الرئيسية / رأي / هل يشكّل فيروس كورونا المستجدّ لحظة وعي مستجدّة للإنسانيّة للعودة إلى الاشتراكيّة كمنقذ حتميّ لها؟
هل يشكّل فيروس كورونا المستجدّ لحظة وعي مستجدّة للإنسانيّة للعودة إلى الاشتراكيّة كمنقذ حتميّ لها؟

هل يشكّل فيروس كورونا المستجدّ لحظة وعي مستجدّة للإنسانيّة للعودة إلى الاشتراكيّة كمنقذ حتميّ لها؟

محمد الهادي العفيف

إنّ البرجوازي الذي يصنع التّوابيت سيفرح لانتشار الطاعون. “ماركس”

توطئة لا بدّ منها

شكلت الاشتراكية العلمية والعلوم المتفرعة عنها نبراسا للإنسانية لحل التناقضات التاريخية لاستغلال الإنسان للإنسان المتراكم عبر الحفلات التاريخية للقمع والقهر الطبقي ومازالت رغم الهزّات أمل الإنسان في العودة إلى ماهيته، بتعبير ماركس.

لقد استطاعت الطبقات المسيطرة لا فقط في خوض الحروب وتقتيل الشعوب مستعملة جهاز الدولة كجهاز قمعي طبقي حريريا “ديموقراطيا” حينا، دمويا ديكتاتوريا حين تمسّ مصالحه الحيوية وأمثلة التاريخ تبرزها أودية دماء الشعوب المضطهدة والعمال والفقراء بل تعدّت ذلك لتسرق شعارات الاشتراكية وتفرغها من محتواها وحتى تحكم باسمها ..

غير أنّ حركة التاريخ تبقى حركة لولبيّة ولكنها تسير إلى الأمام. ورغم الآلام والتضحيات، فإنّ انتصار الإنسان حتمي وبه فقط يمكن أن يضمن استمراريته كنوع على الأرض ويبقى مجال عمل كلّ التوابيت للإنسانية التسريع بحركة التاريخ إلى الأمام عبر مراكمة الوعي لحين التقاء الأزمة الثورية بالعنصر الذاتي كتعبيرة سياسية طبقية قادرة على إدارة التغيير النوعي.

وددت أن أكتب في النظري عن بديهياته ولكن ضرورة حياتية باعتباره بوصلة غير أني في هذا النص المقتضب أودّ أن أعود إلى جائحة “الكورونا” كظاهرة أربكت حسابات الطغمة المالية العالمية ووكلائها.

الفيروس المُربك

منذ أواخر ديسمبر وبداية انتشاره بدأ الإرباك واضحا على دوائر الرأسمال العالمي في التّعامل معه وتأثيره على مصالحهم آنيا مرحليا واستراتيجيا، وتمظهر خاصة في:

– عودة صوت أعلى الديمقراطية الاجتماعية ومدى تدخل الدولة في الحفاظ على المؤسسات العمومية كحاجة ملحّة مقابل تراجع ظرفي لغلاة الليبرالية المتوحشة، ونجد ذلك في تونس بفضل القوى الديمقراطية والتقدمية والاتحاد العام التونسي للشغل.
– عودة مفاجئة للدول القطرية مقابل انحسار المجموعات الإقليمية إلى حدّ يهدّد بانفجارها، حالة ايطاليا والاتحاد الأوروبي.
– عودة القرصنة التجارية بفجاجة وخاصة للمستلزمات الطبية والتهديد باستعمال وسائل القوة المتوفرة بينهم.
– اشتعال الحروب بين دوائر الشركات الامبريالية للصيدلة والأبحاث الخ…
– توسّع نطاق الصراعات أمريكا والصين لحد التلميح بعسكرتها.

والخطر ما هو قادم

إيجابيّا وفي كلّ العالم اتضح أنّ الشعوب تلقّت رسالة الفيروس وبدأ يتّضح أنّ الإنسان لا يمكن أن يقاوم إلاّ موحّدا وأنّ حكّامها لا يفكّرون إلاّ في مصالحهم إلى حدّ التضحية بكبار السن والمرضى وإعادة الحياة لنظرية مالتيس عبر نظرية مناعة القطيع. وأعتقد أنه يجب البناء على منسوب الوعي والمساهمة في تراكمه.

تونس و”الكورونا”

رغم التسويق الإعلامي لحدود التفاهة من قبل الائتلاف اليميني الحاكم لنجاح وهمي في إدارة الأزمة لعدم انتشار الوباء بشكل كارثي نتيجة عوامل علمية لم يساهموا فيها. بل بفضل جهود القطاع الطبي وشبه الطبي العمومي العازمين على القضاء عليه والمجتمع المدني النشيط مراقبة ومساهمة، فإنّ بعض الملاحظات تفرض نفسها:

– كشف مدى هشاشة منظومة الصحة العمومية مقابل انكشاف منظومة القطاع الخاص الذي طالما راهنوا عليه.
– هرولتهم في توفير الاعتمادات المالية لجيوب الأجراء والمفقّرين مقابل غضّ النظر عن المتهرّبين والمهرّبين والفاسدين والاكتفاء بتصريحات إعلامية خجولة.
– مساعدات هزيلة ومهينة للمفقّرين والمهمّشين مقابل مئات المليارات لتعويض الأثرياء وتوفير الحماية القانونية لهم لضرب استمرارية الأجر والتأجير، وفي المقابل ارتفع منسوب الوعي لمواجهتهم وصل حدّ الاحتجاج الصريح: لا للتّعويض للفاسدين.
– تماهي الائتلاف الحاكم مع المشغّلين الاقليميين مع اختلاف مكوناته ومكونات مشغّليه والتباهي البائس بفتات إعاناتهم مقابل التّوجه بالوطن في محاور إقليمية قد لا يدركون عواقبه، ولكن تبعيّتهم المطلقة تُعميهم.
– شوائب الفساد التي ظهرت في بعض الصفقات، إضافة إلى تحويل المساعدات إلى علاقات زبونيّة الهدف منها الرشوة السياسية والانتخابية التي تمسّ من صدقيّة الانتخابات وتنزع عنها كلّ مشروعية هي أصلا مفتقرة لها.

ختاما أعتقد جازما أنّ الإنسانية ستتجاوز هذه الجائحة بفضل تكاتفتها ويبقى لها أن تواجه وثوريّونا جوائح الاستغلال الطبقي والقهر الوطني والهيمنة الامبريالية، وهي منتصرة بالضرورة وهذا الانتصار سنراهن إن كان بعيون غير أعيننا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×