الرئيسية / صوت الوطن / في ندوة صحفيّة بمناسبة الذّكرى الرابعة لاغتيال الشهيد محمّد البراهمي: اغتيال الشهيد البراهمي، مثلها مثل قضية بلعيد، هي جريمة دولة
في ندوة صحفيّة بمناسبة الذّكرى الرابعة لاغتيال الشهيد محمّد البراهمي: اغتيال الشهيد البراهمي، مثلها مثل قضية بلعيد، هي جريمة دولة

في ندوة صحفيّة بمناسبة الذّكرى الرابعة لاغتيال الشهيد محمّد البراهمي: اغتيال الشهيد البراهمي، مثلها مثل قضية بلعيد، هي جريمة دولة

التّحالف القائم يقف حجر عثرة أمام كشف حقيقة الاغتيالات

تفكيك ملف القضيّة هي تقنية قانونية قديمة غايتها تعويم الحقيقة

عقد التيّار الشعبي والجبهة الشعبيّة ومؤسّسة الشهيد محمّد البراهمي وفريق الدّفاع ندوة صحفيّة يوم الأربعاء 19 جويلية الجاري لتقديم ما وصلت إليه قضيّة الاغتيال الغادر وطرح برنامج إحياء الذّكرى الرابعة لاستشهاد الحاج محمّد البراهمي. وقد واكبت صوت الشعب النّدوة وتقدّم فحواها عبر أعمدتها.

استهلّ رئيس التيار الشعبي والقيادي بالجبهة الشعبية زهير حمدي تقديم النّدوة بالتطرّق إلى شعار الذّكرى “دمك أمانة وذكراك مقاومة”، مؤكّدا أنّه مادام مسار القضية يراوح مكانه، فسنظل نتمسك بهذا الشعار إلى أن نعرف الحقيقة كاملة، حيث لا جديد في مسار كشف الحقيقة. لماذا؟ يجيب حمدي: الجواب بسيط، لأن الوضع السياسي مازال محكوم بنفس التوازنات وإن تراءت لنا بعض التغيّرات، أو مع بعض انفتاح منظومة الترويكا على طرف سياسي آخر نحن نعتبره هو أيضا شريكا في كلّ ما يحصل وفي طمس الحقيقة وفي الالتفاف عليها، رغم كل الوعود التي قدّمها.

كلّ الحقائق التي ظهرت في علاقة بالملف إمّا كنت صدفة أو من أطراف خارج منظومة السّلطة، وأهمّ هذه الوثائق والأدلّة هي وثيقة الاستخبارات الأمريكية التي لم يكشفها الفريق الحاكم، نظرا لغياب إرادة سياسيّة حقيقيّة وبالنّظر لما قد ينجرّ عن كشف الحقيقة من ارتدادات على المشهد والتوازنات السياسيّة الحالية.

وأشار عضو المجلس المركزي أنّ الترويكا قد خلقت مناخا سياسيّا انتعشت فيه العناصر الإرهابيّة وشبكات التسفير، وفرّخوا مجموعات متطرّفة منها من بقي في تونس ونفّذ عمليات إرهابية ومنها من ذهب إلى بؤر التوتّر والقتال في ليبيا وسوريا والعراق ثمّ عاد ونفّذ ما نفّذ. فهل من المعقول أن يأذن وزير عدل لإرهابي بأن يؤطّر المساجين داخل السّجون التونسية ثمّ نأمل أن لا يكون هناك إرهابيين؟ كلّنا علمنا بوجود قرار من وزير العدل وقتها في سنة 2012 يأذن بمقتضاه إلى “الشيخ” بشير بن حسين “بزيارة كل السّجون التونسية دون ترخيص مسبق وذلك لتقديم دروس توعويّة وعلى السّادة المدير العام للسجون والإصلاح ومديري الوحدات السجنية والإصلاحيّة تسهيل مهمّة هذا الأخير”. بل أكثر من هذا فإن المدير العام للسجون يأذن بأن يزور الدّعاة السجون ويلتقوا بمن هم بين سن 20 و24 وبعد فترة من الإعداد والتّوعية ترسل فيهم قائمات إلى رئيس الجمهوريّة لمنحهم العفو العام وتُمضى من طرفه في شكل أوامر وتتكفّل جمعيات حقوقيّة، وهي معروفة وتنشط إلى اليوم، بتأمين تنقّلهم وترحيلهم إلى منطقة درنة في ليبيا ثمّ منها إلى تركيا فسوريا أو العراق. وهذا ما يؤكّد لدينا أنّ الإرهاب في تونس كان سياسة رسميّة من طرف الحكومة.

