الرئيسية / أقلام / سوريا بين انتصارات المقاومة وتآمر القوى الاستعمارية
سوريا بين انتصارات المقاومة وتآمر القوى الاستعمارية

سوريا بين انتصارات المقاومة وتآمر القوى الاستعمارية

تجري الرياح في سوريا بما لا تشتهيه سفن القوى الاستعمارية والرجعية الاقليمية التي راهنت على الارهابيين وعلى الفتنة الطائفية لضرب الدولة السورية وتفكيكها إلى دويلات كردية وسنية وشيعية في إطار مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي يهدف إلى ضمان أمن الكيان الصهيوني والسيطرة اكثر فاكثر على ثروات المنطقة الغنيّة بالبترول والغاز.

الصراع الذي استمرّ لأكثر من 7 سنوات اخذ منذ بداياته طابعا دوليا واقليميا. أكثر من جهة وقوة استعمارية دخلت على الخط وشغلت هذه المجموعة أو تلك لصالح اجندتها.لكن تباين الاهداف واستحالة التوصل الى حلول توافقية  رجح الكفة لفائدة الحل العسكري على حساب الحل السياسي ما ادى الى مزيد الدمار والتقتيل وتشريد الملايين من ابناء الشعب السوري من مختلف الاطياف.

التدخل الروسي الإيراني بمعية حزب الله رجح الكفة لصالح النظام السوري فتتالت هزائم الارهابيين ومشغليهم في حلب ودير الزور واخيرا في غوطة دمشق.وعاد الحديث بقوة عن اعادة الاعمار وبناء ما دمرته الحرب بالتزامن مع عودة اللاجئين إلى قراهم وبلداتهم بعد تحريرها من الإرهابيين. وسقط مطلب رحيل الأسد عن السلطة باعتباره رمز النظام وواجهته الأساسية..

لكن مناورات القوى الاستعمارية بقيادة الولايات المتّحدة الأمريكية بعد صعود الفاشي دونالد ترامب إلى كرسي الرئاسة والكيان الصهيوني الذين استهدفوا في أكثر من مناسبة مواقع الجيش السوري في دير الزور والشعيرات ومولوا الارهابيين وحموهم ومكنوهم من فرص استرد الانفاس وعكس الهجوم من جهة وتدخل الجيش التركي في شمال سوريا بدعوى محاربة الارهاب الكردي من جهة اخرى شوشت على انتصارات الجيش السوري وفتحت الباب من جديد امام امكانية التصعيد العسكري على حساب السلم والاستقرار والحل السياسي.

سوريا أرض الصّراعات متعدّدة الأوجه

الصراع في سوريا له عدة ابعاد فهو من جهة صراع بين السنة والشيعة ومن جهة أخرى بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وفي نفس الوقت صراع بين الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين وأجزاء من سوريا ولبنان والمقاومة بطرفيها الفلسطيني واللبناني.لكن هذا الصراع متعدد الأوجه اتجه مع مرور الوقت نحو مزيد التبسيط بتشكل المحور الروسي الايراني السوري في مواجهة المحور الأمريكي الصهيوني المسنود من الرجعية الاقليمية.

ويمكن القول ان النظامين السعودي والتركي خسرا مجمل اوراقهما في سوريا مع عودة هذا الاخير من بوابة عفرين في الشمال السوري مثلما سقطت رهانات الكيان الصهيوني الداعم للقوى الظلامية (جبهة النصرة وداعش) وفي نفس الوقت اشتداد عود المقاومة التي توفرت لها كميات هائلة من الأسلحة المتطورة الى جانب تمرسها على القتال في اوضاع مختلفة فاصبحت تشكل خطرا حقيقيا على امن واستقرار الكيان الصهيوني.

هذه الصراعات باتت تاثر مباشرة في الساحة السورية وتتاثر بها في نفس الوقت.فالضربات الغربية على مواقع الجيش السوري تؤجج الصراع وتعيد الامل للارهابيين وللقوى الاقليمية الداعمة لهم. وتقدم الجيش على طريق تحرير المناطق والبلدات يربك القوى المعادية ويفرض عليها احيانا امرا واقعا جديدا.وفي هذا الاطار نفهم تصريح رئيس الولايات المتحدة عزمه سحب قوات بلاده من سوريا مشترطا بقاءها بالحصول على تمويلات من السعودية قبل أن ينفي البنتاغون فكرة الانسحاب…هذا الموقف ونقيضه يأشّر على حالة الإرباك الناجمة عن نجاحات وانتصارات المحور الروسي الإيراني السوري الذي بات المتحكم الأكبر في الوضع. لكنه مطالب بمزيد الانتصارات على الأرض لتثبيت هذا التحكم وفرض الحل السلمي.

الشعب السّوري يدفع الثمن

الشعب السوري بمختلف أطيافه هو الخاسر الأكبر من هذه الحرب العدوانية فهو الذي عاش التهجير وركوب قوارب الموت والتجويع والتشريد إضافة إلى الابتزاز والتوظيف. الملايين من السوريين نساء ورجالا شبابا وأطفالا قضوا في هذه الحرب القذرة.

سوريا بحكم موقعها الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية ومناخها الملائم باتت عرضة للابتزاز والهيمنة وهي خاضعة أكثر من أي وقت مضى لروسيا التي أقامت قاعدة دائمة في طرطوس والنفوذ الإيراني فيها بات ملموسا أيضا إلى جانب أطماع تركيا في الشمال ومحاولات الامريكيين إقامة قواعد دائمة في محافظة الحسكة وربما في مثلث التنف الاستراتيجي.

الدورة الاقتصادية عادت في حلب وفي مجمل المحافظات البعيدة عن بؤر الصراع. لكنها لا تحقّق التراكم الكفيل بتحقيق التنمية لأن المداخيل تذهب أساسا في اتجاه مقاومة الإرهاب ومواجهة القوى المتآمرة على سوريا على حساب عيش السوريين واستقرارهم وامنهم.

الشعب السوري بكل فئاته وأطيافه مطالب بمزيد التضحيات إلى حين دحر الإرهابيين وكل القوى المتآمرة على بلاده وإلى حين فرض الحريات السياسية والاستقلال الحقيقي والعدالة الاجتماعية.

بقلم علي البعزاوي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×