الرئيسية / القضية الفلسطينية ماي 2021 / أرى فلسطين تمشي في الشّوارع
أرى فلسطين تمشي في الشّوارع

أرى فلسطين تمشي في الشّوارع

حبيب الزموري 

” أرى (فلسطين) تمشي في الشوارع
..
تتحدى وتصارع
..
وسط الزحمة تمشي
وسط العتمة تمشي
وسط الهجمة تمشي
..
أرى (فلسطين) تمشي في الشوارع
بحديد المعامل
وحصيد المزارع
ورغم الليالي
ورغم المواجع
أرى (فلسطين) عالية
ولا تتراجع”.

وأراك معها رفيقي الطاهر تمشي “مرفوع الجبهة فارع” كي تسمح لي باقتباس كلماتك الهادرة والتصرف فيها للتعبير عمّا يتأجّج في صدور التونسيات والتونسيين من مشاعر متلاطمة تنتظر أن تتحول إلى سيل هادر يجرف ما أفنيت عمرك القصير في مقاومته.

استبسل التونسيون والتونسيات خلال اليومين الأخيرين في تحمّل همومهم ومعاناتهم اليومية وفتح فسحة لفلسطين في ظل أزمة سياسية واقتصادية وصحية خانقة تفنّنت الأحزاب الحاكمة في تعميقها وتعميق معاناة التونسيين معها، حيث هبّت التونسيات والتونسيون لمساندة فلسطين النازفة وهم النازفون بدورهم مرارة من أوضاعهم المعيشية القاسية. فليس أحنّ على الجرح النازف من صنوه النازف. أليست هي الجمرة نفسها التي تدوسها أقدام الشعوب العربية المضطهدة منذ عقود حتى وإن تفاوتت شدة حرارتها من هنا إلى هناك.

هبّ التونسيون والتونسيات من بنزرت إلى مدنين مرورا بالعاصمة تونس وسوسة والمنستير وصفاقس وماجل بلعباس وقفصة وقبلي… دعما وانتصارا لصمود الشعب الفلسطيني أمام العدوان الصهيوني والتواطؤ العربي والدولي وأعادوا قضية سنّ قانون يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى الواجهة من جديد لتجد القوى الرجعية العميلة نفسها في الزاوية مرة أخرى. فلئن تمكّنت في مناسبتين من تسويف هذا المقترح والالتفاف عليه بشتى أنواع الأكاذيب والمغالطات خدمة لأسيادهم من القوى الامبريالية الأوروبية والأمريكية فإنّ هامش هذا التلاعب بمشاعر الجماهير يضيق أكثر فأكثر وتنكشف برامجهم وسياساتهم الحقيقية المعادية لقضايا الشعوب الحقيقية. لن تستغرق الشعوب العربية وفي مقدمتها الشعب التونسي طويلا لتكتشف أنّ المساندة والانتصار للقضية الفلسطينية ينطلق من الانتصار على الأنظمة الرجعية العميلة التي ارتكبت أفظع الخيانات في حقّ القضية.

لقد عبّر التونسيون والتونسيات عن أرقى مشاعر التضحية ونكران الذات بالقفز فوق معاناتهم اليومية وقسوة ظروفهم المعيشية لتلبية نداء الواجب القومي والإنساني وهم مستعدون بلا ريب لتقديم مزيد من التضحيات في سبيل القضايا المبدئية متى تحرّرت من تحكّم القوى الرجعية والعميلة في دوائر القرار التي زجت بشعوب المنطقة في نفق التطبيع والتسويات والحلول الانهزامية والاستسلامية.

المجد للمقاومة، هذا الشعار الذي رفعه الفلسطينيون والحركة الوطنية اللبنانية المحاصرة سنة 1982 في بيروت في مساحة لا تتجاوز الـ25 كم مربع والذي عملت الحركة الصهيونية والرجعيات العربية مدعومة من القوى الامبريالية على طمسه وفسخه من ذاكرة الشعوب. ولكنّ الشعوب العربية، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، لا تفوّت الفرصة دون أن تنفخ من روحها في هذا الشعار من جديد فَعَلاَ صوت المقاومة وخرست أصوات العمالة والتطبيع.

فالمجد للمقاومة في كل شبر من فلسطين وفي كلّ شبر من البلدان العربية المنكوبة بحكومات مطبّعة ومعادية لشعوبها التواقة للتحرر والانعتاق.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

إلى الأعلى
×