وأضاف حمدي أنه من باب الوفاء أن يلتزم رئيس الدولة بتعهّداته الانتخابيّة بالكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسيّة. ولكنه بتحالفه مع المنظومة التي سبقته أصبح “التزامه” مجرّد حبرا على ورق. واعتبر أنه بحكم تقاطع المصالح بين الائتلاف الحاكم والتزام عدم فتح جرائم 2012 و2013 مقابل السّماح بإعادة رسكلة منظومة النّظام السابق وإعادة دمجه في الحياة السياسيّة، فإنه سينجم عنه تواطئ في حجب الحقيقة وطمسها. وهذه هي الصفقة التي بمقتضاها يسعون لقبر ملف الاغتيال.

أمّا الناطق الرّسمي باسم الجبهة الشعبية حمه الهمّامي فقد أكّد في مداخلته أنّ الظروف التي جرت فيها عملية اغتيال الشهيد البراهمي هي تقريبا نفس الظروف التي استشهد فيها شكري بلعيد، هي ظروف الثورة المضادّة وانقلاب على ثورة الشعب التونسي على يد قوى رجعيّة بقيادة حركة النهضة، لإقامة دولة استبدادية بعناوين دينيّة إخوانيّة. ومن هذا المنطلق كانت تلك الهجمة الشّرسة من داخل السلطة وأيضا قاعديّا، على الشعب التونسي وعلى القوى السياسيّة والمدنيّة والاجتماعيّة التي تقف في وجه ذلك الانقلاب، والجبهة الشعبية كانت القوّة السياسيّة الأولى المستهدفة لأنّها قوة معارضة ثورية. فاغتيل زعيمين وطنيّين، الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي من طرف عناصر إرهابيّة، واغتيل مناضلين جهويّين محمد بالمفتي والشاب مجدي العجلاني من طرف الأمن. إذن فهي مستهدفة ولم تكن الاغتيالات مجرّد عملا معزولا.

كما استهدف الانقلاب على الثورة الاتحاد العام التونسي للشغل وعدّة قوى من المجتمع المدني إعلاميين ومثقّفين ومبدعين ونساء تونس، واستهدف الحراك الاجتماعي والنضال الشعبي في سليانة ومنزل بوزيان واستهدف الأمنيين والعسكريين. إذن فهذا الانقلاب استهدف سياسيّا الجبهة الشعبية من أجل ضرب المعارضة السياسية، والأمنيّين من أجل تفكيك الدّولة، ولا يجب أن ننسى المقولة الشهيرة لزعيم الحركة “الجيش موش مضمون والأمن موش مضمون”… وبفضل نضال الشعب التونسي وقواه الحيّة من ديمقراطيين وتقدّميين ونقابيّين ومثقّفين وإعلاميّين تمكّنا من تحجيم وإفشال، ولو نسبيّا، ذلك المخطّط، وكانت ضريبته باهظة، استشهاد قيادات بالجبهة الشعبية.

