الرئيسية / الافتتاحية / افتتاحية: طبول الحرب تُدقّ بالمنطقة
افتتاحية: طبول الحرب تُدقّ بالمنطقة

افتتاحية: طبول الحرب تُدقّ بالمنطقة

يسود الإعتقاد على نطاق واسع بأنّ الجزء الشرقي من الوطن العربي والإقليم عموما يعيش منذ العملية البطولية الجريئة لطوفان الأقصى على الإمكانيات الكبيرة لانفجار برميل البارود ودخول المنطقة طورا متقدّما من الصراعات الواسعة والعدوانات الشاملة التي ينفّذها كالعادة جيش الاحتلال الصهيوني بمشاركة أمريكية وغربيّة.
فالمنطقة والإقليم لإعتبارات سياسية واقتصادية وثقافية مثّلا منذ عقودٍ مسرح ساحة قلقة ومضطربة من جهة لاستمرار الإستعمار الإستيطاني – العنصري للأراضي الفلسطينية، ومن جهة أخرى لنوازع قِوى الهيمنة الخارجية التّي تدير تأمين معارك نفوذها بأساليب مختلفة تجمع طورا بين أفظع وسائل البطش والحروب المكشوفة، وطورا بطرق خفيّة فيها إمّا تأجيج الخلافات بين دول المنطقة أو تحريك ملفات الأقليّات القومية وبعض العصبيّات المذهبيّة والدّينية.
وكما يقال فرمال المنطقة دوما ساخنة ومتحركّة غير أنّها بعد هذا العدوان الهمجي على “غزّة” أضحت أكثر سخونة واضطرابا.
فمنسوب التوتّر بلغ مدايات غير مسبوقة وفتائل الأزمة تكاثرت واشتدّت تعقيداتها حتّى أنّ الكثير من متابعي الشأن القومي والإقليمي لايجدون أدنى حرجٍ في رسم سيناريوهات مستقبليّة جامعها المشترك دوّامة الصّراعات والحرب الشاملة.
فكل المؤشرات القادمة من ساحات دعم المقاومة في “غزّة” تؤكّد إصرار محور الإسناد على خوض معركته بتصميمٍ كبير وبنسق تصاعديٍّ يتغذّى من استمرار حرب الإبادة الجماعية التّي تمعن العصابات الصهيونية وشركاءها من دول الإجرام الأمريكي – الغربي في استكمال جميع فصولها دون أدنى إهتمامٍ، لا لمطالب شعوبها المنادية بوقف الحرب ولا لأبسط مبادئ القانون الدولي وقرارات هيئات وهياكل ما يعرف بالمنتظم الأممي.
“غزة” الصغيرة بمساحتها الجغرافية الكبيرة بمقاومتها الباسلة وشعبها الصّامد بعثرت جميع الأوراق وأدخلت ساحات كثيرة لميدان مواجهة العدو الصهيوني وشركاءه، تحت عنوان وحيد هو وقف العدوان الإجرامي على القطاع.
خرج لهيب نار “غزّة” منذ أيامه الأولى عن مجاله الضيّق إلى فضاء أرحب كانت بدايته الأولى يوم 8 أكتوبر عن طريق دخول “حزب الله” اللبناني ساحة الوغى ضمن قواعد اشتباكٍ مضبوطة، ولحقته فيما بعد فصائل المقاومة العراقية والقوات المسلّحة لليمن السعيد.
لقد شكّل “الجميع”، وفق إمكانياته وظروفه، محور إسناد فاعل للمقاومة الفلسطينية، والكلّ يدير فعاليّات أنشطته وفق نسقّ تصاعدي وصل ذروته مع يمن الشّجعان في “باب المندب” و”البحر الأحمر”، وكذلك نجاح المقاومة العراقية مؤخّرا في اختراق تحصينات الدّفاعات الأمريكية وقتل 3 جنود أمريكان وجرح عدد كبير تجاوز 40 عنصرا.
فالمتأمّل في تطوارت الأوضاع بالمنطقة يقف دون عناءٍ كبير على بدايات تحوّلٍ جذريٍّ في مسار هذه التوترات ينذر أوّلا باتّساع المواجهات خصوصا بالجنوب اللبناني واليمن وكذلك العراق وسوريا، وثانيا بتحوّل الوجود الأمريكي (جند، قواعد، مصالح) إلى أهداف مباشرة لسلاح المقاومة.
إنّ تدحرج الأمور نحو حرب إقليمية طاحنة أقرب من أيّ وقت مضى بالنّظر لاستمرار التقتيل الهمجي في القطاع وإمعان الولايات المتحدة الأمريكية وبعض القوى الغربيّة ليس فقط في الدّعم غير المشروط لتلك المجازر، وإنّما الإنخراط المباشر في التدمير وتنظيم العدوانات على شعوب المنطقة مثلما حدث ويحدث مع “صنعاء” أو بالعراق وسوريا.
في ذات الوقت هناك معطيات قويّة تدفع إلى بقاء تلك المواجهات، رغم حدّتها، ضمن قواعدها المضبوطة بما يحُول دون انفلاتها وتدحرجها بالنظر للتّكاليف الجسيمة التّي لا يقدر أيْ طرف على تحمّل أعباءها.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×