الرئيسية / منظمات / أخبار / قانون 38 وتكالب الانتهازيّين
قانون 38 وتكالب الانتهازيّين

قانون 38 وتكالب الانتهازيّين

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن العودة إلى التحركات في ظلّ مواصلة الحكومة لانتهاج أسلوب المماطلة حول آليات تفعيل القانون الاستثنائي عدد 38 الخاص بأصحاب الشهادات العليا ممّن طالت بطالتهم وتشغيل فرد من كل عائلة جميع أفرادها معطلون عن العمل. ولكن هذه المرة ستكون مرفوقة برفع دعاوي ضد الحكومة من قبل ثلة من المحامين الذين، والعهدة على الراوي، تعهدوا بالتكفل بها وأيضا مناصرة المعطلين في وقفاتهم ومعاضدتهم ميدانيا.

قد يبدو للبعض أنّ هذه الرواية عادية جدا. لكنها في الحقيقة تحمل الكثير من المغالطات وهي بمثابة الضحك على الذقون واستبلاه العقول لغاية في نفس يعقوب.
لنحلل الأمور بعقلانية وروية بعيدا عن الانفعالات العاطفية.
أولا: ماهي نوعية الدعوى التي سيرفعها المحامون وأمام أي قضاء؟ قضاء مدني أم قضاء إداري؟
وفي كلتا الحالتين كيف يمكن لمحام شريف ونزيه أن يتفوه بهكذا مغالطات لو لم تكن له صفة الانتهازية. فالقانون أعلى درجة من المحكمة وهذه الأخيرة ملزمة بتطيق القانون حسب اختصاصها (المجلة الجزائية، المجلة الجنائية، مجلة المرافعات المدنية والتجارية، مجلة الشغل…) إذا ليس للمحكمة أي أدلة قانونية أتى بها نص قانوني بموجبه تلزم الحكومة تطبيق القانون عدد 38.
ثانيا: لو فرضنا جدلا رفع المحامين دعوى كما يقولون فأي الدوائر الحكومية المدنية ستنظر في القانون؟ لا يوجد.
ماذا بقي إذا؟ القضاء الإداري. لكن المحكمة الإدارية أيضا لا تملك وسائل الالزام للحكومة لتطبق قانون صادر عن هيئات دستورية (مجلس نواب الشعب ومصادقة الرئيس لوروده بالرائد الرسمي) هي بالأساس أعلى درجة من المحكمة مهما كان تصنيفها، إداريا أو مدنيا أو حتى عسكريا.
من ناحية ثانية المحاكم الإدارية تنظر في الدعاوى المتعلقة بقضايا الإلغاء (إلغاء القرارات الإدارية الضارة بمصالح المدعي) أو تنظر في قضايا التعويض عن الضرر الناجم عن قرار إداري بموجبه تضرر القائم بالدعوى. في كلتا الحالتين أين يمكن أن نصنف قانون عدد 38 لترفع قضية بالمحمة الإدارية يطلب من خلالها إلزام الحكومة بتطبيقه؟
ثالثا: هل يعلم هؤلاء “المحامون” بأنّ هنالك قانونا في قطاعهم هو قانون 1967 مماثل لقانون المعطلين والذي بموجبه يمكن للمحام الذي تجاوز عشر سنوات ممارسة فعلية لمهنة المحاماة الالتحاق آليا بسلك القضاء دون إجراء اختبار في الغرض وأنّ هذا القانون لم يدخل حيز التنفيذ إلى حدود الساعة بسبب عدم صدور الأمر الترتيبي المحدد لآليات تفعيله إن كان هنالك وسيلة قضائية بموجبها يتم إلزام الطرف الحكومي بتنفيذ قانون صادر عن هيئات دستورية أعلى منهه درجة. لماذا لا ينتهجونه ليدافعوا عن قانونهم و يضفوا عليه صيغة التنفيذ؟؟؟

ما العمل إذا؟
لا مناص للمعطلين اليوم وبعد أن خبروا زيف وعود نوائب البرلمان وعدم جدية الحكومة في التعاطي مع معظلة البطالة، بل هاهي الآن تفاوض صندوق النقد الدولي في واشطن حول مزيد تكريس البطالة بتجميد الانتدابات والتحكم في كتلة الأجور والنزول بها إلى حدود 15./. وتسريح موظفي القطاع العمومي لا مناص لهم سوى التعويل على أنفسهم لاسترداد ثورتهم التي كان شعارها “شغل، حرية، كرامة وطنية”.
السبيل إلى استعادة حقوق المعطلين يمرّ حتما عبر مزيد الوعي بالواقع الذي تعيشه بلادنا من أزمة سياسية، اقتصادية، اجتماعية وثقافية المتسبب فيها المنظومة التي تكرس التبعية والتهميش والتفقير الممنهج لصالح لوبيات وعائلات نافذة متحكمة في اقتصادنا.
على المعطلين إعادة ترتيب بيتهم الداخلي بحسن التنظم داخل هيكل جامع لكل المعطلين والمهمشين والمفقرين دون إقصاء ودون تصفوية وانتهازية. عليهم القيام بثورة مبنية على استراتيجيا واضحة المعالم، ثورة شعبية ذات أفق اشتراكي تزعزع عرش الكمبرادور الجاثم على صدورنا منذ عقود يمتص دماءنا وقوة عملنا لمزيد مراكمة الثروة لصالحه.

عزيزة الأطرش

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×