وأشار الهمامي إلى أنّ الإرهاب كان سياسة دولة، يعني أن مؤسّسات الدولة والمشرفين عليها كانوا ينشرون ثقافة الإرهاب ويفتحون الفضاءات المختلفة لنشر ثقافة الإرهاب، ومثال ذلك ما قام به وزير العدل البحيري بفتح أبواب السجون أمام شيوخ الفتنة والتطرّف، وقد أكّدت وزارة الداخلية وكذلك عديد الأمنيين أنّ عدد كبير من المنتمين إلى هذا التيّار المجرم هم من أصحاب السّوابق ولهم عدّة قضايا في سجلّهم (سرقة، اغتصاب، مخدرات…).. وأودّ أن أذكر أنّ هناك أحد الشيوخ المعروفين كان يزور السّجون ويقول أنّه من يحفظ ستون حزبا فله الأولويّة في التمتّع بالعفو. فماذا سيفعل هذا “المتمتّع” بالعفو، إن لم يكن مباشرة أعمال الإرهاب في تونس أو يقع تسفيره.

وذكّر حمه الهمامي أنّ حاكم التحقيق بشير العكرمي الذي بذمّته قضايا جزائيّة مرفوعة ضدّه تمّت مكافأته بالترقية، من حاكم تحقيق بالمكتب عدد 13 إلى وكيل جمهوريّة. فهل سينظر وكيل الجمهوريّة هذا في القضايا المرفوعة ضدّه؟ لا أظن ذلك. ومن هنا يتأكّد ما ذهبنا إليه من أنّ قضيّة الاغتيال هي جريمة دولة بأتمّ معنى الكلمة. وفي هذا المستوى، فإنّ حلّ مثل هذه الملفّات لن يتم إلاّ عبر التّعبئة السّياسيّة والشعبية والمدنيّة، وهذه أيضا مسؤولية القوى الديمقراطية والتقدّمية والقوى الحيّة والإعلاميّين الشرفاء في تونس للضّغط من أجل كشف الحقيقة حتّى لا يبقى الجناة فالتون من العقاب وحتّى لا تتكرّر مثل هذه الجريمة. ونحن لا نحيي هذه الذكرى لمجرّد تذكّر خصال الشهيد وإنّما من أجل التعبئة. فنحن لا نعتبرها قضية التيار الشعبي أو الجبهة الشعبيّة فقط، بل هي قضيّة كل الشعب التونسي وكلّ شرفاء هذا البلد..

في ما يخصّ الوضع العام الرّاهن، عدّد الهمّامي جملة من السّمات، فالأزمة مازالت متواصلة بل وتفاقمت، ونحن بصدد الابتعاد عن أهداف الثورة، والثورة المضادّة تلتهم باستمرار المكاسب التي نالها الشعب التونسي، قوى العهد القديم تعود بقوّة وأساسا من خلال نداء تونس أو الشقّ المنتصر داخله. وقد صرّح أحد التجمعيّين “أنا راجع باش ننتقمْ”، وبالفعل، ليس أفظع من ثورة تفشل، فالثورة المضادّة تعود لتنتقم من الشّعب ومن الثوريّين، وهم الآن بصدد تنفيذ انتقامهم عبر مؤسّسات الدّولة وعبر الإعلام وبكل الوسائل الخسيسة من شتم وسبّ وتشويه.

وفي خصوص الوضع الاقتصادي، هناك تأزّم مطّرد. والجبهة قد صرّحت بكل وضوح أنّ حكومة الوحدة الوطنيّة جاءت لتنفّذ إملاءات صندوق النقد الدّولي، وقد تسارعت وتائر بيع البلاد والتفريط في المقدّرات والثروات. أضف على ذلك، ألم يقولوا أنّ نسبة النموّ سترتفع وأنّ البطالة ستتقلّص؟ على العكس من ذلك ازدادت نسب الفقر والبؤس والبطالة، وازداد الالتفاف على الحريات. وإنّي أقولها بصوت مرتفع لكل الإعلاميات والإعلامييّن: احذروا، فهم بصدد الهجوم على المؤسّسات الإعلاميّة من أجل السيطرة عليها ومن أجل تكميم الأفواه، وقد عادت ظاهرة التنصّت على المكالمات مثلما كان الشّأن زمن بن علي.

