الرئيسية / صوت الوطن / شبيبة الصّدور العارية وقبضة السّلطة الغليظة
شبيبة الصّدور العارية وقبضة السّلطة الغليظة

شبيبة الصّدور العارية وقبضة السّلطة الغليظة

عمار عمروسية

مثلما كان متوّقعا لم تتأخر حكومة السيد “المشيشي” في لعب ورقة القمع السّافر لوأد الحركة الاحتجاجيّة الناشئة في بلادنا.

فحكومة الإخفاقات المتواصلة بدعم من حزامها السيّاسي الغارق حتّى العنق في الفساد والتبعيّة الذّليلة والمشبع حدّ التّخمة بالعداء للحقوق والحريّات سارع إلى تنشيط جميع أذرع ماكينة البطش والتّنكيل بهدف نشر الخوف والرّعب ضمن شبيبة القهر وقطع الطّريق أمام تنامي الحركة الاحتجاجيّة وخلق فراغات حولها توقف اتّساع قاعدتها الاجتماعيّة وانتشارها الجغرافي.

فأذرع “السيستام” مجتمعة لعبت ومازالت تمارس وظائفها القمعيّة المتوحشة ضمن مقاربة وحيدة تدور في فلك الأجوبة العنيفة لكلّ المشكلات الاجتماعيّة.

فالأذرع الإعلاميّة والسيّاسيّة والأمنية وكذلك القضائية الخ… اندفعت بوتائر منفلتة عن جميع الضوابط الدّستوريّة والقانونيّة وبطبيعة الحال الإنسانيّة لتأمين منظومة الحكم المافيوزي التي أدخلت البلد والشعب في دائرة أزمة شاملة وعميقة غير مسبوقة.

ماكينة السيستام القهريّة وزّعت أدوار البطش بين مختلف مكوّناتها وحدّدت مواقيت تشغيلها وفق خصوصيّة كلّ واحدة.
فقصف العقول وتشويه الحراك له ذراعه الذي يفتح الطّريق مباشرة لتشريع سطوة مؤسستي البوليس والقضاء.
فنهوض ضحايا التّهميش والاحتقار إن بالليّل أو النّهار من أجل نفض الغبار عن مطالبهم المشروعة والعادلة أحال على الفور الطّغمة الحاكمة وخدمها إلى مفردات قاموس الاستبداد وممارسات الدكتاتورية.

فالمحتّجين مهما كانت أعدادهم في الظلام أوتحت الشّمس “شرذمة” و”كمشة مارقين عن القانون”، والغاضبون والغاضبات أيّا كانت أعمارهم “صبية متهورون”وجب تأديبهم!!!

فكلّ الحراك الذي تعدّدت مساحاته وتنّوعت بعض روافده الاجتماعيّة وتبلورت مطالبه ليس سوى أعمالا تخريبيّة وفوضويّة تقع تحت طائلة العقاب!!!
لقد أثمر هذا المنطق حصيلة ثقيلة من الموقوفين تجاوزت 1500 فرد ثلثهم من الأطفال القصّر إضافة إلى سقوط شهيد بسبيطلة (هيكل الراشدي) وعشرات الجرحى أبرزهم التّلميذ أيمن محمودي.

فالحراك وفق منطق الحكم مهما كانت مطالبه وأيّا كانت وسائله مرفوض ومدان وهو أمر تأكدّ من خلال التّنكيل ببعص المدوّنين ومحاولات التضييق على الإعلاميّين.
فالإستدارة الأمنيّة الغليظة ومحاولة فرض صمت القبور هي الحلّ الوحيد عند عصابة الحكم ويتأكدّ الأمر من أسلوب التّعاطي مع الحراك النّهاري بالعاصمة وبعض المدن التّونسيّة. فارتباط الحركة الاحتجاجيّة العفوية بعناصر الوعي نقل إسطوانة الحكم وخدمه إلى فصل آخر من قاموس الاستبداد المألوف الذي يدور حول “احترام الشرعية الانتخابيّة” و”التّوظيف السياسي”!! والنّعيق حول دور اليسار وخصوصا حزب العمّال في الاحتجاجات.

أخطر من كلّ ماسبق وبالتّزامن مع استمرار الحراك وإمكانيات اتّخاذّه سياقات جديدة وآفاق أرحب بشريّا وسياسيّا نقلت حكومة “المشيشي” وسندها الأساسي “حركة النهضة” دوائر المواجهة إلى ساحات إقحام الميليشيات الحزبية (دعوة الهاروني) وتسريح بعض النقابات الأمنيّة المرتبطة بدوائر تكفيرية متطرفة (تجمع أمنيين بصفاقس).

فالأيّام القادمة حبلى بالجديد الذي سيسهم في إفشال جميع حسابات المنظومة الغارقة في أزمات أقطابها المتناحرة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×