الرئيسية / صوت العالم / الثورة البروليتارية والتناقضات الإمبريالية
الثورة البروليتارية والتناقضات الإمبريالية

الثورة البروليتارية والتناقضات الإمبريالية

الجزء 1من 4

بقلم بابلو ميراندا
ترجمة مرتضى العبيدي

نحن البروليتاريون الثوريون مقتنعون بمقولة لينين أننا نعيش في عصر الإمبريالية والثورات البروليتارية. فالإمبريالية على نطاق عالمي هي العدو الرئيسي للطبقة العاملة والشعوب، وهي مبنية على الاستغلال المفرط لملايين العمال في جميع البلدان والقارات، وعلى نهب الموارد الطبيعية وتدمير الطبيعة. وهي تقوم على احتلال المساحات والمناطق والبلدان من أجل ترسيخ سيطرتها على مناطق النفوذ الاقتصادي والسياسي والاستراتيجي، بغرض استغلال الأسواق والمنافسة، وتصدير رأس المال، وتشكيل مجموعات اقتصادية وعسكرية للنزاع وتقسيم جديد للعالم. إن الإمبريالية تتأسس وتثبت بقوة السلاح، بحروب الغزو والنهب، بواسطة قوات الاحتلال وتشكيل المجموعات العميلة في البلدان التابعة. تبني الإمبريالية مواقفها على أيديولوجية رجعية، على فرضية جلب الحضارة والتنمية إلى البلدان المتخلفة، على حرية المبادرة، والتجارة الدولية الحرة والحرية الفردية، على المثالية والميتافيزيقا، وعلى ما بعد الحداثة.
وقد قضى تشكّل الاحتكارات على المنافسة بين رجال الأعمال والمصرفيين في الرأسمالية السابقة للاحتكار؛ إذ رُفعت هذه المنافسة إلى مستوى الاحتكارات بين مختلف البلدان الإمبريالية. إن أصل هذه التناقضات ينبع من الميل نحو تراكم الثروة وتركيزها الذي يميز الاحتكارات والأوليغارشية المالية. ويتم التعبير عنها في النضال الشرس من أجل الاستيلاء على مصادر الموارد البشرية والمواد الخام، في مواجهة الأسواق ومناطق النفوذ. وتتفاقم هذه التناقضات، في ظروف معينة وفي أماكن معينة، وتتسبب في مواجهات محلية، بل إنها ولدت حروبًا بين الإمبرياليات على نطاق عالمي.
لقد تجاوزت الرأسمالية التنافسية الحرة الحدود الوطنية، وأدت إلى ظهور الاحتكارات وأصبحت هذه الاحتكارات مالكة للدول التي أصبحت إمبريالية. ووفقًا للينين، فإن الخصائص الأساسية الخمس للإمبريالية هي: 1. “أدى تركيز السلطة ورأس المال إلى درجة من التطور إلى نشوء احتكارات تلعب دورًا حاسمًا في الحياة الاقتصادية؛ 2. اندماج رأس المال المصرفي مع رأس المال الصناعي وإنشاء الأوليغارشية المالية، على أساس هذا الرأسمال المالي؛ 3.إن تصدير رأس المال، على عكس تصدير البضائع، يكتسب أهمية كبيرة بشكل خاص؛ 4 تشكيل اتحادات احتكارية دولية للرأسماليين، تقسّم العالم، و 5. إنهاء تقسيم العالم بين أهم القوى الرأسمالية.
لقد أدى تطور أدوات الإنتاج، والقوى المنتجة الناتجة عما يسمى بالثورات العلمية والتقنية، والاكتشافات العلمية العظيمة، والأبعاد الجديدة للاتصالات، والهندسة الحيوية، وعلوم الكمبيوتر، والروبوتات، إلى توسيع الاحتكارات اللولبية والبلدان الإمبريالية إلى أقاصي الأرض. وهي المرحلة التي تسمى عولمة رأس المال أو العولمة.
يثني منظرو الإمبريالية على العولمة كمرحلة أعلى من النظام الرأسمالي الإمبريالي، حيث تختفي، حسب زعمهم، علاقات الهيمنة والنهب من قبل الاحتكارات، وتتأسس علاقات الترابط والتداخل بين الدول والأمم والشعوب. إن توسع رأس المال الاحتكاري من خلال تصدير رأس المال والاستثمار المباشر والائتمان الربوي، مع توليد ثروة هائلة للاحتكارات، أدى إلى تجنيد ملايين العمال في الشركات المنتشرة في عدد كبير من البلدان في جميع القارات، حيث أقامت الاحتكارات المصانع بحثًا عن العمالة الرخيصة.
تنمو الطبقة العاملة عدديًا، كما لم يحدث من قبل، في جميع البلدان. إن الاستيلاء على الثروة التي خلقها العمال هو المصدر الرئيسي لفائض القيمة والتراكم والتركيز الرأسمالي الإمبريالي. ولم تتوقف الطبقة العاملة عن أن تكون في قلب العصر، فجهودها الجسدية والروحية تولد الثروة وفائض القيمة الذي يستحوذ عليه عدد صغير من الاحتكارات متعددة الجنسيات والبلدان الإمبريالية.
