية.

 ونحن نعتقد أنّ العمل الإرهابي الذي طال الأبرياء في العاصمة البلجيكية يمثّل بداية نفق طويل من الهمجية والوحشية يتطلب من كلّ القوى السياسية والاجتماعية والمدنية الديمقراطية حقا والتقدمية حقا إلى صهر جهودها  في الغرب والشرق ضمن تيّار موحّد يضع نصب عينيه مقاومة الجماعات الإرهابية التكفيرية وغلق الباب أمام مساعي الدول الإمبريالية والرجعية التي تعمل جاهدة على تكريس مشاريعها المتوحشة لمزيد التعديات على الحريات العامة والفردية، مع ما يرافق ذلك من حملات تجييش عنصري ضدّ الأجانب وهوياّتهم الثّقافيّة ومعتقداتهم الدّينيّة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×