الرئيسية / الافتتاحية / تعليق على خبر: في خفايا منحة البنك الدولي لمليون عائلة تونسية
تعليق على خبر: في خفايا منحة البنك الدولي لمليون عائلة تونسية

تعليق على خبر: في خفايا منحة البنك الدولي لمليون عائلة تونسية

فتحي مرابط

خبرا يهمّ مليون عائلة تونسيّةٍ يمرّ مرور الكرام دون الانتباه إليه من قِبل مستعملي وسائط التواصل الاجتماعي ويتلهّون بمعارك جانبيّة، “عرك طبابليّة”، بين الدساترة والإخوانجية.
الخبر في ظاهره يهمّ مليون عائلة تونسية، ولكن في الحقيقة يهم 12 مليون تونسي.
الخبر يقول أن البنك الدولي (“الحنين، الرّؤوف، الرّحيم”)، وعلى لسان ممثّله في الشرق الأوسط فريد بالحاج، سيقدّم منحة قدرها 300 مليون دولار لفائدة مليون عائلة تونسية. هذا المبلغ سيقدّم لرئاسة الجمهورية “لأنها المؤسّسة الوحيدة المتماسكة في السلطة حاليا”. فليس هناك حكومة تحظى بثقة البنك، وصورة البرلمان ورئيسه ونوابه “زيّ الزّفت” في أنظار العالم.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي حرّك البنك الدولي (وليس صندوق النقد الدولي) ليقدّم هذه المساعدات لهذه الفئات؟
الجواب هو: بما أن ميزانية 2021 ليس لها موارد، وبما أن تونس عليها خلاص ديونها للخارج وليس لها موارد لذلك (لا فسفاط ولا بترول ولا ملح ولا سياحة ولا صناعة و”لا أيّ شِي” كما يقول ذلك التونسي المستشرق المستعرب)، فإنه على المواطن أن يموّل الميزانية.
كيف ذلك؟
برفع الدّعم عن المواد الاستهلاكية الأساسية والترفيع في سعرها تدريجيا أو كلّيا. وهذا الإجراء معلومٌ نتائجه مُسبقا، فقد حصل مثل ذلك في 3 جانفي 1984 واحترقت البلاد رغم سيطرة “الحاكم” حينها على الأوضاع. أما اليوم فلن يستطيع أحد أن يسيطر على الشّعب إذا حدث انفجار اجتماعي في تونس. ولو يحدث هذا الانفجار ويؤول الحكم إلى غير الخونة والعملاء وتذهب السلطة إلى “أعداء الرأسمالية” فإن ذلك يرعب الإخوة الإمبرياليّين الذين يسيطرون على جميع المؤسّسات المالية المانحة ويخشون أن تحصل عدوى مماثلة لما حصل في أواخر 2010 في بعض دول الشرق الأوسط و الخليج وإفريقيا. لذا، وللمحافظة على استقرار المنطقة يستبق البنك الدولي هذا السّيناريو المحتمل ويوفّر إعانات للعائلات المعوزة التي سيمسّها الفقر حتما وستنتفض كنتيجة حتمية 1+1=2 ولا أحد يتوقّع مآل الاحتجاجات.
إذا من سيدفع الفاتورة؟
الفاتورة سيدفعها الموظفون والعمال والتجار الصغار وكل الفئات الوسطى من المجتمع التي ستلامس قاع الفقر.
منحة البنك الدولي لا تعدو أن تكون جرعة بنج لتسكين آلام شريحة من المجتمع التونسي حتى تمرّ العاصفة، ثم سيتركون كامل المجتمع يواجه مصيره بنفسه.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×