من أجل الاستيلاء على الثروة التي أنشأها بلايين العمال، الذين يعملون في جميع البلدان، أنشأ النظام الرأسمالي الإمبريالي هيمنة اقتصادية وسياسية، وأخضع الطبقات الحاكمة في كل بلد، وأنشأ تحالفا بين الحكومات والاحتكارات. ويتم تأكيد الهيمنة الإمبريالية على البلدان التابعة من خلال خضوع ودعم أكثر الدوائر رجعية، ومن خلال الإكراه والابتزاز والتهديد، ومن خلال فرض الاتفاقيات والتسويات التي تحوّل الطبقات الحاكمة المحلية إلى شركاء وخدم للاحتكارات. إن الطبقات الحاكمة في البلدان التابعة هي، بشكل موضوعي، الداعم السياسي والأيديولوجي والعسكري والشرطي للهيمنة الإمبريالية.
إن الطبقة العاملة وباقي الطبقات الكادحة والنساء والشباب وشعوب البلدان التابعة هم ضحايا استغلال رأس المال الاحتكاري ورجال الأعمال والمصرفيين والبرجوازية المحلية؛ إنهم يحملون أغلال الاستغلال والاضطهاد ونهب الثروات الطبيعية ونهب الدول؛ إنهم بحاجة إلى التحرر، وهم يتوقون إليه ويحاربون من أجله. إن رايات تحرير عمال البلدان التابعة وشعوبها تواجه هيمنة الرأسمال الإمبريالي والطبقة الرأسمالية المحلية. إن الأهداف الرئيسية للثورة الاجتماعية للبروليتاريا هي التحرر الاجتماعي والوطني، وتدمير قيود عبودية الأجر، وتحرير القوى المنتجة، وكسر التبعية. هذه الأهداف العالية هي جزء من نفس البرنامج ومن نفس التنظيم، ولا يمكن تحقيقها بشكل منفصل. فمن أجل هزم الإمبريالية، فإنه من الضروري محاربة وإسقاط الطبقات الحاكمة الماسكة بالسلطة؛ ولتحقيق التحرر الاجتماعي، من الضروري إلغاء سيطرة البرجوازية الكبرى وتدمير قيود التبعية.
فحتى في البلدان الرأسمالية المتقدمة، تتواصل بشكل من الأشكال علاقات التبعية للاحتكارات وللبلدان الإمبريالية. فالطبقة العاملة والشعوب هناك تبقى مستغَلة ومضطهَدة من قبل الرأسماليين المحليين والاحتكارات الدولية. إن النضال من أجل الثورة الاجتماعية للبروليتاريا يضع في هذه البلدان وجها لوجه الطبقة العاملة مع البرجوازية المحلية والدولية والإمبريالية.
إن الطبقة العاملة في البلدان الإمبريالية مستغَلة ومضطهَدة من قبل الرأسماليين والاحتكارات الإمبريالية بغض النظر عن حقيقة استفادتها جزئياً من الثروة التي أنشأها ملايين العمال في جميع أنحاء العالم. تطرح الثورة الاجتماعية في هذه البلدان على البروليتاريا مهمة معارضة ومحاربة هذه القوى. ويناضل العمال والشيوعيون من أجل تحررهم ومن أجل الاشتراكية وضد الاحتكارات الإمبريالية التي تستغلهم وتضطهدهم بشكل مباشر ومن أجل تحطيم سيطرة هذه الاحتكارات نفسها في البلدان التابعة. لذلك يجب أن يتلاقى تنظيم ونضال الطبقة العاملة في البلدان الإمبريالية مع نضال الطبقة العاملة في البلدان التابعة، ومع نضال الشعوب من أجل التحرر الوطني
في عصرنا، وفي جميع البلدان والمناطق، لا يمكن تحقيق أهداف التحرر الاجتماعي وإلغاء العبودية المأجورة إلا من خلال الإطاحة بالطبقة الرأسمالية والتحطيم النهائي لسلاسل الهيمنة الإمبريالية.
يقول ستالين عن حق في “أسس اللينينية”:
“لقد أثبتت اللينينية ، وأثبتت الحرب الإمبريالية والثورة في روسيا ، أن المسألة القومية لا يمكن حلها إلا بالتزامن وعلى أساس الثورة البروليتارية ؛ وأن الطريق إلى انتصار الثورة في الغرب يمر عبر التحالف الثوري مع حركة تحرير المستعمرات والبلدان التابعة من الإمبريالية. فالمسألة القومية جزء من المسألة العامة للثورة البروليتارية، وجزء من مسألة دكتاتورية البروليتاريا.”
إن النظام الرأسمالي الإمبريالي هو العدو اللدود للبروليتاريا ولشعوب العالم. فالثورة البروليتارية تواجه الإمبريالية في جميع البلدان.
(يتبع)

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×