الرئيسية / أقلام / أزمة “شمس آف آم” وسياسة الأرض المحروقة
أزمة “شمس آف آم” وسياسة الأرض المحروقة

أزمة “شمس آف آم” وسياسة الأرض المحروقة

شنّ صحفيّو وأعوان إذاعة “شمس آف آم” المصادرة إضرابا عن العمل يوم 3 ماي الجاري بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة بعد فشل المفاوضات التي انعقدت بين النقابة الأساسية والاتحاد الجهوي للشغل بتونس والنقابة العامة للإعلام من جهة وممثلين عن الإدارة من جهة ثانية.

وجاء الإضراب على خلفية عدم استجابة الحكومة إلى اللاّئحة المهنية الصادرة بتاريخ 26 فيفري 2016 والتي طالب فيها العاملون بالإذاعة النظر في وضعية المؤسسة عبر تشريك الطرف النقابي في صياغة كراس الشروط المزمع إنجازها للتفويت في المؤسسة
وتسوية الوضعيات المهنية لبعض الأعوان والنظر العاجل في منحة الإنتاج للعاملين وإحداث اتفاقية مؤسسة، إضافة إلى النظر في كيفية خلاص الأعمال الليلية وتعميم منحة الصحافة.

 الحبيب جرجير: إضراب اضطراري

الإضراب تخللته ندوة صحفية قدمت فيها الأطراف النقابية المتمثلة في الاتحاد الجهوي للشغل بتونس والنقابة الأساسية لشمس آف آم والنقابة العامة للإعلام بحضور النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ومساندة عدد كبير من الصحفيين الذين جاؤوا دعما  لزملائهم في “شمس آف آم”.

الإضراب كان اضطراريا حسب  كل من “الحبيب جرجير” عضو الاتحاد الجهوي للشغل بتونس و”نفيسة حسني” الكاتبة العامة للنقابة الأساسية بالمؤسسة، فحتى الجلسة التي سبقت الإضراب بيوم لم تحمل أيّ جديد ولم تكن جدية حيث لم يتمكن الطرف النقابي من “تأجيل الإضراب من أجل إعطاء فرصة أخرى للحوار الذي عرقلته استهانة الطرف الحكومي بالمطالب وبمصير المؤسسة” على حد تعبير الحبيب جرجير.

 

خولة السليتي: سليم شاكر يتحمّل المسؤوليّة

ولم تسجّل جميع النقاط المطروحة في اللاّئحة المهنية أيّ تقدّم، ممّا جعل الجلسة فاشلة وتنبّأ بتصعيد جديد بسبب “تخاذل واستقالة الحكومة الحالية من كلّ ما يخصّ ملف شمس الذي بقي تركة تناستها الحكومات الانتقالية المتعاقبة بحجة عدم امتلاكها صلاحيات البت في أمرها” حسبما صرحت به الصحفية وعضوة النقابة الأساسية لشمس “خولة السليتي” لصوت الشعب.

كما حمّلت خولة الحكومة الحالية وعلى رأسها وزير المالية ورئيس لجنة التصرف في الأملاك المصادرة “سليم شاكر” مسؤولية الأزمة قائلة إنّ الدولة تملك 70 بالمائة من المؤسسة ولم تحرّك ساكنا لتغيير الوضعية الحالية، في حين ينظر “سليم شاكر” إلى “شمس آف آم” كرقم بنيّة وحيدة وهي التفويت فيها. وأضافت “خولة السليتي”: “في ظل الحديث الذي تروّجونه حول الوضعية الصعبة التي تعيشها شمس والتي تجعل الاستجابة إلى المطالب غير ممكنة ماذا فعلتم في المقابل لتحسين هذا الوضع؟”.

 سليم شاكر يؤزّم الأمور من جديد

وزير المالية “سليم شاكر” زاد في تأزيم الأمور عشية يوم الإضراب إثر تصريح لعدد من وسائل الإعلام في مجلس نواب الشعب بأنّ الوزارة استجابت إلى مطلب العاملين في إذاعة شمس المتمثل في العودة إلى القطاع الخاص.