ركّز السيّد محمد سعد رئيس مؤسّسة الشهيد محمد البراهمي على اللقاء الذي جمعهم مؤخّرا برئيس الدّولة، فذكر أنّ الحديث حول مرور أربع سنوات على الاغتيال وتعاقبت الحكومات، وأنّه تعهّد تعهّدا تاريخيّا بكشف الحقيقة ولكن تمرّ الذكرى الرابعة والقتلة مازالوا يمرحون. وقلنا لرئيس الدّولة إن كان هذا معقولا أو مقبولا وهل نسمّي هذا تقصيرا أم عجزا أم غياب إرادة؟ فأجاب بأنّه عند تعهّده وأنّ أجهزة الدّولة مسخّرة للكشف عن الحقيقة. وطبعا نحن نعتبر أنّ ذلك لم يكن كافيا لأنّ اغتيال مواطن في تونس هو محاولة لاغتيال شعب كامل. فالاغتيال هي محاولة لإهانة شعب كامل واعتداء على الدولة بأجهزتها المختلفة. واستنتجنا ما يلي: إنّ خطر الإرهاب بالفعل مثلما تقدّم قائم وخطر الاغتيال قائم ومستمر طالما أنه لم يتمّ الكشف عن الجناة. وهنا أيضا أصبحت قضيّة قوى حيّة ومجتمع مدني وإعلام وقوى ديمقراطية تدافع عن نفسها وتتحصّن من هذا الخطر القائم ومن هذا الغول.

وأضاف سعد أنّ الحديث عن مواجهة الإرهاب ليس فيه كثير من المصداقية إذا لم نكشف الإرهابيّين الذين نفّذوا جرائم الاغتيال. فلا يمكن أن ندّعي أننا نحارب مجرما ومجرم آخر موجود ولا نكشف عنه. فالإرهاب إمّا أن يكون مواجهة شاملة أو لا يكون، وهو مثل الفساد يكون شاملا أو لا يكون.

فيما يتعلق بإحياء الذكرى الرابعة، بدأت بعقد اجتماع في باجة بحضور عضو مجلس النواب مباركة عواينية البراهمي وعضو المجلس المركزي للجبهة الشعبية زهيّر حمدي.

ثمّ نعقد ندوة دوليّة هامّة بعنوان “راهن المغرب العربي ورهانات الاستقراء والبناء” يوم الجمعة 21 والسبت 22 جويلية الجاري بنزل أفريكا –العاصمة.

وفي صفاقس ينتظم اجتماع شعبي بشارع الهادي شاكر مع الساعة السادسة مساء بحضور الناطق الرسمي الرفيق حمه الهمامي وأعضاء من المجلس المركزي وعضو مجلس النواب مباركة عواينية.

واعتقادا منّا بوجود علاقة وطيدة بين الإرهاب والتهريب والفساد، ستعقد مؤسّسة الشهيد محمد البراهمي ندوة بعنوان “مكافحة الفساد في تونس: تجارب ورهانات” وذلك يوم الاثنين 24 جويلية بنزل أفريكا.

ويتواصل البرنامج بزيارة لمقبرة الجلاّز وتجمّع بروضة الزّعماء صباح يوم الثلاثاء 25 جويلية بداية من الثامنة صباحا. ثمّ ينظّم مركز البراهمي للسلم والتضامن عشيّة الثلاثاء (الخامسة مساء) حفلا فنيا ملتزما يؤثّثه الفنّان السوري عبد الله مريش وفرقة البحث الموسيقي وفرقة جفرا للدبكة الفلسطينية. وتنتظم في قفصة من نفس اليوم ندوة حول “الاغتيال السياسي ومآل ملفّات الشهداء” بداية من الساعة العاشرة صباحا بقاعة زهراء بحضور الأستاذين زبير الوحيشي وعمر السعداوي.

