الرئيسية / صوت الوطن / الاشتراكية طريق لتحرر النساء والمجتمع
الاشتراكية طريق لتحرر النساء والمجتمع

الاشتراكية طريق لتحرر النساء والمجتمع

راضية عمدوني

دأبت الحركات النسائية التقدمية على إحياء ذكرى 8 مارس، اليوم العالمي للدفاع عن حقوق النساء. هذا التاريخ الذي خلد بدمائهن منذ 1908 من أجل تحسبن اوضاعهن. ومنذ 1910 وباقتراح من المفكرة والقائدة الشيوعية كلارا زيتكين أصبح هذا التاريخ يوما عالميا ثبتته الأممية الشيوعية ودعت نساء العالم لإحيائه بمزيد النضال من أجل التحرر. ومنذ 1977 أعلنت الأمم المتحدة تبنيها هذا التاريخ كيوم عالمي للدفاع عن حقوق النساء.
ان هذا التاريخ يخلد نضالات النساء من أجل حقوقهن وتحسين أوضاعهن. ورغم ما حققته النساء من مكاسب، فإنها لم تغيّر في العمق من واقعهن. فالنظام الرأسمالي لم يقدم أكثر مما فرضته نضالات النساء. ورغم سعي البورجوازية إلى نشر الوهم حول منحها المرأة حقوقها ودعم مكانتها الاقتصادية والاجتماعية، مازالت النساء تعانين من الدونية. ولكن تبقى هذه المكاسب مهمة لمراكمة التجارب ولتحسين ظروف النضال والرفع من وعي النساء وتجذير نضالاتهن.
ان المرأة في النظام الرأسمالي يقع استغلالها كقوة عمل مثلها مثل الرجل ولكن مازالت هي الحلقة الأضعف وبذلك تكون الاكثر عرضة للاستغلال.
ورغم ترسانة القوانين والاتفاقيات الدولية وعلى أهميتها مازالت المرأة تعاني من الدونية سواء تعلق الأمر بالحق في الشغل أو المساواة في الأجر. وماتزال وظيفة الأمومة حكرا على المرأة ولم ترتق بعد لتصبح وظيفة اجتماعية وهي بذلك إحدى المكبلات أمام إمكانيات تطور المرأة وتقلدها مراكز قيادية في كل المجالات.
وقد عمقت أزمة الرأسمالية مع جائحة كورونا أوضاع النساء حيث وجدت الالاف منهن أنفسهن دون مواطن شغل في كل دول العالم خاصة في الدول التابعة حيث مازالت جماهير النساء تعانين من مظاهر الميز والاضطهاد فالمرأة التونسية الكادحة والمفقرة ازداد وضعها سوءا وتعقيدا بعد صعود الشعبوية إلى الحكم. إذ لم يتوان قيس سعيد على التصريح بموقفه المعادي لحقوق النساء وعدم الاعتراف بالمساواة خاصة فيما يتعلق بالميراث فمنذ. انقلاب 25 جويلية 2021 وفي كل مساراته كانت المرأة مستهدفة من قبل منظومة قيس سعيد بدءا بالدستور وصولا إلى القانون الانتخابي فنحن اليوم أمام برلمان لا تتعدى التمثيلية النسائية فيه 16% مقابل 26℅ في برلمان 2019 و36℅ في برلمان 2014. وقد صرح قيس سعيد في أكثر من مناسبة رفضه المساواة بين الجنسين في إشارة واضحة إلى أن ذلك يتنافى مع الشريعة وهو بذلك ينسف مكتسبات ناضلت النساء من أجل فرضها لعقود مثل القانون عد 58 الذي يجرم كل أشكال العنف ضد النساء وذلك بعدم تحمل الدولة مسؤوليتها في توفير الآليات لجعل هذا القانون نافذا ولازالت العاملات الفلاحيات تتعرضن يوميا إلى الموت رغم إقرار القانون عدد 51 الخاص بتنظيم النقل الآمن للعملة الفلاحيين
فاليوم نحن أمام دولة تمارس كل أشكال العنف ضد النساء بل أكثر من ذاك أصبحت المكتسبات التي خلنا انها حان الوقت لمزيد تجذيرها وتطويرها من أجل المساواة التامة والفعلية مهددة مثلها مثل العديد من المكتسبات مثل الحريات العامة والفردية فالعلاقة بين واقع النساء وواقع الطبقة العاملة ككل مسألة لا يمكن فصلها فقضية المرأة جزء لا يتجزأ عن باقي قضايا المجتمع وهي بذلك قضية اجتماعية بامتياز ومرتبطة عضويا بواقع العمال والكادحين. فالنضال النسائي مرتبط بنصال الطبقة العاملة فلا تحرر للنساء دون تحرر الكادحين وتحرر المجتمع من واقع التقسيم الطبقي والاجتماعي الذي يضاعف أشكال الاستغلال ضد المرأة كجنس وضدها كقوة عمل. فمصلحة النساء تكمن في استكمال الطبقة العاملة لمهامها التاريخية والثورية وبذلك يكون نضال النساء ضرورة تاريخية لتحرر المجتمع، فلا خلاص للنساء إذن الا بخلاص كل فئات وطبقات المجتمع من الاستغلال والاضطهاد. وبالتالي لا يمكن الحديث على المساواة التامة والفعلية الا في ظل نظام خال من الاستغلال والتمييز يكرس علاقات إنتاج جديدة ويحقق العدالة الاجتماعية. فالاشتراكية وحدها طريق التحرر لكل الفئات والطبقات وبذلك لا يمكن الحديث عن تحرر النساء خارج منظومة تحرير كامل المجتمع.
ولكن يبقى ليوم 8 مارس رمزيته التاريخية ليس من أجل الاحتفال به بل من أجل مزيد دفع النساء للنضال في إطار النضال العام للعمال والكادحين. وهو ايضا تاريخ كان للاشتراكيين الفضل في تثبيته ليكون منطلقا للنضال من أجل التحرر لاعتقادنا الراسخ كاشتراكيين بأن قضية المرأة جزء لا يتجزأ عن قضايا الطبقة العاملة والمجتمع وارتباطهما العضوي من ناحية ومن ناحية أخرى لاعتقادنا الراسخ أن لا خلاص للإنسانية الا بالبديل الاشتراكي الذي سيولد حتما من رحم النظام الرأسمالي الذي أصبح عاجزا عن حل معضلات الإنسانية بل أكثر من ذاك بات يهدد الحياة.
لذاك تبقى الاشتراكية وحدها قادرة على تحقيق المساواة التامة والفعلية والعدالة الاجتماعية.
فليكن تاريخ 8 مارس نبراسا لنا لمواصلة النضال.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×