الرئيسية / الافتتاحية / هدنة وبعد؟
هدنة وبعد؟

هدنة وبعد؟

توصّلت المقاومة في غزة إلى عقد اتفاق هدنة لمدة أربعة أيام مع الكيان المعتدي. وحسب مصادر المقاومة فإن هذا الاتفاق، الذي سيبدأ تنفيذه في وقت قريب، ينصّ في الأساس على وقف إطلاق النار من الطرفين في كافة مناطق غزة وإدخال شاحنات المساعدة الإنسانية والإغاثة الطبية والوقود وإطلاق سراح 50 من محتجزي الاحتلال من النساء والأطفال مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال من أبناء الشعب الفلسطيني من سجون الاحتلال وعدم التعرّض لأحد أو اعتقال أحد وضمان حرية حركة الناس إضافة إلى وقف حركة الطيران في جنوب القطاع على مدار الأربعة أيام ولمدة 6 ساعات يوميا في شماله.

إن هذه الهدنة تأتي بشروط المقاومة التي عجزت آلة الدمار الصهيونية المدعومة مباشرة من الامبريالية الأمريكية خاصة والامبرياليات الغربية عامة، على تركيعها لمدة تتجاوز الشهر والنصف. لقد كان الاحتلال يعتقد أنه سيحسم المعركة ويقضي على المقاومة ويخضع غزة في أيام قليلة ولكنه فشل في ذلك رغم المجازر والمذابح التي ارتكبها والدمار الذي خلّفته هجماته العشوائية على المساكن والمساجد والكنائس وخاصة المستشفيات. فلا المقاومة انكسرت أو تراجعت، ولا الأهالي المتشبثون بأرضهم استسلموا لمخطط التهجير القسري. زد على ذلك الأزمة الداخلية الطاحنة للاحتلال من جهة والضغط الخارجي الذي مارسته حركات الاحتجاج والاستنكار العالمية من جهة ثانية.

إن هذه الهدنة تحتاجها غزة شعبا ومقاومة لاسترجاع الأنفاس وإعادة تنظيم الصفوف وإعداد العدة لبقية المواجهة. إن المحتلّ النّازي لا ثقة به فهو قادر على الغدر حتى خلال هذه الهدنة لذلك فإن إصبع المقاومة سيبقى على الزناد. كما أن هذا المحتل سيستغل بدوره هذه الهدنة لإعادة تنظيم صفوفه وتحديد أهدافه من جديد. فهو مهزوم من كل النواحي المعنوية والعسكرية ولا شيء في سجلّه عدا تقتيل المدنيين وفي مقدمتهم الأطفال والنساء وتدمير المباني بما فيها المستشفيات ودور العبادة وهو ما لا يعتبر نصرا بل علامة عجز وفشل ودليل همجيّة.

وإذا كانت المقاومة مدعوّة إلى التقاط الأنفاس واليقظة طوال هذه الهدنة والاستعداد للشوط الموالي من المواجهة فإن القوى المعادية للعدوان على غزة والشعب الفلسطيني في مختلف أنحاء العالم وخاصة في الوطن العربي مطالبة بألاّ تتوقف عن النشاط والعمل على وقف العدوان وحرب الإبادة. فالأربعة أيام هذه ما هي إلا توقيف مؤقت للحرب لا إنهاء لها. كما أنّ الأعمال العسكرية لن تتوقف في جبهات أخرى ومنها الجبهة اللبنانية. ولا نخال المقاومة في لبنان واليمن والعراق إلاّ مدركة لمهمتها في إسناد غزّة والشعب الفلسطيني دون هوادة حتى وقف العدوان بالكامل.

أمّا نحن في تونس، فالواجب يقتضي مواصلة الإسناد. إن مطالبنا ينبغي أن تبقى قائمة، فلا تراجع عن تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، ولا تراجع عن المطالبة بطرد السفير الأميركي وسفراء الدول الدّاعمة للعدوان عامة وعن الضغط على الدول المطبّعة كي تغلق سفارات الكيان المحتل. كما أنه من واجبنا توسيع حملة المقاطعة ضدّ الكيان الصهيوني والشركات المساندة له، ومواصلة الدعم في المستوييْن المالي والطبي (الأدوية)، كمواصلة مختلف الأنشطة السياسية والثقافية التي تهدف إلى المحافظة على التعبئة خلال أيّام الهدنة وبعدها. إن الدفاع عن غزة خاصة وعن فلسطين عامة هو دفاع عن كرامتنا وأمننا ومستقبلنا، فالمجد للمقاومة والخلود للشهداء، وإن النّصر آت لا محالة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×