تصريح استنكرته النقابة الأساسية في بيان صادر في نفس اليوم قالت فيه إنه “لم يسبق للعاملين بالمؤسسة أن عبّروا عن هذا الطلب للسيد وزير المالية لا شفاهيا ولا كتابيا، بل على العكس فوجئنا كغيرنا بإعلانه نيّة التفويت في إذاعة شمس هذه السنة”.
وردّ البيان على قول الوزير إنّ “أبواب الوزارة مفتوحة لكلّ من له إشكال” بأنّ الأعوان قد خاضوا تحركات نضالية سبقت  الإضراب مع مراسلة الوزير في كلّ تحرّك، ومع ذلك تواصل تجاهل وزارة المالية والسلطة السياسية لكل تحركاتهم وآخرها عدم حضور أيّ طرف ممثل عن الحكومة في الجلسة الصلحية التي سبقت الإضراب بيوم، كما استنكر البيان ما أسماه “مغالطة وزير المالية للرأي العام” وتجاهل بقية المطالب المتعلقة بحقوق العاملين في شمس.

 ناجي البغوري: شمس مؤسّسة تتربّص بها رأس المال الفاسد

ناجي البغوري رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين قال خلال الندوة الصحفية إنّ الدفاع عن إذاعة شمس آف آم مسؤولية جميع الهياكل النقابية، مبيّنا أنّ التفويت في هذه المرة ليس معنيّا بمعمل للصناعات الغذائية ولكنه تفويت في مؤسسة إعلامية قادرة على التأثير على  الرأي العام وتغيير الوضع السياسي “تسقط حكومات وترفع أخرى”، وهو ما يجعل من رأس المال الفاسد الذي استشرى في قطاع الإعلام يراها غنيمة يتربص بها، مؤكّدا على ضرورة  أن لا يمرّ هذا التفويت دون موافقة من أبناء المؤسسة، محمّلا وزير المالية مسؤولية ما يحدث.

 أزمة مفتعلة لتسهيل التّفويت؟

أجمع الحاضرون يوم الإضراب أنّ حرية الصحافة لا تقتصر فقط على حرية الكلمة، بل إنّ المسّ من الوضع الاجتماعي للصحفي يؤثّر بشكل مباشر على حريته وأنّ ما يحدث في “شمس آف آم”  يمسّ أيّ مشتغل بهذا القطاع.

أمّا الحكومة فتعلّل قرار التفويت في “شمس” بالوضعية المادية الصعبة، وفي سؤالنا لخولة السليتي حول هذه النقطة فقد قالت إنّ “الطرف الإداري يقول أنّ المرابيح قد تراجعت دون تقديم وثائق رغم أنّ “شمس” ظلت تقريبا في كلّ الفترات الإذاعة الثانية في نسب الاستماع، وهو ما يجعلنا نطالب الحكومة بكشف حقيقة الوضعية المادية بالمؤسسة”.

إنّ الوضعية التي تعيشها العديد من المؤسسات المصادرة على اختلاف اختصاصاتها، والتي تعاني من الإفلاس وسوء التصرف المستمر والمتفاقم مع الاستكانة المريبة للحكومة وعدم وجود إجراءات جدية للتحرك لتغيير الوضع يؤدّي بهذه المؤسسات إلى الوصول إلى الإفلاس ثمّ التفويت فيها بأبخس الأثمان.

وما يبدو في ملف “الإذاعة الثانية” في نسب الاستماع قد يدعو إلى تذكّر استراتيجية عسكرية تسمّى “سياسة الأرض المحروقة”  تقضي بإحراق كلّ ما يمكن أن يفيد العدو على الميدان، كما كانت تشير سابقا في معناها إلى إحراق المحاصيل الزراعية وكذلك تدمير كلّ البنى الأساسية كي لا يتسنّى للعدو الاستفادة منها، فالتفويت بسهولة في مؤسسة قادرة على المنافسة بفضل صحفيين وأعوان أكفاء يبدو مريبا عوض تطويرها والحفاظ عليها، فلمصلحة من سيمرّ هذا التفويت؟

حاتم بو كسره

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×