الرئيسية / صوت العالم / العمل اليومي لحزب الطبقة العاملة بين الجماهير
العمل اليومي لحزب الطبقة العاملة بين الجماهير

العمل اليومي لحزب الطبقة العاملة بين الجماهير

الجزء 3 من 7
ترجمة مرتضى العبيدي

II النشاط اليومي للحزب المرتكز على الطبقة العاملة

10. إن الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية (CIPOML)، التي تأسست في عام 1994، هي “الوريثة للمبادئ الثورية للفترات الثورية للأممية الأولى والثانية، والأممية الثالثة (الكومنترن) وللفترة الثورية للكومينفورم” ولتطبيفاتها (4). وهي وريثة كل الإنجازات النظرية والعملية للنضال من أجل تحرير الطبقة العاملة؛ وهي استمرار غير منقطع للنضال الذي تم خوضه على أساس الماركسية اللينينية ضد التحريفية الحديثة وجميع أنواع الانتهازية والرجعية. وعلى عكس الاتجاهات الأخرى التي تدعي تبني الاشتراكية والشيوعية، وضعت الندوة منذ تأسيسها أرضية وخطا ماركسيا لينينيا على المستوى الإديولوجي والسياسي والتنظيمي يتّسم بالانفتاح والوضوح؛ وفي الفترة اللاحقة تم توضيح هذه العناصر وتطويرها بشكل أكبر، ولا تزال تشتغل عليها، رغم مواطن الضعف والنقائص في أدائها.

11. على الرغم من أنها تزداد قوة مع انضمام أحزاب ومنظمات جديدة، إلا أن cipoml لا تزال متواجدة في عدد محدود من البلدان. إذ لا توجد أحزاب أو منظمات أعضاء في cipoml في البلدان الرأسمالية الأكثر تقدمًا و / أو في البلدان ذات التركيز العالي للطبقة العاملة، مثل اليابان، وبريطانيا العظمى، وكندا، والصين، والأرجنتين، وجنوب إفريقيا، إلخ. وفي البلدان التي توجد فيها أحزابنا ومنظماتنا، مازال ارتباطها بالطبقة العاملة وحركتها ضعيفا. فباستثناء عدد محدود من البلدان، لا تزال الأحزاب والمنظمات الأعضاء في الندوة لا تشكل قطب جذب أو نقطة التقاء قوية للعناصر المتقدمة في المجتمع التي تميل نحو الاشتراكية، ولا للأقسام المتقدمة من الطبقة العاملة، بل حتى لجزء كبير منها. إن مستوى الانخراط في النقابات منخفض في العديد من البلدان التي نتواجد فيها؛ ومازالت هذه الأخيرة تحت هيمنة البيروقراطية النقابية والأرستقراطية العمالية التي تتبنى بشكل عام خط التعاون الطبقي؛ وعلى الرغم من التفاوت بين أحزابنا، فإن نشاطها وتأثيرها في النقابات العمالية والمنظمات الجماهيرية الأخرى لا يزال ضعيفًا للغاية. وفي البلدان التي نشأت فيها ظروف ثورية وحيث تطورت الحركات الجماهيرية وتحولت إلى انتفاضات، حيث لعبت أحزابنا دورًا مهمًا في هذه الحركات، إلا أنها لم تكن في موقع القيادة، حتى تتمكن من تعبئة الجزء الأكبر من الطبقة العاملة، وخاصة العمال الصناعيين، من خلال منظمات المصانع وفي مواقع العمل (5).

12. شدد لينين في كثير من الأحيان على أنه لا ينبغي أن نخجل أو نخاف من كشف أخطائنا علانية بل “إن التعلم، على أساس الأخطاء المرتكبة، أفضل طريقة لتنظيم النضال” (6) وكتب: “إن موقف حزب سياسي من أخطائه هو من أهم وأضمن الوسائل للحكم على مدى جديته ومدى وفائه بالتزاماته في الممارسة تجاه طبقته وتجاه الكادحين. بصراحة، إن التعرف على الخطأ، وتحديد أسبابه، وتحليل الظروف التي أنتجته، والبحث عن وسائل تصحيحه، هذه علامة على وجود حزب جاد، وهكذا يجب عليه أن يؤدي وظائفه، في تثقيف وتدريب الطبقة العاملة ثم الجماهير. ” (7) إن السبيل للتغلب على نقاط ضعفنا ونواقصنا وأخطائنا هو أولاً الكشف عنها بكل بساطتها، مع أسبابها واستخلاص الدروس منها، وتفعيل ذلك للمضي قدمًا.

