الرئيسية / أقلام / لكم حساباتكم ولنا نضالنا ووطن..
لكم حساباتكم ولنا نضالنا ووطن..

لكم حساباتكم ولنا نضالنا ووطن..

chommeur10012014دسترة اللاّحقّ في الشغل

“شغل حرية كرامة وطنية” و”التشغيل استحقاق يا عصابة السراق” شعارات رفعت ومازالت إلى الآن تُرفع من قِبَل المعطّلين الذين كانوا ومازالوا العمود الفقري للثورة ولمسارها. شعارات تمّ السطو عليها وتحريفها ولم يكتب لها أن تتعدّى حدود التوطئة في “دستور الثورة”.

هذا الدستور جاء في 149 فصلا مقسّما إلى 10 أبواب، نجد فيه جملة يتيمة تتعلق “بالحق في العمل” صلب الفصل 40 من باب الحقوق والحريات: “العمل حق لكل مواطن ومواطنة. وتتخذ الدولة التدابير الضرورية لضمانه على أساس الكفاءة والإنصاف. ولكل مواطن ومواطنة الحقّ في العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل”.

بالنسبة للجزء الثاني من هذا الفصل فهو لا يعني المعطّلين في شيء.

أمّا الجزء الأول وهو محور حديثنا فلم يأت بجديد البتّة وينطوي على تناقض صارخ وكأنّ هذا الفصل صيغ على القياس ومُرّر على عجل، طبعا قياس من يظنّ أنه الحاكم ولو بعد برهة.

نقول ذلك والجميع يعلم أنّ من اقترحه هي كتلة حركة النهضة وتوابعها حتى أنه تمّ رفض تعديل هذا الفصل من قبل 64 نائبا منهم 55 من كتلة حركة النهضة مقابل 62 صوّتوا مع التعديل واحتفظ 40 بأصواتهم مع تسجيل غياب بقية النواب وكان مقترح التعديل كالآتي: “لكل مواطن الحقّ في العمل في ظروف لائقة وتتخذ الدولة التدابير الضرورية لضمانه على أساس تكافؤ الفرص”.

نجد الجملة الأولى في الفصل 40 أي “العمل حقّ لكل مواطن ومواطنة” في توطئة دستور 1959 وإن بصيغة أخرى وهي “… حق ّالمواطنين في العمل والصحة والتعليم” ممّا يعني أنّها انتقلت من توطئة دستور 1959 إلى الفصل 40 من الدستور الجديد.

ثم إنّ هذا الفصل لم يضف شيئا من الناحية القانونية للمعطلين على اعتبار أنّ ” المعاهدات الموافق عليها من قبل المجلس النيابي والمصادق عليها أعلى من القوانين وأدنى من الدستور” حسب الفصل 20.

إذ نجد في المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان والمصادق عليه من قبل الدولة التونسية أنّ: ” لكلّ شخص الحق في العمل، وفي حرية اختيار عمله وفي شروط عمل عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة”

كذلك في الجزء الثالث من المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمصادق عليه أيضا من الدولة التونسية نجد “تعترف الأطراف في هذا العهد بالحقّ في العمل، الذي يشمل ما لكلّ شخص من حقّ في أن تُتاح له إمكانيّة كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرّيّة وتقوم باتّخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحقّ”

وكأنّ المشرّع بهذا الفصل 40 يحاول محاكاة المعاهدتين وليته ما فعل لأنّ النّصّ حقّا ضعيف للغاية مقارنة بالنّصّين حيث أنّ المعاهدتين تلزمان الدّول الأطراف بحماية مواطنيها من البطالة واتخاذ تدابير مناسبة لصون الحقّ في العمل.

أمّا الجملة الثانية من الفصل 40 وهي: “وتتّخذ الدولة التّدابير الضرورية لضمانه على أساس الكفاءة والإنصاف” فهي استنساخ واضح لجزء من المادة 6 من العهد الدولي المذكور أعلاه لكنها مشروطة بالكفاءة وهنا نتساءل: لماذا يُقرن حقّ العمل بشرط الكفاءة؟ ومن يحدّد هذه الكفاءة؟ وكيف؟ وهل يمكن “لغير الكفء” التمتع بهذا الحق؟

أمّا السؤال الأهم فهو ما الذي يترتّب عن إخلال الدولة أو عدم احترامها لهذا الحق؟

فقد أجابنا رئيس الحكومة السابق علي العريض ووزيره المستقيل منذ أشهر سالم الأبيض على هاته الأسئلة بإعادة مناظرة الكاباس، مناظرة الإقصاء وتصفية الخصوم السياسيّين…

المسكوت عنه:

لم يذكر الفصل 40 ولا بقية الفصول ماهي التزامات الدولة تجاه المعطّلين في فترة البطالة حيث لا وجود لمنحة بطالة ولا حقّ في التنقّل ولا الصحّة المجانيّين، مع العلم وأنّ اتحاد أصحاب الشهادات المعطّلين عن العمل راسل المجلس التأسيسي واتصل بالعديد من النواب وشرح مطالب المعطّلين لكن يبدو أنّ هذه القضيّة لا تعنيهم في شيء بدليل غياب 51 نائبا عن جلسة تعديل الفصل 40، رغم استماتة النّائب “الجبهوي” منجي الرحوي في طلب التعديل، بل نجد في الفصل 38  إقصاء واضحا للمعطّلين من منظومة العلاج المجانية حيث: “تضمن الدولة العلاج المجاني لفاقدي السند، ولذوي الدخل المحدود”.

لن يكلّفنا النضال أكثر ممّا كلّفنا الصمت

يمكن اعتبار الفصل 40 مجرّدا وغير واقعي بل ولا يخرج عن إطار الالتزام بالمعاهدات الدولية وسيساهم أكثر من ذي قبل في تنصّل الدولة من التزاماتها تجاه المعطّلين بل فلنقل بأنه سيمكّن من خلق حالة من الضبابية تمكّن الدولة من التّلاعب بهذا الملف كيفما شاءت. لا يمكن إذن للمعطّلين أن يبقوا مكتوفي الأيدي وأحلامهم تتبخّر على يد من أوصلهم إلى الحكم، فالتفّوا على ثورتهم وخانوهم وخانوا الشهداء لذلك نقول لن يكلّفنا النضال أكثر ممّا كلّفنا الصمت.

شغل حريّة كرامة وطنية

لا معنى إذا لحرّيّة دون شغل. فإن أثنى “الداخل والخارج” على الحريّات المكفولة في هذا الدستور فإننا نقول بأنها لا معنى لها دون حقّنا في الشغل…لكم دستوركم ولنا وطن.

ملاحظة أخيرة يبدو أنّ الفصل 44 انصفنا ولو بعض الشيء: “الحق في الماء مضمون”

                                                                                                                                                        زياد الراجحي

                  عضو مكتب وطني في اتحاد اصحاب الشهادات  المعطلين عن العمل       

                                                                                                                                                                                           

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×