الرئيسية / صوت الوطن / حكومة “الرّكشة” وشهيّة كتْم الأنفاس
حكومة “الرّكشة” وشهيّة كتْم الأنفاس

حكومة “الرّكشة” وشهيّة كتْم الأنفاس

عمّار عمروسية

تعيش البلاد منذ مدّة على إيقاع احتجاجات اجتماعيّة واسعة يتمحور أغلب فعاليّاتها حول مطالب أساسيّة دنيا يكفلها الدّستور الحالي ومقتضيات المواطنة الحقيقيّة.

فالقاسم المشترك للحراك منظورا إليه من زاوية المضمون أو الأشكال النضالية فعلٌ مشروعٌ ولا شُبهة حوله، فهو ردّة فعل عادلة من ضحايا سياسات القهر الاجتماعي والحيف الطبقي الذي زادت أثقاله على السّواد الأعظم من شعب تونس. ونهوض ضحايا “سيستام” الفساد والتّهميش الاجتماعي والجهوي من أجل الحقّ في الشغل عادلٌ، ومطالب تغيير المنوال التّنموي كذلك، ووقوف عمّال وموظفيّ المؤسّسات والمنشآت العموميّة ضدّ جريمة الخصخصة أكثر من مشروعٍ، تماما مثل معركة الأُجراء والموظفين من أجل الحقوق النقابيّة ومحاولات تصفيتها لتسهيل قضْم الأجور وجرايات المتقاعدين.

البلاد من الشّمال إلى الجنوب على صفيحٍ ساخنٍ كما يقال، وأفواه المحتاجين مفتوحة، وحناجر المتضرّرين تصدح كلّ يوم بمطالبها القديمة – الجديدة. وتتغذّى كلّ مشكلات وأوجاع النّاهضات والنّاهضين في مدن “تونس” وأريافها من خيارات الحكومات المتعاقبة التّي أخذت على عاتقها تحت ضوضاء “دقّان الحنك” عن الثورة والشعب مهمّات دهْورة الأوضاع وتعفينها في جميع المجالات والقطاعات والجهات.
إنّ حراك هذه الأيّام من الزّاوية الموضوعيّة هو حصادٌ منطقيٌّ لما زرعته الحكومات المتعاقبة وليس من المنطق في شيء عودة الحكّام الجدد إلى تشغيل الاسطوانة الممْجوجة من قَبيل “الورثة القديمة” و”ضِيق الوقت والانشغال على جائحة كورونا”.

فكلّ هذه الخزعبلات وقع استنزافُ مفاعيلها من قِبل حكومات ما بعد “الثورة” وأصبحت لدى قطاعات شعبيّة واسعة عناوينُ خديعةٍ وتفصّي من المسؤوليّة تفضحها أوّلا استمرار الحكّام الجدد في الخيارات المهلكة القديمة، وثانيًا سقوط أطراف الحكم في معارك بعيدة عن مصالح الشعب والوطن، وثالثا اتّساع الفجوة بين مؤسّسات الحكم والمحكومين.

الرّمال ساخنةٌ ومتّحركةٌ تحت منظومة الحكم الحاليّة، وفرضيات انفجار الأوضاع واردةٌ في كلّ حينٍ ولحظةٍ، وجميع المتّنفذين يتحصّنون بالصّمت إزاء حراك طالبي الحقوق، يمارسون لعبة التّعويل على الوقت لإنهاك الحراك وفكّ التعبئة في انتظار المرور إلى خنق الاحتجاجات بالقوّة الغاشمة.

فوقائع الاعتداء الهمجي على الوقفة الاحتجاجية لأصحاب الشّهائد المعطلين عن العمل بقيادة منظّمتهم صبيحة 10 جوان على بعد أمتارٍ من “مجلس النّواب”، وقبله بيومٍ الاعتداء على خرّيجي معاهد التربية البدنيّة أمام وزارة الشباب والرّياضة، وفكّ اعتصام الأساتذة النّواب أمام وزارة “التربية” مساء 11 من الشهر الجاري تثبيتٌ لخيار تجريم الحراك الاجتماعي من فريق “الفخفاخ” ذاك النّزوع الذي أطلّ برأسه من قبْلُ في جهة “قفصة ضمن موجة تنمّرٍ متفرّقة ضدّ نشطاء كثر في جهات مختلفة مثل قابس، القيروان، صفاقس، العاصمة الخ..

لقد برزت المقاربة الأمنية الغليظة فجر هذا اليوم ضدّ معتصمي بلدة “المكناسي” وليس مستبعدا أن يتكثّف اللّجوء إلى مثل هذا الخيار الأرْعن والمُفلس.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×