13. إن اعتماد النظرية الماركسية اللينينية، وتطبيقها على الظروف الملموسة للبلد ووضع استراتيجيات وتكتيكات مناسبة لا تكفي وحدها لبناء حزب ثوري، لأن “تبني برنامج شيوعي يُظهر فقط نية الحزب في أن يصبح شيوعيًا” كما ورد في وثيقة “أطروحات حول الهيكل التنظيمي للأحزاب الشيوعية وعلى أساليب ومحتوى عملها، الصادرة عن المؤتمر الثالث للأممية الشيوعية “. هذا مجرد شرط من الشروط ونقطة البداية على طريق بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة. إذ يتعين على هذا الحزب أن يقوم بنشاط ثوري متعدد الأبعاد وممنهج ومتواصل بين الجماهير، وخاصة العمال الصناعيين، وأن يكون لديه الهيكل التنظيمي والمهمّات المناسبة من أجل أن يصبح الحزب الثوري للطبقة العاملة. وعندما تتحقق هذه الشروط، سيصبح الحزب الإطار المنظم لأكثر عناصر الطبقة تقدمًا وتفانيًا وتماسكًا، والمجهز بنظرية ثورية، مع الانضباط الصارم، عندها سيُحظى الحزب بدعم وثقة أقسام متزايدة من الطبقة العاملة وهو ينمو في صلبها كجزء منها من خلال كوادره وصلاته بالجماهير ليصبح طليعة الطبقة.

14. في سنواتها الأولى، لم تكن “الغالبية العظمى” من أحزاب الكومنترن “أحزابًا شيوعية حقيقية” بعد. ففي رسالته إلى الشيوعيين الألمان في أغسطس 1921، كتب لينين: “في الغالبية العظمى من البلدان، ما زالت أحزابنا بعيدة جدًا عن أن تكون ما يجب أن تكون عليه الأحزاب الشيوعية الحقيقية؛ فهي بعيدة كل البعد عن كونها طليعة الطبقة الوحيدة الثورية فعلا التي يشارك كل عضو منها في النضال، في الحركة، في الحياة اليومية للجماهير. لكننا ندرك هذا الخلل، وقد أبرزناه بشكل لافت في مقرّر المؤتمر الثالث للأممية حول عمل الحزب. وسوف نتغلب عليه “.(8)

15. لقد تم التغلب على هذا الخلل من خلال العمل الثوري الحازم والصبور، من خلال “الانخراط في النضال والحركة والحياة اليومية للجماهير لكل عضو من أعضاء الحزب”، وبالاعتماد في بناء الحزب على الخبرات الأممية للطبقة العاملة، وخاصة ثورة أكتوبر وتجربة الحزب البلشفي، والنظرية الماركسية اللينينية – وخاصة أحد مكوناتها – ألا وهي التعاليم اللينينية عن الحزب. وبمرور الوقت، تطور عدد متزايد من الأحزاب إلى أحزاب جماهيرية للطبقة العاملة، وهي التي عملت على تطوير وتنظيم العناصر الأكثر تفانيًا وتصميمًا ووعيًا، الذين كانوا جزءًا من الطبقة العاملة من حيث الانتماء الطبقي ومن حيث التواجد في المنظمات؛ والذين حصلوا على ثقة الطبقة العاملة وبالتالي ثقة بقية الكادحين، فانتظموا معهم وتقدموا سويا. (9) ومع ذلك، لم يكن الأمر بسيطًا أو فوريا. كانت عملية محفوفة بصعوبات، مع فترات صعود وهبوط، وظهور انحرافات وأخطاء وعيوب، وكذلك ممارسة النقد للتغلب على الأخطاء. إن الوحدة بين الطبقة العاملة والاشتراكية، التي لم تتزعزع فحسب، بل تراجعت أيضًا بسبب خيانة وانتهازية الأممية الثانية، أعيد تأسيسها على مستوى أكثر تقدمًا بفضل عمل ثوري يومي حازم ومتفان ومتعدد الأبعاد ومتواصل في أماكن العمل، وبشكل رئيسي في المصانع ذات الكثافة العمالية. إن دراسة هذه التجربة المهمة تكتسي أهمية كبرى ليس فقط للتعلم من نقاط قوّتها ولكن أيضًا من أخطائها.

