الرئيسية / الافتتاحية / انقلاب عسكري رجعي ببوركينا فاسو 
انقلاب عسكري رجعي ببوركينا فاسو 

انقلاب عسكري رجعي ببوركينا فاسو 

منذر خلفاوي

تشهد عديد البلدان الافريقية موجة من الانقلابات العسكرية التي تذكّرنا بانقلابات السبعينات والثمانينات والتي دشنتها مؤخرا “مالي “ و“القابون“ و”تشاد ‟ بأفريقيا جنوب الصحراء وقبلها انقلابات مصر والسودان لسد الطريق على الثورات الشعبية وإنقاذ الأنظمة العميلة من الانهيار ليلتحق يوم الاثنين 24 جانفي 2022 “بوركينا فاسو“ البلد الأفقر في القارة السمراء والذي يعيش شعبها في ظل حكم “كريستيان روك كبوري“ أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية خانقة، مما أدى إلى انهيار الخدمات بأغلب القطاعات كالتعليم والصحة والنقل ذات الانعكاسات المدمرة على حياة الطبقات الكادحة والفقيرة والشباب بصفة خاصة. كما تم أثناء فترة حكمه الاعتداء على الحريات الديمقراطية والنقابية والسياسية وخاصة حرية التظاهر والتعبير والتراجع عن حقوق الطبقة العاملة.
كما يأتي الانقلاب في ظرف يعيش فيه البلد تحت ضربات الإرهاب الداعشي وتنظيم القاعدة الذي يستهدف منذ سبع سنوات الشعب البوركيني وخاصة سكان الحدود. ولم تسلم منها حتى العاصمة “اوغادوغو“ التي شهدت في 15 جانفي 2016 هجوما للتكفيريين أدى إلى خسائر بشرية تمثلت في استشهاد 49 جنديا و4 مدنيين.
لقد خلّف الإرهاب في السنوات الفارطة أكثر من ألفي شهيد ومليون ونصف مهاجر مما جعل المطلب الرئيسي للشعب وقواه السياسية الديمقراطية والنقابية أثناء الاحتجاجات المتواصلة وخاصة أثناء انتفاضته الشعبية هو الحماية من الاعتداءات وتوفير الأمن والعيش الكريم، الشيء الذي عجز النظام على تأمينه، إذ نخر البلاد الفساد والإفلات من العقاب. وأكبر دليل على ذلك إطلاق سراح وزير الدفاع مؤخرا وتبرئته بعد اعتقاله بتهم الفساد.
كما نتج عن فساد الحكم إهمال مصالح الشعب وعدم تجهيز المؤسسة العسكرية بالمعدات، خاصة في الخطوط الأمامية، لمواجهة الإرهاب والتصدي للمذابح في حق الجنود والأهالي. كل هذه العوامل وغيرها دفعت بأحد أجهزة الحكم الرئيسية وهي المؤسسة العسكرية الموالية للامبريالية الفرنسية إلى التدخل لإنقاذ منظومة الحكم البرجوازية العميلة من الانهيار بحكم تطور النضالات السياسية التي كانت ستؤدي إلى قلب الأوضاع لصالح الشعب والوطن.
إنّ الانقلاب الرجعي الحاصل من قبل المجموعة العسكرية المسماة ”الحركة الوطنية للإنقاذ وإعادة البناء‟ بقيادة الملازم العقيد ”بول هونري داميبا‟ سارع بإلغاء دستور الجمهورية الرابعة وإقالة الحكومة وحل البرلمان وفرض حظر الجولان وغلق الحدود البرية والجوية ووضع الرئيس قيد الإقامة الجبرية وهو ما جعل الأهالي وفئات واسعة من الشعب ترحب بالانقلاب الذي رأت وتوهمت أنه سيخلّصها من التكفيريين ويخلّصها من نظام عاجز وفاسد وهو الشيء نفسه الذي يحصل عادة عند تعفن الأوضاع وعند عجز القوى الثورية على قلب الأوضاع لصالحها وتقديم الحلول الحقيقية للأزمات مثلما حصل ذات 25 جويلية 2021 ببلادنا عند خروج الجماهير مهللة للانقلاب بالنظر إلى تعفن الأوضاع وتخلف الوعي بعد عشرية سوداء من حكم الأطراف الرجعية بزعامة حركة النهضة.
يعتبر قائد الانقلاب تلميذا وفيا ومواليا لفرنسا التي تسعى للحفاظ على مصالحها وخاصة قاعدتها العسكرية ببركينا فاسو التي تسمح لها بمراقبة جنوب الصحراء والتدخل المباشر بها عند الاقتضاء رغم تنديد ماكرون التمويهي بالانقلاب.
إنّ المهمة الرئيسية الملقاة على عاتق القوى الثورية وعلى الشيوعيين بالبلدان الافريقية هي النضال من أجل تخليص بلداننا من الاستعمار غير المباشر للامبريالية الفرنسية ومن القواعد العسكرية والاتفاقات الثنائية غير المتكافئة وإسقاط الأنظمة التابعة وإقامة جبهة ثورية افريقية معادية للامبريالية.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×