ومن الغد، بقفصة أيضا، اجتماع شعبي بحضور الناطق الرّسمي وأعضاء من المجلس المركزي بساحة الفنون بداية من الساعة السابعة مساء.

ونختم الذّكرى بتنظيم ندوة “الإحاطة النفسيّة والاجتماعيّة بضحايا العمليات الإرهابية” بنزل أفريكا صباح السبت 29 جويلية من تنظيم مركز محمد البراهمي.

وعن هيئة الدّفاع تدخّل المحامي عمر السعداوي مبرزا أنّ القضاء في تونس لم يتخلّص من الضوابط التي كانت تحكمه زمن بن علي، فرغم القوانين الجديدة ودستور 2014، إلاّ أنّ الماسكين بالشّأن السياسي يبقون القضاء محكوما بقانون 1967، الذي صدر في عهد الحبيب بورقيبة وتواصل مع بن علي. وبالتالي الحديث عن الاستقلالية هو من باب الشعارات فقط.

بخصوص ملف الشهيد البراهمي لا يختلف كثيرا من حيث ماهيّته القانونية عن ملفات الاغتيالات السياسية. هذا الملف عرف تشتيتا عن قصد، وظّفت فيه الإدارة السياسية تقنيات قانونية لتغييب الحقيقة. كيف تتمّ مثل هذه العمليات؟ تمّ أوّلا استعمال آلية قانونية موجودة، وهي مهجورة تقريبا في القانون التونسي ونادر تطبيقها، وهي تقنية تفكيك الملفات. في ملف البراهمي لدينا خمس قضايا منشورة لدى المحاكم، فيها من حوكم وفيها من هو محلّ نظر قضائي إلى حدّ الآن. التقنية هذه أدّت إلى تشتيت الحقيقة وإفراد كلّ مجموعة من المتّهمين بتتبّعات خاصة بشكل تصبح الوقائع بحدّ ذاتها مجزّأة. كلّ مجموعة من المتّهمين نُسب إليها وقائع معيّنة دون أن يتمّ ربط جملة هذه الوقائع ببعضها البعض، ممّا يؤدّي إلى أنّ الحقيقة تصبح مجزّأة ولا نقدر على فهم جملة ما حصل بالضبط. وهذا أثّر على مصلحة الملف لأنّ الأمر أدّى إلى وجود قضايا نظر فيها القضاء، يتعلق بجهة كانت هي الداعمة اللوجستية والمساند لتنفيذ العملية، فتمّ إفرادهم بتتبّعات على حدة. وتمّ الحكم في هذه القضية دون أن يكون القائمين بالحق الشخصي والقوى التقدمية التي تنوب في القضية طرف في هذه الملفات. حاليا هناك قضية منشورة لدى الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس مؤجلة إلى شهر أكتوبر، هناك ملف تحقيقي مازال متعهّد به السيد حاكم التحقيق بالمكتب 12. وهناك قضية تمّ البت فيها يوم 13 جويلية الجاري في دائرة الاتهام. وعندما ندخل في النتائج المترتبة عن هذه القضايا المنشورة تتجلّى محاولة عدم توضيح الرؤية والسعي الحثيث لوأد هذا الملف وإغراق الحقيقة في مجموعة من الأفعال المتناثرة هنا وهناك. فيما يتعلق بالملف الجنائي المؤجل إلى يوم 2 أكتوبر، المحكمة استجابت فيه إلى طلبات هيئة الدفاع. ونحن نعتبرها خطوة إيجابية لأنها تساعد على تدارك ما فات من نقائص في عملية البحث والتحقيق في ملف الاغتيال. المحكمة أذنت وهو محمول على النيابة العمومية بتجميع كل الملفات التي لها علاقة بملف الشهيد وإضافتها إلى الملف المنشور حاليا أمام الدائرة ليصبح ورقة من ورقات القضية وهذا سيمكّننا من تفادي آلية التفكيك التي وقعت سابقا وإرجاع الملفات صلب ملف واحد.

