الرئيسية / أقلام / الانتخابات القادمة: اللغز المحيّر
الانتخابات القادمة: اللغز المحيّر

الانتخابات القادمة: اللغز المحيّر

بقلم عمار عمروسية

60بعد سنة غير مسبوقة في تعفّن الأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة وكذلك الأمنيّة ببلادنا وبعد أشهر غير مألوفة من الحراك السياسي والشعبي ضدّ اتجاه التقهقر  الخطير الذي نظّمته القوى المتنفذّة بالمجلس الوطني التأسيسي والسلطة عموما. وبعد السّحب الكثيفة وتكاثر البقاع الحالكة حول مآلات ما تبقّى في هذه المرحلة الكابوس.

بعد هذا كلّه أمكن للقوى الثورية والديمقراطية ولأوسع الطبقات والفئات الاجتماعيّة المعنيّة بالتغيير ومقاومة عودة الاستبداد إعادة فتح أبواب الأمل في تصحيح المسار الثوري والمباشرة بإنقاذ البلاد من خلال تحقيق جملة من الأهداف: أوّلها فرض رحيل حكومة “علي العريّض” والدّوس على الخط الأحمر الذي كثيرا ما تمّ ترديده ضمن معزوفة “الشرعيّة”.

وثانيها النّجاح في قلب موازين القوى القائمة داخل المجلس وتعديله بقوّة الشوارع والساحات العامة الذي انتهى إلى إقرار دستور يعكس إلى حدّ كبير تطلّعات شعب الثورة وقواه المكافحة التقدميّة بطبيعة الحال.

ومن نافلة القول أنّ الخيط الناظم لجملة هذه المكاسب والانتصارات يصبّ في خانة هدف محدّد يتّصل أوّلا وقبل كلّ شيء بتهيئة كلّ الشروط الضروريّة لإجراء الانتخابات القادمة وفق المعايير المتعارف عليها دوليا بما يضمن بصفة فعليّة شفافيّة العمليّة الانتخابيّة وديمقراطيتها ونزاهتها.

ومعلوم أنّ الأحكام الانتقاليّة المؤقتة بالدستور الجديد قد ضبطت آخر هذا العام لتحقيقها -أي الانتخابات- البرلمانيّة والرئاسيّة على حدّ السواء. واليوم وبعد مرور أكثر من شهرين من حكم “مهدي جمعة” وبقاء المجلس التأسيسي في مكانه ومباشرة أعماله بنفس الوتائر والأساليب القديمة استعادت العتمة والضبابيّة حضورهما القوي حول اتجاه تطور الأوضاع و تحديدا في ما يخص مسألة الانتخابات و الإمكانات الواقعيّة لإجرائها في موفّى هذا العام. فالتلميحات تكاثرت بإمكانية تأخيرها إلى أجل غير محدّد والأسئلة  تزايدت والآراء تضاربت بين مصرّ على ضرورة الالتزام بالموعد الدستوري وبين مرجّح لتأخيرها.

والحقيقة أنّ لهذا الغموض والاضطراب مبرّرات عديدة وأكثر من ذلك فإنّ فرضيّة القفز حول الآجال المحدّدة أقرب إلى المنطق والمعقول.

 كيف لا؟؟ والقانون الانتخابي الذي سينظّم تلك العمليّة مازال محلّ نقاش وتجاذبات حادّة في المجلس وخارجه إضافة إلى التعثّر الكبير في بعث الهيئة الوقتيّة لمراقبة دستوريّة القوانين التي يفترض أن  تسبق القانون ذاته، زيادة على مراوحة هيئة “شفيق صرصار” مكانها دون وسائل عمل وتحرّك ممّا جعله منذ مدّة يعلّق قائلا “لقد دخلنا المنطقة الحمراء” قاصدا دون لبس الإكراهات الكبيرة والكثيرة أمام التقدّم الفعلي في عمل هيأته.

فالوقائع تؤكّد أنّ حكومة “جمعة” متثاقلة حدّ الكسل في تطبيق خارطة الطريق الكفيلة حقا بضمان انتخابات حرّة ونزيهة. والوقائع تؤكّد أيضا أنّ أغلبيّة المجلس التأسيسي ماضية في العبث وإضاعة الوقت وخلط الأوراق وبعثرتها.

والعجيب أنّ العمود الفقري لتلك الأغلبيّة يعمل على إظهار نفسه من خلال التّصريحات بمظهر الحريص على الوفاء بالتعهّد الدستوري والعجيب أيضا أنّ هذه الحكومة التي لا مبرّر أصلا لوجودها وبقائها سوى التعجيل بتوفير المناخ الملائم للانتخابات ممعنة في المعالجات السطحيّة لجميع الملفات الحارقة.

وفي كلمة فإنّ الحكومة و”حركة النهضة” وحلفائها هم المسؤولون الوحيدون عن تمطيط هذه المرحلة وتعميق هذا المأزق. ونحن نعتقد أنّ الواجب يقتضي من كلّ القوى الديمقراطية التحلّي باليقظة المطلوبة  من أجل:

1- فضح جميع القوى التي تعمل على عرقلة إجراء الانتخابات في وقتها المحدّد دستوريا.

2- إعادة استنهاض القوى وتجمّعها في المجلس وخارجه للإسراع بتطبيق كلّ بنود خارطة الطريق.

3- الاستعداد لمقاومة سياسة فرض الأمر الواقع الذي تسعى إليه حركة النهضة وذلك بإجراء مهزلة انتخابيّة وفق الظروف القائمة حاليا.

4- التمسّك بالفصل بين الرئاسيّة والتشريعية ورفض تزامنهما لأنّ ذاك التزامن عادة استبداديّة وآلية لإعادة إنتاج الديكتاتورية.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×