16. لقد تطورت الظروف المادية للثورة البروليتارية وللطبقة العاملة كمكون لها نوعيًا وكميًا إلى مستويات لا يمكن مقارنتها بسنوات ثورة أكتوبر وتأسيس الكومنترن، أو بفترة الحرب العالمية الثانية وما بعدها، عندما تم كسر النظام الرأسمالي الإمبريالي على جبهات جديدة، عندما أصبحت أحزاب الطبقة العاملة الثورية أحزابا جماهيرية بديلة في العديد من البلدان، بما في ذلك بعض أهم البلدان الرأسمالية. ومع ذلك، فإن مستوى الوعي السياسي وتنظيم الطبقة العاملة أصبح متأخرا كثيرا عن تلك السنوات. هذا التناقض بين الظروف الموضوعية للطبقة العاملة وحركتها ووضعها الذاتي يظل مسألة يجب حلها ليس فقط لتحقيق انتصار الثورة البروليتارية، ولكن حتى للاستجابة للمطالب السياسية والاجتماعية الحالية للطبقة العاملة والشعوب. لا يمكننا التغلب على هذا التناقض إلا من خلال تنظيم عمل حازم ومتفان بين الجماهير، وخاصة صلب الطبقة العاملة، ومزاوجة ذلك بنضال أيديولوجي نظري قائم على النظرية الماركسية اللينينية.

الهوامش
(4) الأرضية النضالية للندوة: “حول الرأسمالية والطبقة العاملة والنضال من أجل الشيوعية”.
(5) إلى جانب ما سمّي بالربيع العربي، تطورت نضالات العمال والشعوب من وقت لآخر في العديد من البلدان مثل السودان وهايتي وفرنسا واليونان والهند وبنغلاديش، إلخ. والأوضاع الثورية التي ظهرت في العديد من المناطق الأخرى، سرعن ما تلاشت إما بتحقيق مكاسب مؤقتة ومحدودة أو تعرضت لهزيمة ثقيلة. والسبب الرئيسي لذلك هو أن معظم الطبقة العاملة لم تشارك في هذه النضالات كقوة مستقلة ومنظمة تحت قيادة حزبها، وهذه النضالات لم تتطور تحت قيادة حزب الطبقة العاملة وهيمنتها.
(6) لينين، خطاب أمام المؤتمر الثالث للأممية الشيوعية
(7) لينين، مرض اليسارية الطفولي
(8) لينين، الأعمال المختارة، المجلد 10، “رسالة إلى الشيوعيين الألمان”.
(9) في مقالته “بلشفة الأحزاب” المنشورة في مجلة “الأممية الشيوعية” ، يشير د. مانويلسكي ، مندوب الاتحاد السوفيتي وأمين اللجنة التنفيذية للكومنترن ، إلى مظهر أساسي من البلشفة على النحو التالي: إن مهمة الأحزاب الشقيقة ، والهدف الرئيسي لجهودهم يجب أن يكون تكوين أكبر عدد ممكن من الكوادر الثورية داخل المصانع والورشات ، المكرسين جسدا وروحًا لقضية الثورة. إن هدفنا اليوم هو إعادة تنظيم الأحزاب الأوروبية على أساس نواتات المصنع والورشة “. ويتابع قائلاً: “… إن مهمة مشتركة تُطرح اليوم بحدّة على جميع أحزابنا. فمهمتها اليوم هي أن تقترب أكثر فأكثر من العمال داخل مواقع العمل. إن إعادة تنظيم الأحزاب على أساس أنوية المصانع والورش ليس إجراء ميكانيكيًا لإعادة بناء العلاقات من الخارج فقط. إنه يعني تحويل مركز عمل الحزب بالكامل مستوى النواتات القاعدية لعمال المصنع. إن الحزب الذي يحول أنويته الشيوعية داخل ورشات إلى قيادات فعلية للنضال الثوري للجماهير البروليتارية، هو الذي يمكن القول حقا أنه بصدد البلشفة “. ثم يثني على الحزب الشيوعي الفرنسي بالقول: “إن الأممية الشيوعية تُشيد بكل فخر واعتزاز بالخطوات الجبارة التي قطعها الحزب الشيوعي الفرنسي في هذا الاتجاه. ، فمن بين 237 مندوبا حضروا أشغال مؤتمره الأخير، فاق عدد العمال الـ 200.” (الأممية الشيوعية”، المجلد الأول، العدد 10، 1924)

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×