وبخصوص الملف الثاني المنشور امام قاضي التحقيق مكتب 12 إلى حد الآن يراوح مكانه، لم يقع فيه أيّ تقدّم بعد ستّة أشهر وهو ناتج عن أسباب فنية وأخرى وراءها إرادة سياسية. السيد قاضي التحقيق يعلّل عدم تقدّم هذا الملف بعدم ورود أجوبة من السلط الأمنية والاستخباراتية الأمريكية حول الوثيقة الاستخباراتية. وكان يمكن تجاوز هذا وتفعيله أكثر لو توفّرت إرادة سياسية في مطالبة السلط الأمريكية بتقديم توضيحات أكثر حول الوثيقة المعنية.

وبالنسبة إلى الملف الذي تمّ النّظر فيه في جلسة يوم 13 جويلية 2017 فقد أكّد السعداوي أنّ هذا الملف ما يؤكّد الإرادة السياسية في تكريس الإفلات من العقاب ويتعلق بالحكم على عبد الكريم العبيدي الذي تمّت إحالته في مناسبة أولى من قبل قاضي التحقيق على أساس الانتماء إلى تنظيم إرهابي والمشاركة في جملة من الأعمال الإرهابية. فرأت دائرة الاتهام أن تستكمل الإجراءات وأرجأت الملف من جديد إلى السيد قاضي التحقيق للقيام بأعمال تكميلية، وتولّى هذا الأخير الأعمال المطلوبة فيه وأعاد توجيه نفس التهمة الأولى، إلاّ أنّ دائرة الاتهام يوم 13 جويلية الجاري تراءى لها حفظ هذه التهمة في حقّ العبيدي. هذا الملف تمّ حفظه إلاّ أنه ليس حفظا نهائيّا ولا قانونيا لأنّ الإجراءات ستتواصل، وهيئة الدفاع تعتزم القيام بجميع الأعمال القانونية التي تراها ضرورية لمواصلة تتبّع عبد الكريم العبيدي، ولدينا الإمكانيات القانونية متاحة لمواصلة تتبّع هذا المتهم حتى وإن قضت دائرة الاتهام بحفظ التهمة في حقه، بل نحن نعتبره من الأشخاص الموجّه إليهم الاتهام بصورة جدية نظرا إلى حجم وقيمة القرائن المطروحة في هذا الملف.

وأضاف محامي الدّفاع بخصوص بقية الملفات أنّه تمّ الحكم بالسجن على بعض الفاعلين أو المشاركين والبقية مازالت إلى حدّ الآن تراوح مكانها. وهذا ما يعيدني إلى الخلاصة التي انتهى إليها حمه الهمامي بأنّ المسألة ليست تقنية وقانونية فقط. فالقوى السياسية حين تكون مصمّمة على هدف معيّن توظّف تلك التقنيات والمعطيات القانونية للوصول إلى غايات محدّدة، وهو ما توصّلنا إليه حاليّا في صورة ملف الشهيد البراهمي، صورة تتّسم بالضبابية وبتشرذم المعطيات فتغيب الحقيقة. إلاّ أنّ هذا لن يتواصل كثيرا حتّى وإن كانت الإرادة السياسية تسعى إلى طمس الحقيقة. فإنّه بتجميع المعطيات وبضمّ الملفات إلى بعضها البعض أمام الدّائرة الجنائية ستتوضّح الصّورة بأكثر جلاء. ومن هذا المنطلق ستكون الإجراءات أكثر دقة وأكثر صرامة. ما وصلنا إليه إلى حدّ الآن هو وضع غير مقبول ويسيء إلى مرفق القضاء وإلى العدالة وينبئ أنّ المعركة ستكون متواصلة

شريف خرايفي   

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×