الرئيسية / الافتتاحية / القمة العربية الإسلامية بين الخداع والتآمر
القمة العربية الإسلامية بين الخداع والتآمر

القمة العربية الإسلامية بين الخداع والتآمر

أنهت قمة الـ57 دولة عربية وإسلامية أشغالها بالعاصمة السعودية “الرياض” بإصدار بيان ختامي تقيّد إلى حدود كبيرة بضوابط التقاليد المُخزية لمثل هذه الهيئات مسلوبة الإرادة أمام الإمبريالية الأمريكية والقوى الغربية وبطبيعة الحال الكيان الصهيوني.

فكلّ متابع موضوعي لذاك البيان يقف دون عناءٍ على ضحالة مضامينه السياسيّة وميوعة كلّ قرارته التي وردت في شكل مطالب وأمنيات لقوى العدوان الهمجي وحرب الإبادة الجماعية المستعرة ضدّ شعب”فلسطين” الصّامد ومقاومته الباسلة. فكلّ “القرارت” افتقرت إلى الحدّ الأدنى لسُبل تنفيذ ولو القليل منها، وسلّمت جميع آليات تفعيلها إلى الغير (مجلس الأمن، الأمم المتحدة، لجنة القدس، محكمة الجنايات الدولية…)، إمّا الموغل في دماء أطفال “غزّة” ونسائها ومدنيّيها أو المتخاذل والعاجز.
تداول الرؤساء والأمراء والسّلاطين على المصدح بقمّة “الرياض”، وتكلّم جلّهم وفق الخطوط الحمراء الموضوعة سلفا من قبل دول العدوان وأنظمة العمالة العربيّة، فكان تغْييب دور المقاومة وفعلها التْاريخي والقفز حول مسارات التطبيع وتداعياته المدّمرة، ليس فقط للمقاومة الفلسطينيّة، وإنّما مجمل حركات التّحرر الوطني عربيّا.
فالحيثيّات التّي سبقت انعقاد تلك القمّة جميعها كان يصبّ في خانة الفشل الذّريع وتدوير الزّوايا من قبل الرّجعية العربية لرفع الحرج عن سُلطاتها ومحاولة ذرّ الرماد في أعين شعوب شاخصةٍ حول بطولات الغزاويّين والغزّاويات في وجه حرب الإبادة الوحشيّة غير المسبوقة.
جاء انعقاد تلك القمّة متأخّرا قياسا بالعدوان الإجرامي على “غزّة” (بعد 35 يوما)، كما أنّ الدّمج (عربي/إسلامي) وغيرهما له كثير من الدّلالات التي تشي بالحدث إلاّ حدثا وبأنّ خواتيمه لن تخرج عن طاحونة الأمر المعتاد الذّي مجّته شعوب المنطقة ولم تعد تكلّٰف نفسها حتّى مجردّ متابعته على شاشات التلفاز أو تعليق القليل من الآمال والانتظارات عليه.
فالقمّة في ظروف العدوان الغاشم بمخرجاتها عرّت من جديد صوريّة هذه الهيئات وكشفت حقيقة الأنظمة القائمة عليها ووضعتها في مكانها الواقعي باعتبارها توابع ذليلة لقوى الهيمنة الامبرياليّة وصنيعتها دولة الاحتلال الصهيوني.
فقمة “الرياض” نفضت الغبار من جديد عن القاموس اللّغوي للرّجعيات العربيّة واستحضرت بشكل مكثّف مفرداته السمجة في البيان الختامي (ندين، نستنكر، نشجب، نطلب…) والأهمّ من ذلك أنّ الفاعلين في تلك الهيئات أقفلت كلّ أبواب استصدار قرارات فعّالة لنصرة المقاومة.
فالغالبية السّاحقة من الحضور دفعت نحو مضامين إنشائية عامّة تثير السّخرية وأدارت وجهها عن استعمال أوراق ضغطها القويّة والفعّالة من قبيل المباشرة الفعلية لكسر الحصار وفتح معبر رفح الخاضع للسّيادة المصرية أو المبادرة بطرد سفراء الكيان الصهيوني وتعليق جميع اتفاقات التطبيع وملاحقه الاقتصادية والتجارية… بالإضافة إلى التّهديد باستعمال سلاح النفط والغاز.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×