الرئيسية / أقلام / مركز الفنون الدرامية والرّكحية بالقيروان كتاب الينابيع الأول: من الحلم تنبع الكلمة
مركز الفنون الدرامية والرّكحية بالقيروان كتاب الينابيع الأول: من الحلم تنبع الكلمة

مركز الفنون الدرامية والرّكحية بالقيروان كتاب الينابيع الأول: من الحلم تنبع الكلمة

سمير طعم الله

سمير طعم الله

الأحلام التي ليس لها أساس فكري وتنظيري تذهب مع الوقت في ثنايا الرياح، ولم يبق من التجارب الفنية عبر التاريخ إلاّ ما أُسِّس له عبر النص النقدي والقراءة المحاورة والمجادلة له، وعبر مقولات العارفين والباحثين والمنظّرين..

كذلك هو الحلم في تأسيس مركز فنون درامية والركحية بالقيروان، كان ولا زال حلما في طور التّحقق.. ناضل وكادح من اجل تحقيقه تقريبا كل مثقّفي جهة القيروان ومن غير القيروانيين أيضا من المؤمنين بالفعل الثقافي في رسم ملامح الوعي والارتقاء بالذائقة الجماعية وخط المسار الحضاري الذي يسدّ الباب أمام الفكر الذي لا يرى في الحاضر سوى استنساخ للماضي البعيد..

مركز الفنون الدرامية والركحية بالقيروان حلم يخطو خطواته الأولى في عمق الحلم، حيث عمل منذ ميلاده على إنتاج الأعمال المسرحية التي تستهدف الفئات العمرية المختلفة فكان العمل المسرحي للكهول يردفه عمل للأطفال.. وهو الآن بصدد الانجاز لعمل قد يمثّل حدثا وحديث من حيث ما راج حوله بخصوص جرأته وملامسته لمناطق محظورة من حيث المتعاقد الفكري العام ومن حيث المسكوت عنه الاجتماعي وفي عمقه سياسي وأعني مسرحية “الصابرات” لمدير مركز الفنون المسرحي حمّادي الوهايبي. كما أقرّ العزم على مواصلة مخاطبة الأطفال وإيلاء أهمية لمسرح الطّفل وفي هذا الصدد يعمل المخرج حسّان السّلامي على ضبط المراحل الأخيرة من اجل الانطلاق في إنجاز عمل هو الآخر مغامرة، خاصّة إذا علمنا أنّه يتناول أثرا فنّيا لطالما تمّ تناوله سينمائيا ومسرحيا على مستوى عالمي وأعني رائعة “إيليس في بلاد العجائب”.

لكنّ أهم إنجاز قام به مركز الفنون الدرامية والرّكحية هو مشروعه المكتوب الذّي سيؤسس لذاكرة المركز، ويحمل بذور الحلم الذّي نسعى أن يهندس وعي الأجيال القادمة. هذا المشروع هو كتاب الينابيع الأوّل الذّي جاء في عدده الأوّل في طبعة تحتوي على 260 صفحة من الحجم المتوسّط، هذا الكتاب هو جملة من البحوث والدراسات المرتبطة بالمسرح سواء مباشرة أو تلك التي تلامس حقل الإبداع والفن..

ولو أن اكتفينا بنص عزالدّين العباسي مفردا فقط لخرجنا أكثر شغفا بالبحث ونحن نتصفّح وندقق في محتويات الكتاب لما فيه من عمق بحث ومعاناة رصد وتمحيص، وجماليات أسلوب وإفادة، وهو يقتفي أثر تراجيدية المسرح الجهوي عبر تتبع خطى الفرقة الجهوية للمسرح بالكاف. يقول الأستاذ عزالدين العباسي في الصفحة 59 من الكتاب تحت عنوان “صفر التكوين” لا مفر للمبدع المسرحي من أن يلتحم بمجتمعه وأن يعيش هواجسه وإرهاصاته، وأن يستلهم مادّته الأساسية من تاريخه وأساطيره وحكاياه، بل وأكثر من ذلك أن الأشكال والأساليب تكون حتما نابعة من  مسار الحياة اليومية أو رؤية سارية للكون والوجود…”.

كتاب الينابيع الأوّل هو بذرة أولى لحلم قد يثمر أنهرا وبحارا من الإبداع والتأسيس لمشروع ثقافي حضاري يؤسس لثقافة النّبع أصل الماء، والماء أساس الحياة، “والأرض (للينابيع) مشتاقة لعلّها من درن تغسل” كما قال المعري.

بقلم الكاتب التقدمي سمير طعم الله

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×