الرئيسية / الافتتاحية / في اليوم العالمي للاّجئين : نصف سكّان سوريا لاجئون
في اليوم العالمي للاّجئين :  نصف سكّان سوريا لاجئون

في اليوم العالمي للاّجئين : نصف سكّان سوريا لاجئون

بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لللاّجئين الذي يوافق الـ20 من جوان من كل سنة، قدّمت الأمم المتحدة أرقاما مفزعة. حيث أفاد تقرير الإحصاء السنوي للمفوضية العليا للاّجئين أنّ عدد النازحين واللاّجئين في العالم قد سجّل رقما قياسيا جديدا، حيث تجاوز لأول مرة في التاريخ الستين مليونا، أي ما يعادل سكان بريطانيا. وجاءت سوريا في المرتبة الأولى تليها كولمبيا ثم العراق.

Untitled-2

 يفعلها الكبار ويتحمّل تبعاتها الصّغار

ارتفاع عدد اللاجئين في السنوات القليلة الماضية سببه بالدرجة الأولى الحروب التي تشعلها القوى الامبريالية والنزاعات الطائفية التي تغذّيها هذه القوى. وتمثّل منطقة الشرق الأوسط الغنية بثرواتها الطبيعية والتي يتمركز فيها الكيان الصهيوني أكثر المناطق اشتعالا بسبب الحروب والنزاعات الطائفية. وهذه الحروب ليست بطبيعة الحال قضاء وقدرا. بل هي نتاج للسياسات الاستعمارية التي ما فتئت تنتهجها القوى الامبريالية حيال هذه المنطقة لنهب ثرواتها وتحطيم كياناتها حتى تبقى دولا متخلفة يسهل نهبها ولا تشكّل أيّ خطر عسكري على الكيان الصهيوني، الذراع الطويلة للامبريالية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما حصل مع العراق منذ مطلع التسعينات، حيث تعرّض هذا البلدإلى حصار ظالم ثم لغزو بربري واحتلال غاشم ليتحول بذلك من دولة قوية إلى دولة متخلفة ترزح تحت الاحتلال وتمزّقها الصراعات الطائفية، وهو ما دفع بأكثر من أربعة ملايين عراقي إلى مغادرة البلاد.

ثم جاء دور سوريا ليقع التآمر عليها وتحويلها إلى ساحة حرب تتقاسمها القوى العظمى وترتع فيها العصابات الإرهابية المدعومة إقليما ودوليا. ولأنّ سوريا مثلها مثل العراق تشكّل في نظر القوى الامبريالية خطرا على الكيان الصهيوني ومتهمة بدعم المقاومة ضد هذا الكيان في فلسطين المحتلة وفي لبنان، فإنّ نصيبها كان الدمار الشامل في محاولة لتحطيمها وتحويلها إلى دولة ضعيفة ومفككة لا تشكّل أيّ تهديد للكيان الغاصب. ودفعت سوريا نتيجة هذه السياسات العدوانية والتآمرية ثمنا باهظا لتحتل المرتبة الأولى في عدد اللاجئين والنازحين بـ11 مليون 700 ألف ما يساوي أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 23 مليون.

 الدّول المتطوّرة ترفض استقبال اللاّجئين

على عكس ما يعتقد البعض فإنّ غالبية اللاّجئين لا يلجؤوون إلى الدول المتقدمة في أوروبا وأمريكا بل يضطرون إلى اللجوء في الدول الفقيرة. فقد أفاد تقرير الإحصاء السنوي للمفوضية العليا للاّجئين الصادر في العشرين من هذا الشهر أنّ 86 بالمائة من اللاّجئين في العالم استقبلتهم بلدان مصنّفة ضمن “البلدان النامية” مثل تركيا وباكستان ولبنان، في حين لم تستقبل البلدان الصناعية الكبرى سوى مليون واحد و600 ألف لاجئ أي بنسبة ضعيفة جدا لا تتعدى 2.45 بالمائة.

هذه الأرقام تؤكد مرة أخرى بربرية ونفاق القوى الامبريالية التي تُعتبر السبب الرئيسي في ارتفاع عدد اللاّجئين في العالم. فهي التي تفجّر الحروب الظالمة وتغذّي النزاعات الطائفية وتبيع الأسلحة للجماعات المتحاربة وتدعم الإرهاب سرا وعلنا وتعتدي على الدول الفقيرة والضعيفة وتنتهك سيادتها وتضطهد شعوبها وتنهب ثرواتها وتفقّرها عبر سياسات التداين… هذه القوى ترفض تحمّل تبعات سياساتها العدوانية تجاه الدول الفقيرة وتمنع اللاّجئين الفارين من الاضطهاد من اللّجوء على أراضيها ومع ذلك تشبعنا كلاما معسولا صباحا مساء عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقّ الشعوب في تقرير مصيرها…

الشّعوب الأوروبيّة تتحرّك

على خلاف الأنظمة فإنّ الشعوب الأوربية بقيادة مكونات المجتمع المدني من جمعيات حقوقية وإنسانية ونقابات مهنية وأحزاب يسارية وغيرها بدأت منذ مدة بالتحرك لدعم قضية اللاّجئين وخاصة قضية اللاّجئين السوريين الذين مازالوا يتدفّقون على أوروبا في هجرة سرية جماعية معرّضين حياتهم وحياة صغارهم إلى الخطر.

آخر هذه التحركات جاءت من إسبانيا يوم الأحد 19 جوان الجاري بمناسبة اليوم العالمي للاّجئين حيث احتشد آلاف المتظاهرين رافعين شعارات تدعم قضية اللاّجئين وتندّد بالسياسات الأوروبية ضدّهم. ومن أهمّ هذه الشعرات:”افتحوا الحدود لهم، نريد أن نستضيفهم”، مطالبين السلطات الأوروبية فتح حدودها أمام المهاجرين.

وسار آلاف المتظاهرين في شوارع برشلونة شمال شرق إسبانيا، وفي مقدمتهم رئيسة بلدية برشلونة آدا كولاو التي تنتمي إلى “حركة الغاضبين” التي أطلقت في سبتمبر الماضي فكرة “المدن الملاجئ”. وكانت مدن أوروبية قد شهدت في شهر سبتمبر من العام الماضي مسيرات مؤيدة لاستقبال اللاّجئين، في وقت أعربت فيه العديد من الدول الأوروبية عن رفضها لنظام الحصص الإلزامية الذي تطالب به برلين وبروكسل.

وقد شارك في هذه المظاهرات عشرات الآلاف في لندن، وبرلين، ومدريد، والعديد من المدن الأخرى في أوروبا التي يصل إليها اللاّجئون أحيانا في ظروف مروعة بالإضافة إلى مخاطر الرحلة، مثلما هو الحال في هنغاريا..

 عبد الجبار المدوري

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×