الرئيسية / صوت الوطن / حرب القصور وهدير الشوارع
حرب القصور وهدير الشوارع

حرب القصور وهدير الشوارع

عمار عمروسية

تواصل الفعاليات السياسية والحقوقية والاجتماعيّة الدّيمقراطية والتّقدّميّة نهوضها ضدّ منظومة الحكم المهترئة والمافيوزية.
تسارع تلك القوى خطوات إعادة بناء ذاتها وتوحيد صفوفها تحت سطوة استدارة بوليسيّة تلامس عودة الدولة الديكتاتوريّة التي أطلّت برأسها في وجه الحراك الاجتماعي منذ ساعاته الأولى.
سبت شهيد الوطن “شكري بلعيد” هذا اليوم ومارافقه من مسيرات وتجمعات في أكثر من مكان (العاصمة، صفافس، سوسة، قفصة…) كان جولة جديدة من معركة أنصار الحرّية ضدّ أعدائها الماسكين بمقاليد السلطة.
فسبت الشهيد في ذكرى اغتياله الثامنة بما رافقه من زخم شبابي وشعبي أجبر آلة البطش والتّنكيل على الانكفاء والتّخفّي وراء مقولة ضبط النّفس الذي تخلّلته بعض شهوات الاعتداءات التي طالت عددا من المحامين والنشطاء بالعاصمة.
حشود يوم الشهيد أسقطت كلّ الحواجز الحديديّة وأعادت إلى شارع الثورة ألقه ووهجه. هتفت حناجر الغاضبين غير بعيد عن وزارة الدّخلية منادية بإسقاط المنظومة ومحاسبة كلّ الظالعين في جرائم الاغتيالات والإرهاب.
أصوات التائقين والتائقات إلى الديموقراطيّة والحرّيّة تعالت كما يليق بحكم المافيات وامتزجت بشعارات الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة التّي تدحرجت إلى مستويات مفزعة زيادة عن مخاطر تعميق تدهورها في قادم الأيام ضمن ما يُعرف بالإصلاحات الهيكلية التّي تخفي وراءها شروط وإملاءات صندوق النّقد الدّولي.
هذا السبت تكلّمت شوارع البلد في أكثر من مدينة ضمن الحراك الاجتماعي المستمرّ وصمتت بنادق إطلاق الغازات المسيلة للدّموع وأعادت إلى الواجهة في كلّ مكان قضيّة إطلاق سراح موقوفي الاحتجاجات وتخليصهم من غياهب السّجون التي ابتلعت المئات بمحاضر أبحاث مستنسخة وتهم ملفقة.
شوارع الغضب قالت كلمتها ومازالت تلتقط أنفاس روادّها للمحافظة على جذوة المقاومة وتطوير هديرها. غير أنّ منظومة الحكم وخصوصا مؤسساتها السياسيّة مازالت غارقة في معاركها التي لا تتجاوز حدود حساباتها الضيّقة المرتبطة رأسا بالحكم ومغانمها حاضرا ومستقبلا.
قصور الحكم الثلاث تمارس ألعابها الخطرة على الوطن والشعب بعيدا عن جحيم الويلات التي يكتوي بها الأغلبيّة السّاحقة من شعب تونس الذي يداهم شرائح واسعة منه شبح الفقر والمجاعات زيادة عن مخاطر وباء كورونا الذي تجاوزت ضحاياه 7 آلآف.
بارونات الحكم في قصورهم يستلذّون غرق البلاد والعباد في نفق غير مسبوق ينذر بتفكّك الدّولة وخراب ماتبقّى من اقتصادها ونسيجها الاجتماعي.
أقطاب الحكم الأساسيّة توغل في معارك لا تنتهي مدارها الأولّ والأخير مصالحها الخاصّة والضيّقة غير مكترثة لما يعتمل داخل المجتمع.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×